صراع متجدد وحرب متشابكة.. الحل في ليبيا بأبنائها أم على حساب وحدتها؟
على مدار أكثر من 11 عاما شهدت ليبيا تحولات سياسية كبيرة كانت لها تأثيرات خطيرة على حياة الشعب الليبي وظروفه الاقتصادية والاجتماعية، بخلاف الأوضاع الأمنية الخطيرة التي لم تنجح الجهود الدولية في حلها حتى الآن، خاصة المرتزقة.
تلك الأزمة تطرح سؤالا هاما في الأوساط السياسية الدولية، وهو هل سيكون مصير ليبيا هو نفسه السودان ويتجه نحو الانقسام بين الشرق والغرب، أم أن روح عمر المختار ستتجدد في دماء أبناء الصحراء وتتوحد سياسيا واجتماعيا وعسكريا من جديد؟، للإجابة على هذا السؤال كان لابد من البحث وراء أسباب تلك الأزمة التي لا تهدد ليبيا فقط بل تهدد الدول المجاورة وأخرى لها مصالح قوية، مع طرح حلول عبر مسؤولين وباحثين وخبراء في مختلف المجالات.
الإخوان وبداية الأزمة الليبية والحرب بين الأشقاء
أزمة ليبيا السياسية لم تكن وليدة الأشهر الماضية بل هي قديمة متجددة في ظل انسداد سياسي تعيشه البلاد نحو عقد من الزمان مر خلاله الليبيون بمراحل متعددة قسمت البلاد لأطراف متناحرة على مناطق نفوذ، فمنذ سقوط نظام القذافي في عام 2011 يواصل سياسيو بلاد عمر المختار رفضهم وتعنتهم المتكرر لتنفيذ خرائط طرق وضعت برعاية أممية تارة وبأنفسهم تارة أخرى، فكانت بداية الانسداد السياسي عقب انتهاء انتخابات مجلس النواب عام 2014، والتي أسفرت عن تشكيل المجلس الحالي وخروج الإخوان والمواليين لهم من صدارة المشهد ومن المجلس بشكل عام.
وبدأت أذرع الإخوان في الانقلاب على مجلس النواب وبدأت مواجهات بين الأطراف السياسية ما أدخل البلاد فيما يمكن وصفه بأنها حرب أهلية أودت بتقسيم سياسي للبلاد نشأت على إثره حكومة في الغرب وتحديدًا بالعاصمة طرابلس حملت اسم حكومة الإنقاذ، وحكومة شرقية بتأييد من البرلمان الذي اتخذ من طبرق شرق البلاد مقرًا له، وتبدأ بذلك ليبيا في انقسام شرقي وغربي، سرعان ما تطور إلى حد الاحتكام إلى السلاح، فحكومة الإخوان في الغرب حينها استمرت برعاية تركية وقطرية، وبدعم قوي من قبل واشنطن، فيما واصل الجيش الوطني الليبي المحافظة على آمال لتوحيد البلاد من الشرق بدعم عربي.
ذلك ما أكده رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية والخبير في الجماعات الإسلامية بليبيا جمال الفلاح، مضيفا أنه بداية من ثورة 17 فبراير 2011 على نظام القذافي، كان هناك صراع بين تياري الإسلام السياسي والمدني، وبدأت حينها الأحزاب والحركات الإسلامية المتمثلة في جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة وحركات صغيرة، في الحصول على قوة سياسية وعسكرية – جزء منها ما زال موجود- للصراع على الدولة وصبغ شكل الدولة بمفهوما الإسلامي السياسي خلال الفترة من 2011 وحتى 2013، الأمر الذي تسبب في دخول البلاد في حروب متشابكة.
الفلاح يوضح لـ القاهرة 24، أن هذه الحركات تمكنت خلال تلك السنوات من الهيمنة على السلطة وعلى المناصب السيادية التي باتت تمثل ملاذ لها في الوقت الحالي للبقاء على الساحة الليبية، إذ أصبحت تتحكم في مصرف ليبيا المركزي، وسابقًا في المؤسسة الليبية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار الخارجي، مبينًا أن تأثيرها الحالي أصبح بلا زخم حقيقي وأصبح وجودها يقل سياسيًا، في ظل إستمرار بعضها عسكريًا.
هل يُقاتل الجيش الليبي نفسه؟
لم تقتصر الأزمة الليبية على الصراعات السياسية، لكن أيضا امتدت إلى المؤسسة العسكرية التي شهدت حسب مراقبين انقسامات واضحة خلال الفترة الماضية، إذ دخلت البلاد حينها حربًا ضروسًا أسفرت عن استعانة الحكومة المتواجد في الغرب بالقوات التركية، والضغوط السياسية الأمريكية، لكبح جماح الجيش الوطني في الوصول إلى العاصمة طرابلس بعدما أعلن عن شنه عملية الكرامة للمحافظة على وحدة البلاد، وتسبب التدخل التركي في رد الهجوم من قبل الجيش الوطني، ما استدعى تدخل القاهرة التي حذرت بالتدخل العسكري حال اقتربت القوات التركية والمليشيات من مدينة سرت الليبية.
يقول خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، إن ما يحدث في ليبيا منذ 17 فبراير 2011 هو نتاج ما أقدم عليه السياسيون، مؤكدًا أنهم – أي السياسيين- هم من خلقوا الصراعات المشتابكة في البلاد وتسببوا أيضًا في خلق العديد من المجموعات المسلحة والأجسام الموازية، خاصة عندما عمل الإخوان ومن تولوا الحكومات السابقة على خلق الحرس الوطني والمليشيات المسلحة، وسعوا إلى إضعاف الجيش والقضاء عليه بتقويم المليشيات على حساب القوات المسلحة.
المحجوب أوضح خلال حديثه لـ القاهرة 24، أن الجيش الليبي عاد عقب معارك ضروسة وبات قوة على الأرض تسعى لتنفيذ مهامها في تحقيق سيادة البلاد وإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة، مؤكدًا أن ذلك لن يتم إلا بتعاون العسكريين وتكاتفهم وإصلاح الوضع القائم بينهم في الوقت الراهن.
"القوات المسلحة لم تقاتل بعضها في أي وقت سابق سواء في الشرق أو الغرب والجنوب"، كان هذا رد المحجوب حول صراع المؤسسات العسكرية، مشيرا إلى أن ما حدث هو أن القوات المسلحة سعت خلال الحروب المتشابكة بالبلاد للقضاء على المجموعات المسلحة ومواجهة تدخلات الدول التي تسعى إلى إثارة الأزمة الليبية.
إدماج المليشيات في الجيش
وعلى مدار السنوات الماضية، كانت مسألة توحيد المؤسسات العسكرية من أهم الموضوعات المطروحة على طاولة الاجتماعات التي عُقدت في القاهرة وجنيف وغيرها، فحسب اللواء أحمد المسماري الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي فإن عملية الدمج في القوات المسلحة تأتي في إطار خطة شاملة لمعالجة ملف المليشيات، مؤكدا أن ذلك يكون وفقًا لشروط العمل في القوات المسلحة الليبية، من خلال لجنة التجنيد العسكرية في المناطق بشكل فردي، بأن يتم تفيكيك المليشيات وإدماجهم بشكل فردي في الجيش الوطني الليبي.
فشل الانتخابات وعودة الصراعات
ورغم الجهود الأممية لتهدئة الأوضاع في ليبيا إلا أن الأزمة تفاقمت لدرجة وصول تأثيراتها إلى الدول المجاورة خاصة القاهرة التي تعتبر فاعلا رئيسيا في حل تلك الأزمة، حيث كانت تحذيرات مصر على لسان رئيسها السيسي خطوة هامة لقلب الأوضاع نحو التهدئة، فقد أجبر إعلان القاهرة 2020، جميع الأطراف على الاجتماع لرسم خارطة طريق جديدة وضعت موعدًا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية عام 2021 الماضي، وكانت خارطة الطريق ذاتها بمثابة شهادة ميلاد لحكومة الوحدة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة أحد أطراف النزاع الحالي.
ومع تفائل المجتمع الدولي بقرب انتهاء الأزمة الليبية تفاقمت من جديد، مع إصدار مجلس النواب الليبي قانونًا للانتخابات 2021، ليعود الفرقاء السياسيين للصراع مجددًا في سعي منهم لتحييد الآخر عن السباق الانتخابي الذي اشتعل بأسماء مرشحيه، في قائمة ضمت 98 مرشحا أبرزهم المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي من الشرق، ومن الغرب ترشح طرفي النزاع الحالي عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، في حين ترشح نجل الزعيم الليبي الراحل سيف الإسلام القذافي، كممثل للجنوب والوسط، لتدخل العملية الانتخابية في العديد من المشكلات المعرقلة لها ويتم الإعلان عن تعذر إجرائها، وتظل الحكومة تحت قيادة الدبيبة.
دفعت تلك التطورات مجلس النواب الليبي برئاسة صالح إلى تحميل حكومة الدبيبة مسؤولية الفشل في إجراء الانتخابات ليتم إقالتها في مارس 2022، واختيار حكومة أخرى برئاسة فتحي باشاغا لتعود ليبيا إلى حالة الانقسام بين حكومتين، حيث تمسك الدبيبة بحكومته ورفض تسليم السلطة، فيما أصر باشاغا على تشكيل حكومته، ليشتعل غرب ليبيا بشكل غير مسبوق خاصة أن كلا الحكومتين يترأسهما شخصين من مدينة واحد، وهي مدينة مصراتة المعروفة بأنها ملجأ المجموعات والمليشيات المسلحة، لتدخل المدينة ذاتها انقسامًا بين المؤيدين والمعارضين لكلا الطرفين، مهددًا بإمكانية الانفجار والاحتراب في أي لحظة.
لكن "ما زاد الطين بلة"، هو خروج مطالب من الجنوب بتشكيل حكومة ثالثة يترأسها نجل القذافي، من مدينة سبها معقل سيف الإسلام القذافي في السنوات الأخيرة، لتتجه البلاد نحو انقسام ثلاثي ما بين شرق وغرب وجنوب، الأمر الذي تسبب في بلغ الاحتقان السياسي في البلاد ذروته، ليقول الشعب كلمته وإن كانت بصوت ليس بالمرتفع.
وأرجع عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي أحمد لنقي استمرار الانقسام السياسي في ليبيا إلى غياب هيبة الدولة المتمثلة في توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، مشيرا إلى عدم وجود انقسام حقيقي بين شطري البلاد لكن الانقسامات السياسية تم تغذيتها من قبل بعض الدول المتدخلة، إلى جانب استمرار تواجد الميليشات المسلحة في غرب البلاد و شرقها منذ الإطاحة بنظام القذافي، وإهمال توحيد الجيش و تسليحه و تجميع أفراده، بالإضافة إلى غياب الإرادة الوطنية السياسية الموحدة نتيجة اصطفاف بعض الدول خلف شخصيات ليبية بعينها تخدم مصالح هذه الدول، ترتب على ذلك عدم الاهتمام بمصالح الوطن وانتشار الفساد الإداري و المالي والجهوي والقبلي.
ورأى لنقي خلال حديثه لـ "القاهرة 24"، أنه مع فشل الأطراف السياسية الحالية بالبلاد في التوصل لاتفاق والخروج من عنق الزجاجة، سيتجه كثير من الليبيين نحو العودة لدستور الاستقلال الاتحادي لسنة 1951 وعودة النظام الملكي بالالتفاف حول شخصية غير محسوبة على أي من تلك الأجسام السياسية أو الأطراف لإنقاذ البلاد من التقسيم، مؤكدًا أن تقسيم ليبيا بعيد المنال كونه ليس في صالح الأمة العربية في المقام الأول، ولا في صالح القارة الافريقية.
وذكر عضو الأعلى للدولة أن بلاده أصبحت ورقة تستخدمها القوى الدولية والإقليمية في الصراع الدولي بسبب غياب الإرادة السياسية الوطنية، نتيجةً الصراعات الداخلية على المال العام ومركزية السلطة التنفيذية، وأن أي مبادرات تطرح لن تجدي نفعًا ومصيرها محكوم بالفشل في ظل عدم وجود حكومة تنفيذية موحدة قادرة على بسط سيطرتها مدعومة بجيش موحد خاضع لسلطتها، لتتمكن من تهيئة البلاد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة تنتهي بها الأجسام السياسية الحالية المتمثلة مجلس النواب والأعلى للدولة الذي يحكمهم الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات والمعترف به أمميًا.
هل ليبيا ورقة في صراعات العالم؟
وعلى الرغم من تصريحات لنقي، إلا أن إبراهيم الزغيد عضو مجلس النواب الليبي رأى عكس ذلك، مؤكدا أن ليبيا لم تكون يومًا ورقة يتم استخدامها ساحة الصراعات الدولية، بل دولة ذات سيادة مستقلة، مؤكدًا أنه سيتم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية واستفتاء على دستور باتت البلاد قريبة منه خاصة عقب الاجتماعات التي عقدت في القاهرة خلال عام 2022، والتي أسفرت عن نحو 99% من الدستور.
واعتبر الزغيد أن آمال الليبيين تحققت في اختيار حكومة بالتوافق بين المجلس الأعلى للدولة والنواب الليبيين، وهي الحكومة التي يترأسها فتحي باشاغا، والتي تواجه صعوبات في استلام مهامها من قبل حكومة الوحدة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، والتي تم اختيارها من قبل البعثة الأممية في جينيف وليس من قبل الليبيين.
وأكد عضو مجلس النواب الليبي، أنه لم يوجد أي تفكير من الأطراف السياسية الليبية والقوات المسلحة يسمح بتقسيم البلاد، مشيرًا إلى أن أطراف سياسية وجب انتهائها من بينها المجلس الأعلى للدولة "عندما كان مؤتمرًا وطنيًا" قبل أن يتم إحيائه في شكله الحالي من قبل البعثة الأممية في اتفاق الصخيرات، عقب تمسكه ببقائه، وأصبح شريك لمجلس النواب في الاستشارة، ما تسبب في تعطل العديد من الخطوات والقرارات الليبية بسبب عدم التنسيق والاتفاق على التصويت بين المجلسين.
صراعات ليبيا المتجددة بين أبناء البلد الواحد متسلحين بأطراف خارجية مختلفة تزايدت في الآونة الأخيرة ما بين حكومة الوحدة بقيادة الدبيبة، والتي ترفض تسليم السلطة لحكومة شرعية بقيادة فتحي باشاغا جرى اختيارها من قبل مجلس النواب بالتشاور مع الأعلى للدولة وصل حد تعطيل التصدير النفطي في الكثير من الأحيان من قبل المليشيات المسلحة الداعمة لهما، في ظل كون النفط رافدًا أساسيا لاقتصاد البلاد وحياة الليبيين اقتصاديًا.
تأثيرات خطيرة على اقتصاد ليبيا جراء الصراع
وحسب الدكتور سلميان الشحومي الخبير الاقتصادي ومؤسس سوق المال الليبي، فإن الاقتصاد تأثر بشكل دراماتيكي بالحروب والصراعات المتشابكة منذ 2011، خاصة بالوقوف المتكرر لعمليات التصدير وتعطل عملية التجديد والاستنثمار في البنية الأساسية للقطاع النفطي، مبينًا أن الأزمة السياسية في ليبيا ألقت بظلالها على الاقتصاد بجعله ورقة سياسية في الصراع المحلي والخارجي، خاصة البلاد أصبحت ساحة للتدخلات الخارجية للسيطرة على النفط من قبل روسيا وتركيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا.
وأوضح خلال حديثه القاهرة 24، أن كل تلك الأطراف تنظر إلى ليبيا عقب الأزمة الأوكرانية باعتبارها ذات أهمية عالمية كونها مصدر مهم للطاقة قريب من أوروبا، وجميعها – أي الدول السابقة- تعمل على تأمين مصادر الطاقة من ليبيا عبر الوصول إلى الاستقرار من خلالها لغرض الحصول على الطاقة للاتحاد الأوروبي، ما جعل ليبيا ورقة نفطية مهمة في الساحة الدولية.
وعلى الصعيد الداخلي توجد حالة من عدم الرضى في توزيع الإيرادات ما تسبب في ظهور بعض الشعارات التي تلقفتها أطراف دولية استخدمتها لضمان سيطرتها على منابع النفط الليبي بدعمها أشخاص بعينهم وفق الشحومي، الذي أكد وجود رفض محلي لذلك، وأنه ترتب على ذلك إعادة تشكيل مؤسسة النفط داخليًا، وإجراء توافقات بين الدبيبة والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، لإعادة تصدير النفط وفقًا لترتيبات ليبيا، مشددًا على أن النفط بات حاليًا في لب الأزمة الليبية إضافة إلى أزمة المصرف المركزي وكيفية إدارة الإرادات المالية والتصرف بها، في ظل تفرد الرئيس الحالي للمصرف المركزي بالإدارة، وتعطل عملية الدمج بين طرفي الشرق والغرب للمصرف على الرغم إن عملية المراجعة تمت من خلال مكتب دولي بإشراف أممي.
وتابع الدكتور سليمان الشحومي، أن الأزمة الاقتصادية في البلاد أثرت على مستوى المعيشة، وانه مالم يحدث استقرار سياسي لن تشهد البلاد استقرار اقتصادي ويتضح ذلك من خلال توجه غالبية الليبيين للعمل في الوظائف العامة ما يضعف النشاط الاقتصادي، وينعكس في خلق صعوبات أمام المواطن الليبي على مستوى معيشته، وأن ذلك بات واضحًا في تردي الكهرباء وتردي الخدمات التعليمية والصحية، ما يؤدي إلى صعوبة ممارسة الأنشطة والتنمية وخلق فرص عمل واضحة للشباب والباحثين عن عمل في ليبيا، ما ينعكس على مستوى المعيشة وتدهور مستوى المعيشة، كما يوجد موجات تضخم تضرب الاقتصاد بسبب عدم وجود معالجات واضحة من الدولة والبنك المركزي، في ظل تلاحظ أن الحكومات تستهلك أموال ضخمة للانفاق العام والتسيري، دون وجود سياسيات اقتصادية لحلول أزمة الأمن الغذائي الذي يواجه الكثير من التحديات.
وذكر مؤسس سوق المال الليبي أن أزمة المليشيات تطورت مع تطور الصراع وأنها استخدمت تهريب الوقود من خلال السيطرة على بعض المصارد النفطية لفرض وجودها وبسط تصرفاتها على باقي الاطراف الليبية، مجددًا تأكيده أن هذه المليشيات بحاجة إلى إعادة التنظيم، بسحب السلاح من المليشيات وأن يقتصر السلاح على القوات المسلحة الليبية فقط.
احتجاجات لإجراء انتخابات
"فاض بنا الكيل"، تلك كانت كلمات بارزة على لافتات آلاف المتظاهرين في ليبيا خرجوا في يونيو 2022 للمطالبة بخروج الأجسام السياسية الحالية من المشهد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة لمواجهة الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تطورت في ليبيا بعد سنوات من الصراع.
وأشعل متظاهرون النار في مبنى مجلس النواب في طبرق بعد تعثر مفاوضاته مع المجلس الأعلى للدولة لوضع قاعدة دستورية تجرى على إثرها الانتخابات الرئاسية.
وعقب بلوغ الأزمة أوجها، سارع العديد من الأطراف السياسية لطرح مبادرات أملا في عدم الوصول إلى الصراع المسلح، فجاء المجلس الرئاسي معلنا طرح مبادرة لإنهاء الأزمة، إلا أنه سرعان ما تواترت الأنباء برفض ليبي لها كونها ترتكز على إمكانية إنشاء نظام حكم اتحادي، ليعلن نجل القذافي بدوره عن مبادرة أخرى تطالب بخروج جميع السياسيين من بينهم سيف الإسلام نفسه من المشهد الليبي وإفساح الطريق لوجوه جديدة، كما أكد حفتر من جانبه وقوف الجيش الوطني الليبي إلى جانب الشعب في مطالبه.
يمر الوقت ويستمر فشل الأطراف الليبية في التوافق السياسي، ما يُهدد حسب خبراء إلى زيادة الصراع العسكري المسلح وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضرر الشعب الليبي، ليبقى السؤال عالقا، هل سيكون الحل في ليبيا بأبنائها أم على حساب وحدتها؟