حضر 3 وزراء من 22 دولة.. مقاطعة عربية لدعوة حكومة الدبيبة منتهية الولاية بليبيا | تقرير
صفعة مدوية تلقتها حكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية في ليبيا، بعزوف غالبية الدول العربية عن الحضور ممثلة في وزراء خارجيتها للاجتماع التشاوري الذي دعت له خارجية الدبيبة برئاسة نجلاء المنقوش، إذ استقبلت الأخيرة وزيري خارجية تونس والجزائر، إلى جانب ممثلين فقط عن قطر وفلسطين وسلطنة عمان التي حضر مندوبها الدائم بالجامعة العربية، والسودان وجزر القمر، وومثل الاتحاد الإفريقي، والمبعوث الأممي لليبيا.
في حين امتنعت بقية الدول عن الحضور للاجتماع التشاوري الذي عُقد برئاسة منتهية الولاية وفقًا لمجلس النواب الليبي، إذ لم يشهد الحضور تمثيلًا لأقل من نصف أعضاء الجامعة العربية، الأمر الذي يعد تأكيدًا لعدم شرعية الحكومة القابعة غرب البلاد والتي تواصل التشبث بالسلطة بالاستقواء بمليشيات مسلحة تؤيدها، الأمر الذي يزيد من ضرورة التوصل إلى توافق ليبي ليبي لوحدة السلطة التنفيذية في البلاد المأزومة منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، والمسارعة في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مأمولة لدى شعب أحفاد عمر المختار.
صفعة دولية على وجه حكومة الدبيبة
لا يليق بشخصيات سياسية تمثل الخارجية في عدة دول عربية أن تكون حاضرة اجتماعًا تشاوريًّا برئاسة وزيرة خارجية بحكومة منتهية الولاية والشرعية، هكذا يقول الدكتور عادل ياسين رئيس مجلس العلاقات الدولية في ليبيا.
وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الليبيين باتوا يتساءلون عما قدمته الحكومة منتهية الولاية وخارجيتها لليبيا في ظل استمرارها بتلقي أوامرها من تركيا ودول خارجية أخرى، مؤكدًا أنه لا يليق للدول العربية أن تكون برئاسة وزيرة خارجية تتبع لأوامر خارجية.
ووصف عادل ياسين العزوف العربي عن الاستجابة لدعوة الحضور للمؤتمر التشاوري في طرابلس بأنه موقف عربي مشرف يدل على الوعي السياسي بعدم المشاركة العربية في الانقسام الليبي مع طرف دون آخر، مبينًا أن دعوة نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بالحكومة منتهية الولاية يمكن وصفها بأنها مهزلة سياسية غير مسبوقة.
وعلى الصعيد الدولي، يوضح رئيس مجلس العلاقات الدولية في ليبيا أن امتناع غالبية الدول العربية وفي مقدمتهم مصر والسعودية والإمارات، يمثل صفعة دولية على وجه حكومة الدبيبة، وأن العالم سيتبين من ذلك بأن الحكومة لا تمثل ليبيا ومنتهية وسقطت شرعيتها، مستبشرًا بالتحركات الدولية الجارية للتوصل إلى حكومة جديدة موحدة يمكنها الوصول إلى الانتخابات المأمولة.
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أن عدم الاعتراف بشرعية الحكومة المتواجدة في طرابلس ليس عربيًّا فقط، إذ رفض وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، لقاء وزيرة خارجية الدبيبة العام الماضي، وامتنع عن النزول بمطار طرابلس عقب علمه بتواجدها لاستقباله، ووصفها بأنها غير شرعية، وأصرّ على مغادرة العاصمة الليبية باتجاه بنغازي.
الدول العربية لا تريد المشاركة في الانقسام الليبي
وبالعودة للاجتماع التشاوري، يرى جمال فلاح، رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، أن غياب الدول العربية عن الاجتماع التشاوري بطرابلس له مبرراته من بعض الدول التي ترى أن المشهد ما زال معقدًا ومنقسمًا وهذه الدول لا تريد أن تظهر في أي نوع من الانقسام.
وأضاف الفلاح في تصريحات لـ القاهرة 24، أنه بات ضروريًّا الخروج من الأزمة بحكومة توحد البلاد وتستطيع توفير الأمن في جميع أنحاء ليبيا، مشيرًا أن عزوف عدد من الدول العربية عن الحضور جاء بسبب الحالة الأمنية في طرابلس في ظل وجود مليشيات مسلحة.
وأوضح أن أغلب الدول تريد ألا تنخرط في الانقسام الليبي بدعم فصيل دون الآخر، كما حدث من تونس والجزائر بإعلانهما سابقًا دعمهم لحكومة الدبيبة، حتى تغيير السلطة من قبل المجتمع الدولي، مبينًا أن هناك مواقف واضحة كمصر ومواقف دول غامضة في انتظار إيجاد مخرج حقيقي لأزمة الانقسام بالوصول إلى سلطة تنفيذية واحدة، وهي ترى أن تأخذ مسافة واحدة لحين الوصول لقرارات دولية تنهي الانقسام.
حكومة الدبيبة تدّعي الشرعية بالدعوة للاجتماع العربي
في ذات السياق يصف أيوب الأوجلي، المحلل السياسي الليبي، أن ما حدث اليوم في طرابلس -الاجتماع التشاوري- يمكن تسميته بالمهزلة السياسية لحكومة الدبيبة لعدة أسباب من بينها: إظهار الحكومة منتهة الولاية عداءها للكثير من الدول العربية، وعدم قدرتها على خلق مناخ مناسب للتواصل مع الدول العربية.
وأضاف الأوجلي في تصريحات لـ القاهرة 24، أن حكومة الدبيبة منتهية الولاية أظهرت أنها لا تبحث عن وحدة ليبيا واستقرار البلاد، وإنما تبحث عن مصالحها فقط مع كل الدول وليس العربية فقط.
وتابع أن الحسابات السياسية مع حكومة الدبيبة قد تكون خاسرة في المستقبل القريب، خاصة أن تصرفات حكومة الدبيبة في بعض القضايا وضعتها موضع الشك بإقامة تحالفات قد تضر بمصالح الدول العربية سواء الجارة أوغيرها.
وأوضح أيوب الأوجلي أن تأثير فشل هذا الاجتماع سيكون له صدى كبير دوليًّا، فدعوة حكومة تدعي الشرعية لاجتماع تشاوري لوزراء خارجية العرب ويجري رفضه والامتناع عن حضوره بعدم الرد من الكثير من الوزراء يمثّل إحراجًا كبيرًا للدبيبة دوليًّا وليس عربيًّا فقط، وأن الاجتماع سيضع حكومة الدبيبة في مأزق إذا ما فكرت في استضافة حتى وفود صغيرة مستقبلًا، حيث ستواجه ردة فعل صادمة من المجتمع الدولي.
دعوة لانتظار دراسة الجامعة العربية القانونية
وكان حافظ قدور وزير الخارجية الليبية بحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب، قال: إنه جرى إرسال خطابات إلى جميع وزراء الخارجية العرب للامتناع عن الحضور إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب المقرر في طرابلس الأحد، لحين الفصل من قبل الجامعة العربية في أحقية ترؤس حكومة الدبيبة للاجتماع.
وأضاف قدور في تصريحات خاصة سابقة لـ القاهرة 24، أنه تم توجيه خطاب للجامعة العربية بشأن القرار الصادر من الجامعة في اجتماع وزراء الخارجية السابق في القاهرة، حول إعداد دراسة قانونية فيما يتعلق برئاسة ليبيا ممثلة في حكومة الوحدة منتهية الولاية للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية.
وشدد وزير الخارجية في حكومة باشاغا المكلفة من النواب الليبي، على أنه يجب انتظار قرار الجامعة العربية بشأن أحقية أحد الحكومتين في رئاسة الاجتماع وإقراره من قبل مندوبي الدول العربية بالجامعة، مؤكدًا أن الحكومة المكلفة ستمتثل للقرار المنتظر من الجامعة.
رسالة عربية لحكومة الدبيبة
فيما قال الدكتور محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي: إن نجلاء المنقوش وزير خارجية الدبيبة أثبتت أنها لاعلاقة لها بالسياسة ولا بالعمل الدبلوماسي؛ فدعوتها لانعقاد وزراء الخارجية العرب جلبت الإهانة لبلدها؛ لأن حكومة الدبيبة تعتمد في وجودها وعلاقاتها على قطر وتركيا وتناصب العداء لمصر والسعودية والإمارات وهي الدول المحورية في النظام الإقليمي العربي، بحسب قوله.
وواصل حديثه: العتب ليس على هذه الوزيرة، لكن العتب على كادر وزارة الخارجية الذين لم ينصحوها على ألا تخطو هذه الخطوة المهينة، مشيرًا إلى أن الوزيرة لم تكتفِ بهذه السقطة، بل ذكرت في مؤتمرها الصحفي أن اجتماع وزراء الخارجية العرب حضره النصف ولكننا مستمرون في السعي لانعقاد القمة العربية في طرابلس، معقبًا: إذا كانت حكومة طرابلس قد عجزت عن عقد مؤتمر لوزراء الخارجية، فكيف لها أن تنجح في عقد مؤتمر قمة عربية؟! وهذا الفشل يمثل رسالة قوية وواضحة من العرب بأن هذه الحكومة فاقدة للشرعية ولا تمثل الدولة الليبية.
حكومة الدبيبة منفردة
حكومة الدبيبة منتهية الولاية ذاتها، سعت في محاولة منها لحفظ ماء الوجه بإعلانها التحفظ على مواقف الدول العربية الحضور لاجتماع برئاستها، وذلك على لسان وزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، خلال مؤتمر صحفي حضرته بمفردها، وليس كما هو متعارف بحضور الأمانة العامة للجامعة العربية التي يعقد الاجتماع ذاته تحت مظلتها.