وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة: تمام الحمد في إتقان العمل والأخذ بالأسباب
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خلال خطبة الجمعة اليوم بمسجد السيدة نفيسة في القاهرة، إن الحمد في الأولى وفي الآخرة لله سبحانه، فهو المستحق للحمد بذاته ونعمائه، يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، حمد نفسه قبل أن يحمده خلقه، وحمده أنبياؤه والصالحون.
وأضاف الوزير: يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: مَنْ قال حِينَ يُصبِحُ وحِينَ يُمسِي: سُبحانَ اللهِ العظيمِ وبِحمدِهِ مِائةَ مَرَّةٍ، لمْ يأتِ أحدٌ يومَ القِيامةِ بأفْضلَ مِمَّا جاء به، إلَّا أحَدٌ قال مِثلَ ذلِكَ، وزادَ عليْهِ، لأن الحمد يعني أنك راضٍ عن الله سبحانه، ويقول صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ ليَرضى مِن العبدِ أن يأكُلَ الأَكلَةَ فيحمَدَهُ عليها ويشرَبَ الشَّربَةَ فيحمَدَهُ علَيها.
وتابع: من السنة عند البدء في الطعام أن تذكر اسم الله عز وجل، وعند الانتهاء من الطعام أن تحمد الله أن رزقك هذا الطعام، فربما تم الزرع في بلاد بينك وبيها آلاف الأميال، فهناك من زرع وهناك من حصد وهناك من نقل ثم ساقه الله إليك أنت، وتحمد الله عز وجل أن أعطاك الصحة في حين مُنعها آخرين.
وأكمل وزير الأوقاف: فكم من شخص لا يستطيع أن يأكل لداء أصابه، فعندما تقول الحمد لله فأنت تحمد الله على نعمة الطعام ونعمة الصحة والقدرة على تناول هذا الطعام، وعند القيام من النوم تحمد الله سبحانه، فكم من إنسان نام فلم يقم من نومته، وتقول: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا، وإلَيْهِ النُّشُورُ.
وواصل: كم من أناس قاموا من النوم على مصيبة من المصائب، يقول صلى الله عليه وسلم: من أصبحَ معافًى في بدنِه آمنًا في سِربِه عندَه قوتُ يومِه فَكأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا بحذافيرِها، وسئل أحدهم أي الدعاء أفضل يوم عرفة فقال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فقال لمن أجابه: إن هذا ثناء وليس دعاء، فرد عليه بقوله أما سمعت رب العزة سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: مَن شغلَه القُرآنُ عَن مَسألتي أعطيتُه أفضَلَ ما أُعطي السَّائلِينَ.
خطبة الجمعة اليوم
وأردف وزير الأوقاف: وقد مر أحد الناس على رجل مقطوع اليدين والرجلين وهو يقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرًا من الخلق، فقال له كيف ترى نفسك أفضل من كثيرين؟، فرد عليه قائلًا: الحمد لله أن جعل لي لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، فإن كان ابتلاني فقد رزقني الصبر والرضا على ما ابتلاني به.
واستطرد: وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد، ومما يؤكد على أهمية الحمد أن الحمد دعاء أهل الجنة في الجنة يقول سبحانه: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
كما أشار وزير الأوقاف إلى أن الحمد لا يعني التقاعس عن تطوير الذات وإتقان العمل، فتمام الحمد يكون في إتقان العمل والأخذ بالأسباب، فالطموح لا يتناقض مع الحمد، وتطوير الذات لا يتناقض مع الحمد، فعليك أن تحمد الله عز وجل، ثم تسعى في تطوير ذاتك، ثم عليك بأمرين: ما في يدك أبذل أقصى طاقتك فيه، وما في يد الله سبحانه وليس في يدك فلا يكلف الله نفسًا إلى وسعها، ففوض الأمر فيه لله عز وجل، واعلم ان اختيار الله لك أفضل من اختيارك لنفسك، وطالما فعلت الذي عليك فارض بما قسمه الله لك، فنحمد الله على نعمه التي لا تحصى ولا تعد ونسأله دوامها، فله سبحانه الحمد حتى يرضى وله الحمد إذا رضي وله الحمد بعد الرضا وفوق الرضا.