الخميس 16 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

فيتو أمريكا المعطل

الخميس 22/فبراير/2024 - 04:21 م

تقترب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة من شهرها الخامس، ورغم أنها الآن في مرحلة أكثر خطورة بين كل ما سبق على بشاعته التي يعجز العقل عن استيعابها، حيث جرائم حرب تم ارتكابها لا يمكن أن يتخيلها أكبر كتاب روايات الرعب، أو يصدق أحد بوجود كل هذا الكم من الوحشية والإجرام في نفوس بشرية يفترض أن لها سقف مهما حدث. 


خاصة لو كان الأمر عبارة عن حرب يشنها جيش يعد من الجيوش الأقوى تسليحا والأحدث في العالم، كونه يتم دعمه على مدار الساعة أمريكيا وأوروبيا، وإمداده بأكثر أنواع الذخائر تدميرا وفتكا، في مقابل شعب مدني أعزل حرفيا لا حول له ولا قوة، وفقط عدد من الشباب المقاوم الذين تسلحوا بإيمانهم بالله وقضيتهم العادلة، ولا يملكون إلا بعض الأسلحة البدائية، والمصنعة محليا في أنفاق غزة. 


كل تلك القوة التدميرية الهائلة الغير مسبوقة في تاريخنا المعاصر يقابلها عجز عالمي مخزي، وحتى إذا ما تم أي تحرك لذر الرماد في العيون بمجلس الأمن، وتقدمت إحدى الدول بمشروع قرار يطلب وقف إطلاق النار، نجد أن الفيتو الأمريكي جاهز لتعطيل ذلك، وحماية إسرائيل وإجرامها، مما يجعل الولايات المتحدة الأمريكية شريكا فعليا في هذه الحرب الأبشع على مدار التاريخ المعاصر، وتمثل وصمة عار بجبينها الذي طالما حاولت إظهاره ناصع البياض، وهو في الحقيقة يتشح بحمرة دماء تسفك ظلما وعدوانا، ليس منذ بداية الحرب الحالية فقط، ولكن هذا يحدث منذ 75 عاما هي عمر هذا الاحتلال البغيض لأرض فلسطين، وإقامة ما سمي بدولة إسرائيل كوطن لليهود الذين تم جمعهم من كل أوروبا وباقي دول العالم. 


للمرة الثالثة يفشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار حتى لو حدث سوف يكون مجرد تحصيل حاصل كون عشرات الآلاف قد قتلوا وجرحوا بالفعل، وتم التدمير الكامل لكل شيء تقريبا في قطاع غزة، ولكن وبكل أسف أبت أمريكا أن تكشف غطاء حمايتها عن هذا الإجرام، وتوقف مجازر ربما أكثر إجراما مما سبق لو أن هذه الحرب استمرت، ونفذت دولة الاحتلال تهديدها باجتياح رفح.. تلك المدينة الصغيرة المتواجدة على الحدود المصرية والتي تأوي الآن أكثر من مليون ونصف فلسطيني نزحوا إليها كمنطقة قيل أنها آمنة، هربا من الموت الذي يلاحقهم في كل مكان ويعيشون في ظروف إنسانية غاية في الصعوبة.. ولعل دموع طفلة استشهد والدها أمام الكاميرات أثناء حديثها عن الجوع الذي تواجهه والألم الذي تعيشه في عمر كان يجب ألا تعرف فيه غير اللعب والمرح كفيل بإلحاق العار بهذا العالم الذي يدعي التحضر والحداثة، بينما أثبتت غزة أنه فقد إنسانيته بشكل كبير جدا. 


و في الوقت التي تتظاهر فيه أمريكا بأنها ليست مع هذا الاجتياح نجدها نستخدم حق الفيتو للمرة الثالثة لتعطيل مشروع يطالب بوقف إطلاق النار قدمته الجزائر، وأيضا تستمر في إمداد جيش الاحتلال بالأسلحة والذخائر لمواصلة العدوان. 


وبكل أسف لا نجد موقفا عربيا وإسلاميا إلى الآن يمكن أن يجعل تغيرا في المواقف يحدث، وكالعادة تواجه مصر وحدها الضغوط الرهيبة كون هذا الهجوم المرتقب على رفح يعيد إلى الأذهان مخطط تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، ومن ثم تصفية القضية نهائيا، وذلك ما تتصدى له مصر بمفردها الآن، ويتم وضعها بين أمرين. 


إما أنها تظهر كدولة تغلق حدودها في وجه شعب يباد وذلك غير صحيح، لأن من الواجب العمل على وقف تلك الإبادة وإدانة من يقوم بها وليس المساعدة في استمرارها، والتمكين لها.. والخيار الثاني هو أن تتحمل مصر هذا العبء الكبير وسط وضع اقتصادي صعب للغاية تعيشه البلاد ومع ذلك سوف نجد من يتهمها بالمساعدة على تمرير خطة التهجير. 


إن الموقف العربي العام تجاه كل ذلك يصل إلى حد التواطؤ مع هذا الاحتلال، خاصة من الدول التي تمتلك عناصر ضغط لا تستخدها نهائيا، ولا تقدم دعما يذكر لمصر سواء كان سياسيا أو ماديا للمساعدة في استمرار إرسال المساعدات الإنسانية للقطاع عبر منفذ رفح، وفي المقابل نجد الولايات المتحدة الأمريكية لا تتردد في دعم هذا الكيان المحتل علانية ومعها أوروبا بالكامل، وذلك لن ينساه التاريخ وسوف يلحق العار بكل من ساهم في هذه الحرب التي لا تصف وضاعتها وإجرامها الكلمات حتى وإن كانت تلك المشاركة بالصمت والانبطاح.

تابع مواقعنا