حظر تجول.. أن تقع في عشق “القاتل”

الاختيار، منحة الله التي ميزت آدم عن غيره من المخلوقات، ودائما الحياة اختيارات، العبادة والمعصية والحب والكره والقرب والبعد والنجاح والفشل، كل المعاني وعكسها، ماهي إلا اختيارات، قد لا نعلم وقتها عقوبة الاختيار، لكن الدرس الوحيد المستفاد من هذه الحياة هو عدم السير خلف الأهواء، والبحث دائما عن زاوية أخرى للون الأسود، ربما يصبح انصع بياضا من الجميع.

الست إلهام “فاتن”، التي لازالت تملك في عينيها “شقاوة العيال”، مهما حاولت بالمكياج أن تظهر عجوزا، بقيادة مخرجنا الشاب المعجون سينما، قرر إعطاء درس لنا في هذه الأمور، الحياة على الأغلب ليست كما تظهر لنا، فهناك دائما رؤية أعمق، فاتن “خريجة السجون”، والتي قضت 20 عاما من شبابها تدفع ثمن قتل زوجها، قررت بكل شجاعة أن تحتفظ لنفسها بالسر، قررت واختارت أن تظهر في أعين ابنتها قاتلة على أن تعكر يومياً صفو نظرتها البريئة للحياة، دون أن تكشف لها حقيقة الأمر وحقيقة والدها.

ظل أمير رمسيس يخفي طوال الفيلم السر، عن ليلى، وكشفه لنا، حقيقة بشعه، وفاتن بطلة، وانتقامها في محلّه، لن نستطيع عتابها، فجميعنا لو كان في موضعها سيقتِل.

أمينة خليل، دائما اختيار في محلّه، بسيطة، السهل الممتنع، حقيقة شاهدت ليلى كثيرا في بيوتنا، بعباءتها القطيفة، ولفة الطرحة على المستعجل، تشبه كثيرا ست البيت المصرية صغيرة السن الجميلة المحتشمة، الغيورة، المحافظة، المهتمة لأمر زوجها وأولادها أولا، “الدبش”، التي تحمل جمرة من نار في قلبها، ولا تستطيع التلون.

نسج شخصيات فاتن الأم وليلى كان شديد الدقة، فعلى الرغم من سقوط الإيقاع في بعض الوقت الذي افقدني ومن حولي التركيز، لكن الخط الدرامي بين الشخصيتين، لم يكن خسارة فيه دموعنا، حينما قررت وللمرة الأولى ليلى أن تنادي فاتن بـ”ماما”.

لن تقول فاتن لابنتها ليلى الحقيقة، ستتركها في حيرتها، فإن كان والدها رحل مظلوما في نظرها، فلازال هناك متسع من الوقت لتقتنع، أن فاتن ليست شريرة، وإن كانت فقد أخذت جزاءها، ستتركها فاتن لاختيارها، كما اختارت في البداية الهجر، وظلت 17 عاما لم ترها، لكن ليلى لن تستطيع أبدا أن تنكر، إنها ابنة فاتن، ولن تستطيع أن تمنع قلبها من حبها، كما لم نستطع أن نمنع قلوبنا من حب إلهام شاهين، التي ضمت لمكتبتها شخصية جديدة، لابد أن تُكرّم عليها.