الخميس 16 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"سُبل المحروسة".. من خدمة المصريين إلى خرابات يسكنها الظلام.. إهمال يهدد التاريخ العتيق بالاندثار (صور)

القاهرة 24
تقارير وتحقيقات
الخميس 31/ديسمبر/2020 - 12:06 م

حالة من الإهمال تشهدها العديد من المعالم التاريخية الأثرية، في شتى أرجاء القاهرة المحروسة، تكاد تؤدي إلى طمس هوية هذه المعالم تدريجيا، ما يترتب عليه محو التاريخ، وتاريخ من قاموا بتشييد وبناء مثل هذه الأبنية التي تدل على قوة الحضارة المصرية على مر العصور. جولة ميدانية أجراها "القاهرة 24"، لكشف العديد من الألغاز حول إغلاق العديد من السُبل في أرجاء مصر المحروسة، دون إجراء أي عملية ترميم تُذكر، أدت بهذه السُبل إلى هدم أجزاء منها وتعرضها للسرقة، وأيضا اندثار تاريخ هذه الآثار التاريخية الخالدة، التي لو تم ترميمها والاهتمام بها، لكانت بابًا من أبواب ولوج السياحة الخارجية إلى مصر بأعداد مهولة، فضلًا عن تنشيط السياحة الداخلية.  

سبيل "أم محمد علي"

بعد أن كان مرجعًا تاريخيًا يفوح منه عبق الماضي وذكريات ما صنعه من قبلنا، أصبح الآن محاطًا بالقمامة والقاذورات مشبعة بالروائح الكريهة، سبيلٌ عندما تقع عينك عليه ترجع بك آلة الزمن إلى تاريخ عريق مرت به القاهرة المحروسة، وتتساءل كثيرًا ما أهمية هذا البنيان الضخم في زمن محمد علي؟ وكيف كان يتم استغلاله؟ وبم كان ينفع المصريين آنذاك؟

على بُعد أمتار خلف مسجد الفتح بميدان رمسيس، يقع "سبيل أم محمد علي"، الذي كان مسؤولا آنذاك عن ريّ العطشى من المارة والمقيمين بالمنطقة، فضلا عن مدّ السكان بالمياه على مدار الساعة دون انقطاع، وكان به مكان مخصص لري الخيول، وقد أنشاته السيدة زيبا قادرين بنت عبد الله البيضا، المعروفة بوالدة محمد علي الصغير ابن محمد على باشا الكبير عام 1867 / م 1286، وأُنشئ صدقة على روح ابنها الأمير محمد علي.

أصبح سبيل "أم محمد علي" الآن في حالة يرثى لها بعد مرور عشرات السنين، وما شهدته القاهرة من حداثة وتطور في البينان، حتى تم ردم السبيل كاملا، فأصبح محاطًا بالإهمال والقمامة، فضلا عن استحواذ الباعة الجائلين على أجزاء منه، وأصبحت أيضًا مداخله تُستغل لبيع مستلزمات رجال الإطفاء.

 

ليس ذلك فحسب، مع أحداث 2011 تعرضت آثاره للسرقة، فقد تم سرقة أحد شرفاته الأثرية، وأجزاء معدنية وفضية من الباب الرئيسي للسبيل.

 

وقال أحد القاطنين في المنطقة، لـ"القاهرة 24"، إن تاريخ هذا السبيل يعود لأكثر من 200 عام، ولكنه الآن بهذه الحالة السيئة ولا أحد يتفقده.

وأضاف أن الناس كانوا يعتبرونه مخزنًا لأكثر من 40 عامًا، وأن وزارتي الثقافة والسياحة اكتفت بإغلاقه ومنع الدخول دون محاولة ترميمه مجددًا.

 

سبيل محمد علي بالعقادين

أنشأ محمد علي باشا الكبير هذا السبيل على روح ابنه الأمير أحمد طوسون باشا عام ١٢٤٤هـ الموافق ١٨٢٨م، وحسب بما ذكر الموقع الرسمي لوزارة الآثارة المصرية فإن السبيل يتضمن صهريجًا أرضيًا لتخزين المياه، ويعد من أضخم الصهاريج الباقية بالقاهرة.

بمجرد دخولك تجد الأتربة تلتصق بقدمك، والعتمة تملأ المكان، قليل من المصابيح التي تعمل، يجب أن تدقق النظر لتخترق الزجاج لتقرأ عبارات تصف السبيل، ويغيب عنها المرشد الذي يتولى مسئولية وصف تاريخية المكان لك.

وفي الساحة الكبيرة بالقرب من السلالم التي تأخذك إلى الطابق التالي تجد غرفة أشبه بمطبخ عمومي تتساقط أدوات التنظيف على الأرض في مشهد غير منظم.

وأسفل السلالم تجد بعضًا من الخردة لا جدوى منها، والكتاب الملحق بها الذي كان يتم به تعليم أيتام المسلمين يمتلئ بالمقاعد المتهالكة.  

قال أحد القاطنين بالمنطقة، في تصريحات خاصة لـ"القاهرة 24"، إنه تم ترميمه بدعم أجنبي، وهذا لا يليق، حيث إننا أولى بترميمه، وهناك العديد من اللصوص التي سرقت نوافذه النحاسية الفاخرة التي لا يمكن تعويضها.  

وقال مسئول التذاكر في السبيل إن الأعداد متفاوتة، ولكنها أقل من السنوات الماضية بمعدل ملحوظ، وأنه هناك أيام لا يأتي أحد.  

سبيل وكُتّاب نفيسة خاتون

الطرف الجنوبي من شارع المعز لدين الله الفاطمي داخل باب زويلة، وتحديدا في المنطقة التي كانت تعرف إجمالا باسم "السكرية" يوجد هذا الأثر الإسلامي التاريخي، الذي يعد أحد المشروعات الخيرية الاجتماعية الموجودة بالمنطقة والباقية حتى الآن.. إنه "كُتّاب وسبيل نفيسة البيضاء" المعروف أيضا بـ"سبيل وكتاب نفيسة خاتون".

حالة من الإهمال يشهدها السبيل، الذي كان يشع بالنور والعلم في وقته، فقد أصبح الآن مطموس المعالم نسبيًا، فلا تستطيع قراءة بعض الآيات والأبيات المنقوشة على جدرانه، بسبب ما تعرض له من تجاهل أدى إلى اندثار معالمه تدريجيا، فحينما تريد الدلوف إلى أروقته، تأخذ وقتا طويلا في البحث عن الحارث الخاص به، وإن حدث ذلك ودخلت وجدت نفسك تبحث عن منافذ لدخول الشمس، حتى تجلي بصرك ممن التلوث البصري الذي حوّل السبيل إلى شيء مقيت.

تابع مواقعنا