الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"أهلها الطيبين"

القاهرة 24
الجمعة 12/فبراير/2021 - 06:15 م

• فيه شاب مصري بسيط كان حلم حياته إنه يطلع دكتور، وكان نفسه يدرس الطب في أمريكا بالذات.. في الحالات اللي مش بيبقى عندك وعند أسرتك رفاهية ارتفاع مستوى المعيشة اللي تخلّي دراستك بره مجرد خطوة سهلة هتتنفذ أول ما تطكلبها من والدك؛ بيبقى السكة الوحيدة المتاحة قدامك إنك تهري نفسك في المذاكرة على قد ما تقدر يمكن ربنا يكرم من هنا ولا من هنا.. الشاب اجتهد في مصر وخلص دراسته الثانوية بتفوق وحرفياً زي ما بيقولوا أكل الكتب أكل.. سنين دراسته عدت بصعوبة تعب وسهر وشغل جنب الدراسة عشان يقدر يشيل مصاريفه ومايتقلش على أهله.. بمجرد ما النتيجة طلعت قدم على بعثات ومنح دراسية كتير في أمريكا عشان يحقق  حلمه بدراسة الطب هناك.. يا عم طيب قدم في مصر هنا ولو جاتلك أهو إسمك في طب برضه!.. يعني هو طب بتاع أمريكا فيه عسل، وبتاع هنا كُخة!.. قال لك لأ أنا هقدم وواثق إن ربنا هيكرمني.. ماشي يا عم!.. كانت المفاجأة العظمة إن واحدة من الجامعات هناك وافقت، وحلمه اتحقق فعلًا، وبعتوله إنهم موافقين ييجي يدرس عندهم والتكلفة هتكون بسيطة جداً وتعتبر شِبه مِنحة كمان!.. حلو.. كده باقي مصاريف السفر.. تقدر تفهم إزاي إن أسرته وإخواته وأصدقائه كان لهم الدور الأكبر رغم بساطة حالهم إنهم يدبروله المبلغ اللي هيسافر بيه ده غير شوية فلوس كمصاريف تفصضل معاه ما هو مش هيسافر بطوله كده يعني!.. الشاب سافر بمعجزة من ربنا، وبدعم من أسرته واللي حواليه.. أسبوع والتاني والتالت لقى نفسه هناك.. مع بداية الدراسة و بعد أسبوع في التانى في التالت فجأة حصل ظروف صعبة شوية في بيت أسرته في مصر.. ظروف مادية صعبة لـ والده ووالدته كانت محتاجة تدخل سريع من أى حد.. الشاب المصري إبن الناس اللي متربي صح ورغم إنه فيه بينه وبينهم محيط وقارات قررت يساعد معاهم.. مش هينفع أشوف أهلي في أزمة وأقف اتفرج.. ده لولاهم بعد ربنا ماكنتش هقدر أبقى هنا أساساً.. في لحظة وبدون تفكير أخد الشاب قراره وقدم إعتذار للجامعة وقرر يشتغل عشان يساعد أسرته ويقف معاهم في أزمتهم.. هتشتغل إيه وأنت ماتعرفش حاجة غير الدراسة فقط لا غير يا عم!.. وبعدين ودراستك؟.. الحلم اللي أنت أساساً جاي عشانه!.. قال طز في أى حاجة المهم إنهم أقف معاهم!.. أجل حلمه فى سبيل إنه يشتغل كتير فيجيب فلوس كتير فيحاول يخليهم يعدوا الأزمة دي من خلال الفلوس اللى هيبتعهالهم.. بحسبة بسيطة الشاب كان محتاج يشتغل ويأجل حلمه لمدة 6 شهور كاملين عشان ينقذ أسرته من أزمتهم.. فعلًا عمل كده.. قدم على رخصة للعمل في ورشة تصليح سيارات الصبح وبالليل إشتغل في سوبر ماركت.. فيه صفحة على فيس بوك إسمها "Humans of new york " الصفحة دي كل البوستات بتاعتها عبارة عن صورة + سطرين.. بيقابلوا ناس ماشيين عادي في الشارع في أمريكا ويصوروهم ويخلوهم يحكوا قصتهم أو نجاحاتهم أو أحلامهم في مساحة مش أكتر من سطرين.. الصفحة من أهم وأكبر الصفحات الإنسانية في أمريكا وليها إنتشار واسع.. بالصدفة كان الشاب المصري بتاعنا واحد من اللي صوروهم.. صوروه وهو واقف في السوبر ماركت اللي شغال فيه.. قال عن نفسه إيه؟.. قال  إنه عايز يبقى دكتور بس مش هيقدر يدفع فلوس الجامعة علشان هو بيساعد أهله اللي في مصر وإن هو كمان 6 شهور هيقدر يبقى معاه المبلغ اللي يقدر يخليه يرجع يدرس بعد ما يخلص مساعدته لأهله.. الشاب وهو بيحكي الحكاية بتاعته كان بيضحك وبشوش مش طالع يشتكي لإنه مؤمن بالدور اللي بيعمله ومش متضايق منه.. لحد هنا الموضوع عادي.. لكن فيه واحدة مصرية إسمها "منى الراضي" مدرس مساعد في جامعة الزقازيق كتبت كومنت على البوست اللي نشرته الصفحة وأخد العدد الأكبر من الإعجاب.. "منى" قالت فيه كده بالنص: (أنا مصرية، وأقدر أساعد أهلك في مصر وماتقلقش وروح أنت حقق حلمك، صدقني أنا اللي محتاجة إني أساعدهم مش أنت!.. وتواصل معايا على الفيسبوك لو ينفع ).. وطلبت من الصفحة إنها توصلهم بيه وفعلًا حصل زى ما الصفحة كتبت و "منى" وفت بوعدها وساعدت أهل الشاب في مصر وكانت جزء من تحقيق حلم واحد ما تعرفهوش.. ليه؟.. جدعنة.. أصل.. طيبة.. احترام.. قول زي ما تقول بس أيا كان اللي هتقوله لازم في النهاية تغلفه بـ "كرم ربنا" اللي بيطبطب على خلقه الطيبين بأيادي خلقه الطيبين برضه.

قصة الشاب المصري في أمريكا

• من حوالي 8 سنين فيه شاب مصرى محدش عارف إسمه كان ماشي في وسط البلد وقابل بنوتة صغيرة عندها 6 سنين واقفة بتبيع مناديل في الشارع.. بشكل أو بآخر البنت كان عندها عِزة نفس، وبتشاور ببواكي المناديل للناس بدون ما تنادي عليهم أو تجري وراهم بـ رخامة.. الشاب قرر إنه يشتري منها فوقف وإداها جنيه واحد وخد منها باكو مناديل.. البنت أخدت الجنيه بفرحة وكان واضح إن ده أول استفتاح ليها في اليوم ده، وكلبشت فيه بإيديها كإنها ماسكة كنز وراحت وقفت قدام فاترينة محل بيبيع أحذية أطفال.. الشاب مشي خطوتين واتحرك وهو بيبعد بس لفت نظره وقفة البنت قدام الفاترينة فوقف يتابعها!.. قرب من وراها بزاوية معينة بحيث إنها ماتشوفش إنعكاس صورته على الفاترينة وفي نفس الوقت يكون قادر يبص هي باصة على إيه!.. لقاها مركزة على حذاء بناتى معين بالذات وكان مكتوب عليه بـ 60 جنيه.. كان واضح إن البنت متعلمة وبتعرف تقرا عشان كده كان في عينها نظرة حسرة وهي بتبص على السعر المكتوب على الورقة وبتبص في إيديها على الجنيه اللي لسه واخداه.. بدون ما هي تاخد بالها؛ الشاب بعد ثواني تفكير سريعة دخل المحل واتكلم مع صاحبه ودفع له تمن الحذاء وطلب منه يغير الورقة بتاعت السعر بـ ورقة مكتوب عليها "عرض خاص بـ 1 جنيه فقط"!.. فعلاً صاحب المحل عمل كده.. البنت اللي كانت لسه واقفة بره شافت الورقة وهي بتتغير وجاتلها لحظة ذهول وعدم تصديق، ودخلت المحل جرى عشان تشتري الحذاء بالجنيه اللي في إيديها بدون ما تكون فاهمة ده حصل إزاي!.. القصة حكاها صاحب محل أحذية على الفيس بوك من 8 سنين واتعملت بعدها فيلم مصري قصير للأسف شوفته بس مش فاكر أسماء صناعه.. تصرف إنساني من شاب مصري جميل ماكنش له أى غرض أو مصلحة غير إنه يكون سبب في إنبساط بنت غلبانة وغالباً مش هيشوفها تاني. 

• مساحة مقال الجمعة الأسبوعية هي مساحتكم أنتم كقراء متابعين أو كمساهمين بقصصكم فيه.. مش بحب أتكلم عن مواقف شخصية خاصة بس حسيت إن الموقف ده تحديداً مناسب للذِكر النهاردة.. من أكتر من سنتين اتعرضت لهجوم قاسي في واحدة من الصحف المصرية.. سبب الهجوم كان صحفي مفيش بيني وبينه أى معرفة من أى نوع قبل كده اتصل بيا وطلب مني رقم تليفون بطل قصة إنسانية كنت كتبت عنه عندي على فيسبوك بس كنت واعد صاحبها بناءاً على طلبه وبسبب حساسية تفاصيل القصة إني أدي رقمه لحد.. ويمكن ده كان شرطه الوحيد عشان يوافق إني أكتب عنه أساساً.. وعدته.. كتبت.. القصة انتشرت.. اتصل بيا الصحفي وطلب مني رقم الراجل عشان كان حابب إن هو كمان يكتب عنه.. اعتذرت وفهمته إني وعدته إني ماديش الرقم لحد.. صمم على طلبه.. صممت على رفضي.. المكالمة انتهت بيني وبينه بمنتهى الذوق.. بس اللي ماكنتش متوقعه إنه قرر يعمل حملة هجوم عليا من خلال المساحة المتاحة ليه في الصحيفة اللي بيشتغل فيها.. تشكيك في مهنيتي، تشهير بإسمي، ومحاولات لكسر مصداقية ببني فيها بقالي أكتر من 12 سنة يمكن حتى من قبل ما هو يتخرج من الكلية!.. تمام كده كده متعودين وأنا مش بدخل في النوع ده من المعارك واللي معظم اللي متابعينها بيكونوا فاهمين إن وراها أغراض تانية غير المعلن عنها.. أنا صعيدي وبالنسبالي حفاظي على وعدي وكلمتي لبطل القصة ثمن غالي تهون جنبه أى حاجة تانية ده غير إني مؤمن إن النوع ده من الهجوم علاجه الوحيد التجاهل التام.. مرت الشهور والأيام والموضوع فات ومات زي أي حاجة تافهة بتاخد اليومين بتوعها وتختفي.. نسيت القصة دي خالص.. بسبب طبيعة شغلي اتعرض عليا من خلال صديقي "أحمد" أسماء 5 صحفيين مرشحين للإنضمام للمكان اللي هو بيديره ومسئول عنه وطلب مني أساعده في إختيار 2 من الـ 5 بناءاً على سيرتهم الذاتية والعملية.. تمام يالا بينا.. أخدت الملفات منه وقعدت في كافيه لوحدي عشان أركز.. المهمة بسيطة وسهلة ومش هتاخد وقت أصلاً مجرد مراجعة لسيرتهم الذاتية وتنقية إتنين منهم.. أول حاجة بصيت بصة سريعة على الأسماء الخمسة.. الأول كذا كذا.. تمام.. التاني كذا كذا.. تمام.. التالت كذا كذا.. تمام برضه.. الرابع فلان الفلاني الصحفي إياه اللي هاجمني من سنتين!.. أوب أهلاً وسهلاً هو أنت!.. لما شوفت إسمه افتكرته وافتكرت اللي عمله، وكان قدامي صراع لطريق من إتنين.. يا إما استبعده فوراً وأقول إنه لا يستحق الشغلانة اللي هو مقدم عليها وده بصراحة يبقى أقل واجب مني على اللي حصل.. يا إما أقيم الخمسة تقييم عقلاني بعيد عن أى مشاعر شخصية!.. قررت أمشي في الطريق التاني.. زيه زيهم.. أنا هبص على الـ 5 وشغلهم خلال آخر سنة وهيكون تقييمي ليهم بناءاً على كده فقط لا غير.. بصيت.. الأخ إياه كان عمل مجموعة تحقيقات مميزة خلال آخر 7 شهور خلّوه فعلاً ييجي في الترتيب النهائي من أفضل إتنين!.. سألت نفسي: راضي؟.. رديت: آه.. ده الحق والعدل والأمانة.. مع إن أى إختيار هقوله لـ صديقي "أحمد" هيعتمده فوراً، ومش هيراجع ورايا لإنه من البداية إختارني عشان أساعده وأختار له بس أنا كده مرتاح أكتر.. كلمت "أحمد" وإديته الإسمين.. فلان الفلاني، وعِلان العِلاني -(الأخ اللي كان بيهاجمني)-.. عملت المهمة، ونسيت الحوار ده.. بعدها بحوالي شهر "أحمد" كان قاعد مع صديق ثالث وبيقول له إني ساعدته في إختيار الإتنين اللي اشتغلوا معاه وإن منهم فلان الفلاني.. الصديق الثالث كان عارف قصة الهجوم اللي حصلت عليا وعارف إسم الصحفي فإستغرب وسأل "أحمد" إنت متأكد إن تامر اللي اختاره!.. قال له أيوا!.. فحكاله.. "أحمد" كلمني وسألني سؤالين: ليه اخترت فلان رغم اللي بينك وبينه؟.. ليه اخترت تديله فرصة شغل رغم إن المفروض إن نظرتك له إنه مايستحقش!.. رديت عليه ببساطة إن هو طلب رأيي بأمانة، والمهنية بتقول إن فلان ده عامل شغل مهم وكويس وإن تصرفه معايا من سنتين مالوش علاقة في تقييمي له النهاردة.. الموضوع بسيط.. أنا مش ملاك ولا غيره بس أنا إديته حقه لا أكتر ولا أقل.. موقفي السابق منه هو موقف شخصي مالوش علاقة بالشغل ولا بتقييم شغله.. ده غير إن كل حاجة بتترد، ومفيش حاجة بتضيع عند ربنا وأكيد هيجيلي وقت أو فرصة بعد كده في أى حاجة في الحياة وهكون عايز إني آخد حقي واللي قدامي يقيمني بناءاً على اللي استحقه مش بناءاً على أى معايير شخصية تانية.. والأهم إني كنت مرتاح كده. 

• الجدعنة مالهاش علاقة بـ ده راجل ولا ست.. بينى وبينه مسافات ولا قريب.. أعرفه ولا ما أعرفوش.. كبير ولا صغير.. الجدعنة بتتولد في الجينات وبتزيد بالتربية.. يا عندك يا ما عندكش.. بجدعنتك أو إنسانيتك مع غيرك أنت بتعامل ربنا، وبتكون من أسبابه إن حياة غيرك تتغير.. ولإن مفيش حاجة بتضيع عند ربنا، ولإن الشر دايرة والخير دايرة؛ فاللي هتعمله النهاردة هيتردلك بكره.. إعطى من يستحق ومن لا يستحق، يعطيك الله ما تستحق وما لا تستحق.. "كرم ربنا" بيطبطب على خلقه الطيبين بأيادي خلقه الطيبين برضه.

أقرأ أيضًا:

"بحار!"

"لو بطلنا نحلم!"

تابع مواقعنا