الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شهر رمضان الحرام!

الأحد 11/أبريل/2021 - 04:44 م

ساعاتٌ قليلةٌ تفصلنا عن بدء صيام شهر رمضان الكريم، وهو وإن كان موسم الطاعات والمسارعة إلى الخيرات فإنه بالنسبة لطغمة موسم إثارة اللغط والجدل و"الهري في المهري" باختصار.

هؤلاء الذين "يهرون في المهري" ممن يطلقون على أنفسهم "مثقفين" نجدهم يجادلون في أهم شعيرة لهذا الشهر، وهي الصوم، فهم لا يصومون أصلا، فليس رمضان بشهر صيام عندهم فلسان حالهم: كيف يحرمني هذا الشهر من الكأس والسيجارة والشيشة؟

الصوم عندهم أمر اختياري في الصيام ونجد بعضهم من يفسر قول تعالى: «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ». تفسيرات على الهوى والمزاج مؤكدين أن الأصل في الأمر الاختيار، ثم يفسرون هذا القرآن بقرآن آخر «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» ويُسقط عن نفسه التكليف بكل أريحية فقط من أجل الكأس والسيجارة، في حين أنه يرفل في عافية 100 حصان، لكن يريد أن يفصل تشريعا خاص وتعميمه. 

وهؤلاء في الأصل جهلة جهلا مطبقا ولا يستحيون أن يرفعوا عقيرتهم في وجه عالم أشمّ قضى عمره في جمع العلم بهذه الفتاوى ويتبجحون بها متكالبين عليه، ويحاجونه بهذه الخزعبلات، ويودون لو يعطيهم إقرارا بما يقولون، يكون مثل صك لهم لإفطار الشهر الكريم.

وأعجب من ذلك عندما نتحدث عن جهل هؤلاء الذين يدعون الثقافة والتمدين، وهما منهم براء طبعا، أنهم يعتبرون شهر رمضان شهرا حراما فتقرأ كثيرا على صفحات بعضهم جملا من قبيل "رمضان الشهر الحرام"، "رمضان شهر الله الحرام"، "أتمنى أن يتوقف النزاع في دولة كذا في رمضان شهر الله الحرام"، "رمضان الشهر الذي حرم الله فيه القتال"، بل الأعجب من ذلك أن نجد إعلاميا مشهورا يرفع عقيرته في وجه الجميع، مرددا أن رمضان شهر حرام وعلى الأطراف المتنازعة أن تأخذ هدنة من التنازع فيه، وإذا كنت مسؤولا عن استقبال المقالات في صحيفة كبيرة مثلي فستطالع كثيرا من هذه الآراء مبثوثة بين سطور كثيرين ممن يطلق عليها "كتّاب كبار"، ولولا أننا نتعامل مع مثل هذه الأمور ونحذف مثل هذا الكلام لافتضح جهلهم.

ونحن هنا لا نحتاج أن نقول لهم إنه على العكس من ذلك، أن رمضان إضافة إلى أنه شهر العبادة والتقرب إلى الله هو شهر الانتصارات الكبرى التي أهمها قديما غزوة بدر الكبرى وحديثا انتصار حرب أكتوبر، لا أعرف من أين يأتي الذين يلقبون أنفسهم بالنخبة والمثقفين، بهذا الكلام وهذه الآراء، أو قرأوه في أي مصدر أو كتاب.

عموما -أعزاؤنا المثقفون من هذا النوع- نقبل من جهلكم أن تجعلوا رمضان شهرا حراما، أما صيامكم أو عدم صيامكم فلأنفسكم، لكن أن يتخطى جهلكم محاولة فرضه على الأمة الإسلامية كلها فلا.

تابع مواقعنا