الثلاثاء 16 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الفتنة الخائبة!

الثلاثاء 25/مايو/2021 - 02:26 م

 

أرادوها فتنة جديدة.

هذه هي الخطة باختصار في فتنة المصاحف التي دعت إليها الجبهة السلفية بدعم ومباركة من جماعة الإخوان في 28 نوفمبر 2014.

تلك الدعوة التي وصفها كبار علماء الأزهر الشريف بأنها "إهانة للمصحف الشريف"؛ لأنها تُعرِّض المصحف الشريف للإهانة من سقوطه على الأرض والدهس بالأقدام من قبل المتظاهرين، مؤكدين أن الذي يتحمل هذا الإثم هم الداعون للخروج والحاملون للمصحف.

بدت الفتنة نائمة هذه المرة في حضن الفتوى.. أو ربما الفتاوى من جبهات وجهات مختلفة أخذت تتصارع وتتصادم في موضوع رفع المصاحف في مظاهرات بها رائحة خلط واضح بين الدين والسياسة.

وبينما تأهبت أجهزة الدولة المصرية، وفي مقدمتها الأمنية، للتعامل مع يوم 28 نوفمبر "جمعة رفع المصاحف"، التي دعت الجبهة السلفية إلى التظاهر خلالها تحت شعار "الثورة الإسلامية"، بدا أن تسييس الدين قضية الساعة، في ظل فتاوى تؤيد مظاهرات رفع المصاحف أو ترفضها.

بحسب سيناريو متخيل وضعه مصطفى البدري القيادي بالجبهة السلفية، الجهة الوحيدة التي تفخر برعايتها الرسمية لمظاهرات رفع المصاحف في 28 نوفمبر، فإن "الملايين سيزحفون بعد صلاة الفجر، يرفعون المصاحف عبر طوفان بشري، يقفون بوجه مدرعات ومجنزرات الأمن، متخذين من الشيخ حازم أبو إسماعيل ملهمـًا للثورة الإسلامية".

الوقائع تُكذِّب البدري وادعاءاته.

باقي الجهات والقوى "الإسلامية" اتخذت مواقف مخالفة للجبهة السلفية. هيئات الدولة الرسمية كفّرت الدعوة وقالت إن قتل هؤلاء الخوارج مباح شرعـًا. الدعوة السلفية اعتبرت المبادرة "دعوة لقتل عشرة ملايين مسلم". رد عليها معتصم شندي، القيادي بالجبهة السلفية، متهمـًا الدعوة السلفية بأنها اختارت تخوين ثورة يناير، وبررت دماء الشهداء وأعراض المسلمات.

الجبهة الداعية للحدث رأت أن "عدم الاستجابة لشعار الهوية الإسلامية ينقض الأساس الذي قامت عليه الدعوة السلفية، وعليه فقد بان عوارهم وتخليطهم على الشباب المسلم". وهذا أيضـًا منطقي ودقيق.

شعار الهوية الإسلامية هو أكبر خدعة في دعوة 28 نوفمبر، بدليل وجود خصمين يدعيان الانتماء لهذه الهوية، والحديث باسمها، ثم يتبادلان الاتهامات على هذا النحو الرخيص.

على الجانب الآخر، كانت مواقف المؤسسات الدينية الرسمية حادة.

فقد أكد وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة، أن الدعوة إلى رفع المصاحف في 28 نوفمبر إخوانية بغطاء من الجبهة السلفية، حيث أنه برصد ما تم عقب صلاة الجمعة السابقة من بعض المنتمين إلى جماعة الإخوان في بعض المساجد من الاعتراض على بعض الخطباء، ودعوة هؤلاء المنتمين للإخوان إلى التظاهر في ذلك اليوم والمشاركة في رفع المصاحف يؤكد أنها حيلة إخوانية خبيثة بغطاء شركائهم في الجبهة السلفية.

وأشار وزير الأوقاف في بيان له إلى ما أعلنه التنظيم الدولي للإخوان أن الجبهة السلفية أحد مكونات تحالفهم الإرهابي، مشددًا على أن تلك الدعوة الآثمة هي دعوة إلى الفساد والإفساد والتلاعب بدين الله والاعتداء على قدسية كتابه، مؤكدًا على حرمة المشاركة في هذه التظاهرات الآثمة، وعلى إثم من يشارك فيها من الجهلة والخائنين لدينهم ووطنهم.

وجدد د.جمعة تحذيره من الاستجابة لهذه الدعوات والتي وصفها بأنها "فعلة الخوارج"، الذين خرجوا على علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ورفعوا المصاحف، وقالوا: لا حُكم إلا لله، ثم كفّروه وهو من هو "رضي الله عنه"، وكانت فتنة عظيمة سفكت فيها الدماء، ونهبت فيها الأموال، وتحول رفع المصاحف إلى رفع السيوف وقتل الآمنين.

وأكد أن الشريعة تدعو إلى تعظيم شأن المصحف وصيانته عن كل ما لا يليق به، فكيف بالمصحف الشريف حين يحدث الهرج والمرج، أو يحدث احتكاك بين هؤلاء وبين المعارضين لهم فتسقط بعض المصاحف من أيديهم على الأرض وربما تهان بالأقدام، واصفا ذلك بالبهتان العظيم، وإثمه وإفكه على من دعا إليه أو يشارك فيه.

من جهته، أعلن د.محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن قوافل الأزهر الشريف من الوعاظ والعلماء يواصلون جهودهم الحثيثة للوصول إلي كافة المواطنين، خصوصـًا في المحافظات الحدودية والنائية مثل جنوب سيناء، ومطروح، وأسوان، والبحر الأحمر، والفيوم، والوادي الجديد، وغير ذلك من المحافظات.

وقال عفيفي إن تكثيف تلك القوافل يأتي ردًا على دعوات رفع المصاحف يوم 28 نوفمبر، لافتـًا إلى تواصل مسيرة هذه القوافل في كافة أنحاء الجمهورية لبيان رؤية الأزهر الشريف في أن هذه الدعوة لا تمت للإسلام بصلة.

وأضاف: "القرآن الكريم أنزله الله لهداية الناس وليتدبروا آياته، مستشهدًا بقول الله تعالي "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"، مشددًا على أنه ليس لاستغلاله لخداع الناس وتحقيق مآرب سياسية".

وحذر الأزهر الشريف جموع المصريين من الانخداع بهذا الباطل الذي يريد إحداث الفتن.

كان من رأي د.محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء، أن رفع المصاحف إساءة للإسلام والمسلمين وإساءة للقرآن الكريم، وبدعة قام بها الخوارج لإهدار قدسية القرآن الكريم، مؤكدًا أن الذين يرفعون المصحف خلال المظاهرات مارقون من الدين وخارجون على الملة؛ لأن مصر بلد مسلمة لا يفعل بها مثل ذلك، كما أنه لا يجوز لنا أن نكتب القرآن الكريم على الحوائط ولا على السيارات والمساجد؛ لأن كتاب الله مقدس ولا يجوز تدنيسه واتخاذه غرضـًا لهؤلاء، فهؤلاء في عرف الإسلام مارقون على الإسلام خارجون من الملة.

د.سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أشار بدوره إلى قاعدة فقهية نصها "صحة الأبدان تقدم على صحة الأديان"، قائلًا إن مقتضى هذه القاعدة أن حق الإنسان يقدم على حق الله سبحانه، ومن أمثلتها سقوط الصيام عن المسافر والمريض، وعدم وجوب الجمعة على المسافر، ومن أمثلتها أيضـًا صحة ملاحقة الظالم ولو في المسجد، وهدم المسجد لو كان ضرارًا وفتنة، وأيضـًا مقاومة الظالم ولو احتمى في المصحف أو المسجد، ودلالة ذلك أن لا يكون حمل الإرهابيين للمصحف مانعـًا من مقاومتهم ولا يمنع رجال الأمن من التصرف بحرية لإنفاذ مهمتهم دون أن تكون نسخ المصاحف مانعة من أداء واجبهم لأنهم ليسوا عامدين إلى إهانة المصحف.

أرادوها فتنة، ولكن خاب سعيهم وحمى الله مصر من فتنة جديدة.

تابع مواقعنا