الإثنين 29 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

د. عمر محمد الشريف يكتب: مجاهد الجندي مؤرخ الجامع الأحمدي

عمر محمد الشريف
ثقافة
عمر محمد الشريف
الأحد 30/مايو/2021 - 05:58 م

مؤرخ الجامع الأحمدي، أستاذ كرسي التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، الأستاذ الدكتور مجاهد توفيق الجندي، العضو المؤسس لاتحاد المؤرخين العرب، والعضو المؤسس والمنسق العام لاتحاد الآثاريين العرب.

له فضل عظيم على مدينة طنطا ومحافظة الغربية، بتأليفه كتاب "الجامع الأحمدي شقيق الجامع الأزهر"، وقصة تأليفه للكتاب قصة عجيبة، وهي أنه كان ماراً بأحد الشوارع فوجد بائع "روبابكيا" يبيع بعض الأوراق والوثائق القديمة، فأخذه الفضول وتوجه إليه، فوجد أنها وثائق المسجد الأحمدي بطنطا، فاشتراها منه، وأنقذ مجموعة كبيرة من وثائق المعهد الأحمدي بطنطا كانت في طريقها لتتحول لقراطيس طعمية، ليكتب مصنفه الشهير والفريد في بابه "الجامع الأحمدي شقيق الجامع الأزهر" والذي تناول فيه تاريخ الجامع وأعلامه ودوره الحضاري والثقافي.

لتخرج لنا الصدفة أعظم سفر كتب عن المسجد الأحمدي، وطبع الكتاب بطنطا عام ١٩٩٠م، كما وثق في بعض كتاباته كيف تمكن من إنقاذ مجموعة أخرى من الوثائق التي كانت محفوظة من وثائق تكية أبو الذهب ولولاه لضاعت كغيرها مما فقد من تراث الأزهر، وله بحوث ودراسات عديدة في تاريخ الأزهر الشريف والتاريخ الإسلامي، كما أطلق حملة بعنوان "يا سادة، أنقذوا ما بقي من تراث الأزهر".

عن العلاقة بين الشرق والغرب، يرى المؤرخ الجندي أن المسلمين علموا الغرب الحضارة بعد أن كانوا شعوبا متوحشة، وعندما ذهبوا إلى الأندلس أقاموا حضارة وعلموا الغرب كل شيء في الحياة من النظافة والاستحمام وطهي الطعام وأشياء كثيرة، علموهم كيف يعيشون حياة سعيدة، كما فتح المسلمون مدارسهم وجامعاتهم للجميع، ودرس فيها أبناء الملوك والأمراء، وتعلموا من حضارتنا الكثير.

أما عن مصير المخطوطات الإسلامية المنهوبة يرى الدكتور الجندي أن تراثنا العظيم من مخطوطات قد تسرب إلى الغرب بكل أسف - إلى مكتبات باريس ولاهاي وكمبردج وهايدلبرج وهمبورج وغيرها حتى "قم" في إيران وطشقند وغيرها، لقد ضاع إرثنا من حضارة الإسلام، تلك المخطوطات نهبت عن قصد وغير قصد وتسربت من مكتبات المساجد والجوامع وأروقة الأزهر ذات المكتبات العامرة بأمهات المخطوطات النادرة حيث وقف السلاطين والأمراء والعلماء والتجار وأهل الخير هذه المخطوطات على طلاب العلم بهذه المؤسسات العلمية الشهيرة.

يضيف أن أمناء "خونة" هذه المكتبات تصرفوا في المخطوطات تصرف الملاك، فباعوها بثمن بخس دراهم، ولم يراعوا ما كتب عليها من نحو وقف لله تعالى برواق الأروام أو رواق الشوام أو رواق المغاربة أو الجبرت أو الهنود أو السليمانية أو غيرها، وليس ذلك فقط بل إنهم موهوا على سرقاتهم وسطوهم ونهبهم بتغريق المخطوطات بفتح صنابير المياه أو ترك مواسير الصرف الغير صحى ليل نهار لتخريب كم هائل من المخطوطات لتداري على جرائمهم الشنعاء.

وفي مكتبة الأزهر كم من زكائب مملوءة بالمخطوطات كهنت بلجان وحرفت بحجة انها ناقصة بعض الأوراق وتختلط الأوراق والحابل بالنابل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تسربت هذه المخطوطات بكل الطرق إلى أوروبا وأمريكا وضعوها في خزائن لا تحرقها النار ولو حرقت الدنيا من حولها، قام الغرب بترجمة تراثنا، والأثر الذي تركته هذه المخطوطات في الحضارة الأوربية يحتاج إلى موسوعة كاملة وهو شيء معروف لهم جميعاً لكن كثيراً من المستشرقين يحاولون طمس الحقائق لإنكار فضل العرب على النهضة الأوربية، ويؤرخ شارل سينجر للعلم بعصرين هما: العصر الإغريقي وعصر النهضة الأوربية، متجاهلًا ما كان قبل الإغريق من حضارات، والدور الخالد الذي لعبته مدرسة الإسكندرية في قيادة الحركة العلمية بمصر القديمة.

أما المغالطة الكبرى التي تدمغ المؤرخين الأجانب من المستشرقين المتعصبين فهي إنكارهم لفضل علماء العرب ومحوهم لحقبة تمتد زهاء ثمانية قرون بعد انحسار المد العلمي عن الإسكندرية وهجرة العلماء إلى الشرق، ثم بزوغ فجر الحضارة العلمية في بغداد والعواصم العربية الأخرى، والحق أن قلة من علماء أوروبا من المستشرقين هم الذين انصفوا العرب واعترفوا لهم بالفضل.

المؤرخ في عصرنا في نظر الدكتور الجندي اختلف عما كان عليه في العصور السابقة، حيث كان قديماً عليه أن يرتحل إلى الأماكن، ويتعرض للمخاطر والأهوال في ظل عدم وجود مواصلات إلا السفن والجمال والخيول، أما الآن فاختلفت الظروف، وأصبحت الوسائل أكثر يسرا، فالانتقال للوقوف على الأحداث والوقائع يتم من خلال وسائل الاتصال والمواصلات الحديثة، لكن وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها المؤرخون القدامى نجد أنهم تركوا لنا رصيدا ضخما من التاريخ الإسلامي، ومعرفة البلدان، وطرق المعيشة، وحياة السكان وأمورهم الحياتية.

والمؤرخ لا ينبغي أن يقتصر على مجال تخصصه الدراسي فحسب، بل من المهم أيضا أن يكون على دراية كافية بعلوم أخرى، مثل علم الأجناس البشرية، والنفس، والاجتماع، والقانون، وغيرها، وأهم ما ينبغي أن يتحلى به المؤرخ هو الأمانة في نقله للحدث التاريخي.

أما عن الكتاب الأكثر جدلًا في المئة سنة الأخيرة كتاب "الإسلام وأصول الحكم" والذي صدر عام 1925م، أكد الجندي أن الكتاب ليس من تأليف الشيخ علي عبد الرازق، وإنما هو من تأليف الأديب طه حسين أضافه إليه ليأخذ به الشهرة.

قال ذلك في ندوة "طه حسين" التي عقدها المجلس الأعلى للثقافة بوزارة الثقافة سنة 1997م، بمناسبة مرور سبعين عامًا على صدور كتاب "في الشعر الجاهلي " والتي قدمها فيها الجندي بحث بعنوان: "قراءة أولى في ملف الدكتور طه حسين"، وكذلك في محاضرته التي ألقاها في "ملتقى الإمام محمد الخضر حسين" الذي أقامته الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية سنة 2007م في مدينة "بِسَكْرة" بالجزائر.

يستند المؤرخ الجندي في ذلك على شهادة أحد علماء الأزهر وعضو لجنة الفتوى فيه، والذي كان يعمل في بداية حياته واعظاً بمركز بني مزار مسقط رأس الشيخ علي عبد الرازق.

وهناك التقى بالشيخ علي عبدالرزاق، وسأله لماذا كتبت هذا الكتاب؟.

فقال: يا بني! هذا الكتاب والله ليس لي ولكنه لطه حسين أضافه إليًّ لشيء من لآخذ شهرة به وهذا الكتاب ليس لي.

فرد عليه قائلاً: لماذا لم تتبرأ من هذا الكتاب؟

قال: ما أردت أن أحرج طه حسين.

يرى الدكتور الجندي أن لا يمكن لمثل الشيخ عبدالرازق وهو من رجال الإسلام ومتخرج في الأزهر أن يصدر عنه كتاب من هذا النوع، والذي يخالف محتواه ما يعتقده العلماء والمشايخ.

وقد وافق رأي الجندي عدد من المؤرخين، وهناك فريق آخر يرى أن الكتاب مأخوذ من المستشرقين، وأن نصيب علي عبد الرازق منه ليس إلا مجرد وضع اسمه فقط عليه، بينما يرى فريق ثالث أنه مأخوذ من الرسالة التي أصدرها مجلس الأمة التركي بعنوان "الخلافة وسلطة الأمة"، والتي نشرت باللغتين العربية والتركية عام 1924م، أي قبل عام واحد من إصدار كتاب "الإسلام وأصول الحكم".

تابع مواقعنا