الأربعاء 01 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

معاناة مرضى الضمور وذويهم بين الإمكانات الضعيفة والعلاج المكلف: "قلوبنا تحترق"

أطفال مرضى ضمور العضلات
صحة وطب
أطفال مرضى ضمور العضلات
الإثنين 14/يونيو/2021 - 04:05 م

لم يكن جديدًا على مجتمعنا، إلا أنه نادر الحدوث، ومهلته كأقصى حد للعلاج عامان، مرض خطير يهدد أرواح المصابين وخاصة الأطفال، الذين يشعرون بالوهن والضعف الدائم الذي لا يغيب، والعلاج يتكلف تكلفة باهظة خارج البلاد، لذا يصرخ العديد من الآباء استغاثة بالمسوؤلين لإنقاذ أطفالهم من فك هذا المرض الغاشم.

"محروق قلبي على اتنين قبلها"..استغاثة سيدة لإنقاذ الطفلة الثالثة بعد وفاة أبنائها الاثنين:

بقلبٍ يعتصر، تدفن الأم هيام عبد السميع بناتها واحدة تلو الأخرى، فمنذ تذوقها طعم الأمومة، كان مرض ضمور العضلات مصاحبًا لها.

قالت هيام لـ"لقاهرة 24"، إن طفلتها الأولى حنين، كانت تعاني من الإصابة بمرض ضمور العضلات الشوكي، ولكنها لم تتمكن من إنقاذها، وانتهت رحلتها بالوفاة متأثرة بإصابتها.

وتابعت الأم: إنها رُزقت بعدها بطفلة ثانية، وكانت أيضًا تدعى حنين على اسم الطفلة الأولى، واكتشفت أنها تعاني من نفس المرض، وعلى الرغم من محاولاتها العديدة في إنقاذها وتوفير العلاج لها، فإنها فارقت الحياة نتيجة إصابتها بالمرض.

وذكرت هيام أنها حاليًا تحاول إنقاذ الطفلة فريدة، وهي الابنة الثالثة والأخيرة لديها، التي اكتشفت إصابتها بنفس مرض أختيها، وهو ضمور العضلات الشوكي.

وتابعت: "روحنا مستشفى الدمرداش وأبو الريش، وجامعة شبين الكوم، قالولنا مفيش علاج للمرض ده، و دي مش أول طفلة ليا، أنا محروق قلبي على اتنين قبلها".

الطفلة فريدة

بابا إنت ليه مش بتمشيني زي أخويا

بتلك الكلمات عبرت حنان فضل والدة الطفل يوسف رمضان، عن ألمه النفسي الذي يعيش به، حيث يعاني الصغير من الإصابة بمرض الضمور في النخاع الشوكي في مرحلته الثانية.

قالت حنان: "يوسف عنده 6 سنين، ومصاب بضمور في النخاع الشوكي، كان مولود سليم، ومع الوقت لاحظنا إنه يعاني من ارتخاء، والأطباء كانوا فاكرين نقص كالسيوم، لكن بعد كده اتشخص ضمور، وكان عدى سنتين، فالمرحلة تأخرت".

وذكرت خلال حديثها لـ"القاهرة 24"، أن يوسف تخطى مرحلة الطفل رشيد، لأنه في المرحلة الثانية من المرض، وعلاجه المتوافر في أمريكا يحتاج سنة كاملة، لأنه كلما كبر كلما زاد وضعه سوءًا".

وأضافت فضل أن أكثر ما يؤلمها هو حديث مع والده: "بابا انت ليه مش بتمشيني زي أخويا، ركبني الطيارة عشان أخد الحقنة وأمشي زي الأطفال".

الطفل رشيد حديث مواقع التواصل الاجتماعي

استغاثت السيدة هدى بدر، والدة الطفل رشيد بالرئيس عبد الفتاح السيسي، من أجل علاج ابنها الذي يعاني من مرض نادر، حيث نشرت عبر صفحتها على "فيس بوك" قائلة: "رشيد ابني تم تشخيصه مؤخرًا بمرض جيني نادر اسمه ضمور العضلات الشوكي معروف بالـ SAM نسبة انتشاره 1:10000 في الأطفال، والمرض ده بيضعف الأطراف يعني ابني مش هيقدر يمشى ولا يقف".

وأضافت: "الحل الوحيد هو حقنة اسمها Zolgensma  لكن للأسف هي الأغلى في العالم، تكلفتها 2.1 مليون دولار "حوالي 35 مليون جنيه مصري" ومن أهم شروطها أن الطفل يأخدها قبل ما يتم سنتين".

الطفل رشيد

"ده قضاء ربنا والحمد لله".. أم تستغيث لإنقاذ ابنيها 

ناشدت هبة عابدين، أم لطفلين يعانيان من مرض ضمور العضلات الشوكي، الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزارة الصحة المصرية، عبر صفحتها الخاصة "فيس بوك" لإنقاذ طفليها.

وقالت هبة خلال حديثها لـ"القاهرة 24": إن أولادها الاثنين أحمد أيمن 13 عامًا، ويوسف أيمن 7 أعوام، يعانون من مرض ضمور العضلات الشوكي، الوباء النادر الذي يصعب علاجه في مصر، والأدوية المتوفرة خارج البلاد تكون مُكلفة جدًا.

وأضافت عابدين: أنه على الرغم من وجود احتمالية أن سبب الإصابة بالمرض الوراثة أو زواج الأقارب، حتى ينتج عنه أن الطفلين يعانون من نفس المرض، إلا أنه لا يوجد أي صلة قرابة بينها وبين زوجها، متابعة "في زي ولادي كتير وده قضاء ربنا والحمد لله".

الشقيقين أحمد ويوسف أيمن

"يعني خلاص هيموت كده؟!".. أنقذوا ياسين:

لم يسلم الطفل ياسين، من هذا المرض اللعين، إذ يعاني الصغير من داء نادر يدعى "دوشين"، وهو أحد أنواع مرض ضمور العضلات، ولكنه أشد فتكًا، ويحاول الأب علاجه بالذهاب إلى الكثير من الأطباء في كافة أنحاء مصر منذ اكتشاف إصابته منذ عامين.
 

وقال وليد صالح والد الطفل ياسين، لـ"القاهرة 24": إنه اكتشف بعد إرسال بعض الأطباء المعالجين لحالة ياسين التحاليل الخاصة به إلى دولة ألمانيا، أن هناك عقارًا واحدًا قد يعالج الابن، ويوجد في أمريكا ولكنه مُكلف جدًا، حيث تصل تكلفته بالمصري إلى حوالي 4 ملايين جنيه، وهو عبارة عن "فوار" يؤخذ على مدار سنة كاملة يُحسن من الجين التالف لدى الطفل الذي أدى إلى إصابته بمرض "دوشين".
 

وأكد أن وزن ياسين وصل إلى 20 كيلو جرام، وبدأت أعراض الضمور تظهر عليه مثل تقوس عموده الفقري وثني قدميه، كما أنه مُقبل للجلوس على كرسي متحرك.

وبيّن صالح أنه حاول مراتٍ عدة علاج ابنه على نفقة الدولة ولكنه لن يحصل على ذلك لأن العقار خارج بروتوكول الوزارة، متابعًا: "طب لو محدش لحقه.. يعني خلاص هيموت كدة؟".

الطفل يس وليد

"ميقدرش يتحمل دور برد"..استغاثة لإنقاذ حياة آسر:

لم يكن الأمر سهلًا على كريم الدين والد الطفل آسر، والذي اكتشف أن طفله يعاني من مرض ضمور الشوكي في عمر الـ 5 أشهر، حينما لاحظ انخفاض حركته حتى انعدمت تمامًا.

وقال كريم الدين لـ"القاهرة 24": "مرض الضمور العضلي الشوكي هو أن الخلايا العصبية مش موجود فيها الجين المسؤول عن إفراز البروتين للحركة عن طريق النخاع الشوكي والأعصاب، ده بيسبب ضمور كامل في عضلات الجسم، ومنها عضلات التنفس والبلع، حتى يصل للوفاة خلال سنتين من عمره".

وأضاف: "هو مرض صعب شوية وأصعب من السرطان، ليه 3 أنواع من العلاج بس حالة آسر ينفع معاه حقنة زولجن، دي حقنة بـ2 مليون و125 ألف دولار تقريبًا".

 عمر حالة يصعب تشخيصها:

قالت منى محمد، والدة الطفل عمر، إنها تحاول منذ ولادته معرفة ما هو مرضه، حيث اختلفت أقاويل الأطباء حول الداء الذي يعاني منه عمر، ولكن هناك من ذكر أنه يواجه خلل ووهن في العضلات.

وأضافت الأم لـ "القاهرة 24" أنه يتلقى علاج الكورتيزول فقط، ولم يحدد العلاج الأساسي لحالته، التي لم تُشخص حتى الأن، كما أنه كان يتلقى عقار وصفه له أحد الأطباء، ولكنه جعل حالته تدهور إلى الأسوأ.

الطفل عمر محمد

استشاري مخ وأعصاب الأطفال

قال الدكتور هشام الشركي، استشاري مخ وأعصاب الأطفال: إن هناك 5 أمراض متعلقة بالعضلات، أحدها مرض العضلات الخُلقية، وهي التي يولد بها الطفل، أمراض العضلات المرتبطة بالغدد، وأخرى ترتبط بالتمثيل الغذائي، وأيضًا العضلات الالتهابية، وأخيرًا مرض ضمور العضلات "دوشين" وهو الأشد فتكًا.

وأضاف الشراكي خلال حديثه لـ"القاهرة 24" أن عضلة الإنسان بشكل عام والتي تتمثل في القلب، خلايا المخ والجهاز الهيكلي للإنسان تحتاج إلى طاقة بشكل كبير، وأول مصدر للطاقة في جسم الإنسان في مراحله الأولية هي الميتوكندريا أو "بيت الطاقة"، تلك الطاقة التي تُكفي الطفل حتى يتم الـ 3 أعوام، وبعد إتمامه تلك العمر، يكبر لديه حجم العضلة ويزداد نشاطها، بالتالي لا تكفيه الطاقة الصادرة من الميتوكوندريا.

ويلجأ الجسم بعدها إلى مصدر الطاقة الثاني بالجسم "إندوبلازميكريتوكيولام" وهو الذي يحول مادة الكيرياتين إلى الكرياتينين، تلك العملية التي تحتاج إلى حافز لإتمامها، والحافز هنا يكمن في إنزيم الديستروفين، ويعد نقصه هو المسبب الرئيسي لمرض ضمور العضلات، حيث أن من خلاله يتم منح الجسم طاقة أكبر تكفي نشاط العضلة، وهذا ما يفسر وهن أجساد المسنين، الذين يفقدون تلك الإنزيم مع تقدم العمر، وبالتالي ضعف وكسر العضلات.

وأوضح استشاري المخ والأعصاب، أن مرض دوشين هو خلل جيني شائع عند الرجال، يحدث نتيجة نقص إنزيم الديستروفين، وبالتالي بعد إتمام الطفل الثلاث سنوات لا يجد مخزون الطاقة الذي يساعد العضلة على النشاط، مما يترتب على ذلك كسر الألياف العضلية واحدة تلو الأخرى، وبعدها تكسير في الجهاز العضلي ذاته، إلى أن يصل الطفل إلى مرحلة الشلل ومن ثم الوفاة.

أعراض مرض ضمور العضلات:

  • إنحناءة في العمود الفقري، وبالتالي ثني واضح أسفل ظهر الطفل.
  • مظهر سيره غير سليم يشبه "البطة".
  • لوح الكتف لديه يكون مُجنّح.
  • يصاب برفع في مشط القدم، وضوح التشوه بها.
  • انتفاخ واضح في البطن.
  • ضعف عام في عضلاته الكبيرة.

وأكد الشراكي أن المرض يمكن أن يصيب عضلة القلب، فيؤدي إلى فشلها، وبالتالي يكون الطفل في الحال، كما يمكن أن يؤثر على خلايا المخ وتلفها، وعليه يصاب الطفل بالتشنجات، علاوة على ذلك الإصابة في عضلة التنفس، والتي ينتج عنها أيضًا وفاة الطفل المريض.

لا يوجد إثبات أن الحقنة الشائعة هي العلاج الوحيد،

قال استشاري المخ والأعصاب، إنه لا بد أن تواظب الأسرة على جلسات العلاج الطبيعي بشكل منتظم، بالإضافة إلى بعض العقاقير التي يصفها الطبيب، حتى تُقلل من تدهور حالته.

وأردف قائلًا أن استخدام العلاج البنائي، أمر هام لتحسين العضلات وزيادة مدتها، أي بدلًا من تدهور الحالة الصحية للطفل على مدار عامين، يمكن أن يقل ويمتد ل5 أعوام، حتى يكون هناك فرصة لإنقاذه.

وتابع الشراكي أن الحقنة الشائعة الموجودة بالخارج، والتي يقدر ثمنها بـ2 ملايين دولار، لن يُصدق عليها في مصر، كما أنه لا يوجد إثبات أنها الحل الوحيد لمرضى ضمور العضلات.

هشام الشراكي استشاري مخ وأعصاب الأطفال

 استشاري نفسي: 4 مراحل يمر بهم طفل ضمور العضلات:

ومن جانبه قال الدكتور نور أسامة، استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك، إن إصابة الطفل بمرض ضمور العضلات يُشعره باختلافه عن أقرانه من الأطفال، فيمر ب 4 مراحل متتالية تساهم في تشكيل صحته النفسية.

وأشار إلى أن أول مرحلة يمر بها هي الصدمة، لا يملك الاستيعاب الكافي لتقبل اختلافه، أما المرحلة الثانية وهي الإنكار، فيما تكون المرحلة الثالثة هي الغضب مما هو مصاب به، بينما تكون الرابعة هي مرحلة الخوف.

وأضاف أن تلك المراحل تؤدي في النهاية إلى الإصابة بنوبات الهلع و الصراخ الدائم، ولا بد من اتباع بعض الخطوات التي تساعد الطفل في تقبل الحالة التي هو عليها.

وأوضح أن أولى الخطوات التي تساعد الطفل على تقبله لاختلافه هو خلق مساحة أمان له، تلك الشعور الذي يتمثل في وجود الأسرة من حوله، مؤكدًا على ألا يكون الأمان مصطنع، أو النظر إلى الطفل بعين الشفقة، لأن ذلك يسبب في تفاقم سوء حالته النفسية.

واستطرد قائلًا "يفضل قص حكايات مرضى كان أمل الشفاء لديهم ضعيف، ولكنهم استطاعوا الانتصار في معاركهم الخاصة، وتمكنوا من التغلب على المرض، ذلك من شأنه خلق الأمل لدى الطفل، وتحفيزه على الشفاء".

وذكر نور أنه من الضروري احترام الأسرة تقلبات مريض ضمور العضلات المزاجية، وعدم تعنيفه أمام الآخرين، بالإضافة إلى الحفاظ على الهدوء في المكان الذي يتواجد فيه، كما يمكن أن تشعره الأسرة بذاته، وذلك من خلال الاعتماد عليه في بعض المواقف، حتى ولو كانت بسيطة، علاوة على ذلك ضرورة إبعاده عن مشاهدة مشاهد العنف أو التي تحتوي على الأمراض.

وحث استشاري تعديل السلوك على أهمية التربية الدينية، وذلك لأنها تفيد حالة الطفل النفسية، حيث ينبغي التحدث معه عن الخالق سبحانه وتعالى، واختياره ليمنحه تلك الابتلاء الصعب، لأن ذلك يساعده على تخطي المرحلة.

وأكد نور على أن الأمراض كافة تحتاج 30% من العلاج العضوي، بينما ال 70% من مرحلة العلاج، تتمثل في الحالة النفسية للمريض.

د/نور أسامة استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك
تابع مواقعنا