الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"التعنت الإثيوبي".. دوافع تاريخية ومطامع قديمة للانتقام من مصر والسودان

مصر والسودان وإثيوبيا
تقارير وتحقيقات
مصر والسودان وإثيوبيا
الإثنين 05/يوليو/2021 - 08:06 م

لا يخلو بيانات وتصريحات دولتي مصر والسودان من تأكيد مستمر على أن سبب ما وصلت إليه قضية سد النهضة الإثيوبي حتى الآن، هو تعنت أديس أبابا خلال المفاوضات، فدائمًا ما يصرح كلٌّ من محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، وسامح شكري، وزير الخارجية، وكذلك وزير الري السوداني ياسر عباس، ووزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، بأن إثيوبيا لا تغير نهجها في المفاوضات، واصفينَ موقفَها الثابت بالتعنت الواضح.

التعنت الإثيوبي في بيانات وتصريحات وزارتي الري والخارجية

هذا المصطلح "التعنت الإثيوبي" يظهر كثيرًا في خطابات وتصريحات وزراء الدولتينِ وإعلامهما وتحليلات الخبراء المتخصصين الذين أصابهم الحيرة من صلابة موقف إثيوبيا والإصرار المستمر على العناد الواضح، ولعل آخرها ما قاله وزير الري المصري خلال مشاركته في مؤتمر وزاري بعنوان "مشاورات من أجل الوصول إلى نتائج"، حين قال: "وصلت المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الإثيوبي"، مشيرًا لما أبدته مصر من مرونة في التفاوض قُوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

سد النهضة

وزير الخارجية قال أيضًا في تصريحاته الإعلامية الأخيرة: "مصر لم تعترض على أي سد في إثيوبيا وتدعم التنمية بها، ولكنها تريد تحقيق التعاون باتفاق قانوني عادل وملزم ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق المصلحة للجميع، وهو ما ترفضه إثيوبيا وتعمل على فرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية دون الرجوع لدولتي المصب".

وأكد سامح شكري أنه بعد 10 سنوات من مفاوضات سد النهضة ما زال الجانب الإثيوبي متعنتًا، ولم يظهر الإرادة السياسية اللازمة للوصول للاتفاق، وذلك ردًا على إعلان رئاسة مجلس الأمن الدولي عقد جلسة الخميس المقبل في الثامن من يوليو الجاري بشأن سد النهضة بعد تلقيها طلبًا من مصر والسودان؛ بسبب تعنت إثيوبيا في التوصل لاتفاق بشأن السد.

أسباب ودوافع التعنت الإثيوبي

التعنت الإثيوبي دفعنا للبحث عن أسبابه ودوافعه، وفي هذا الأمر يقول الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه العالمي، مستشار وزير الري الأسبق، إن مصر دائمًا ما تتعامل برفق شديد مع الإثيوبيين، مؤكدًا، في تصريح خاص لـ"القاهرة 24"، أنه عايش الإثيوبيين ويعرف طباعهم وصفاتهم وسماتهم جيدًا، موضحًا أن إثيوبيا تمارس سياسة التعنت والعناد واستهلاك الوقت في مفاوضات سد النهضة.

وفي إطار البحث والمتابعة وجدنا أيضًا دراسة جاءت بعنوان "تعنت الموقف الإثيوبي بين السياسة والتاريخ: هل الموقف الإثيوبي تجاه سد النهضة مرجعه سياسي أم تاريخي؟" تتحدث عن أسباب التعنت الإثيوبي ودوافعه هل هي سياسية أم تاريخية، وأكدت الدراسة أن الموقف الإثيوبي ليس مراوغة سياسية بل هي الفرص التي حانت للإثيوبيين ليعاودوا السيطرة والانتقام؛ تلبية لمطامع قديمة لها جذورها التاريخية خلال القرن السابع إلى الثالث عشر.

واعتمدت الدراسة على منهج التاريخ لإثبات صدق فرضية "التعنت الإثيوبي"، من خلال العودة إلى التاريخ وتحليل الموقف الإثيوبي، حيث إن التاريخ من أهم مصادر التعلم التي تعطي دروسًا بالغة في كيفية العمل واتخاذ القرارات في الأوقات المختلفة.

سد النهضة أزمة نفسية تاريخية

الدراسة المنشورة في المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية تؤكد أن مشكلة السد إنما لها علاقة بتاريخ مضى، حيث إن حركة ملوك الحبشة المتعددة تجاه المسلمين لم تتغير سياستها؛ وإنما كانت متحولة حسب الواقع والمفروض على الأرض، كما أنَّ دولتي المصب سببتا لها مأزقًا نفسيًا تاريخيًا، لا يستطيع الجانب الإثيوبي أن ينساه بل بالعكس هو يجدده يومًا بعد يوم في نفوس هذا الشعب للانتقام من الدولتينِ تاريخيًا.

والمراقب للموقف الإثيوبي حاليًا يوقن بأن خطواتهم مرت على عتبات التاريخ الماضي في بلادهم وعلاقتهم بالعرب والمسلمين، حيث وجدت أديس أبابا في هذا السد فرصة لممارسة الضغوط على دولتي المصب، وفق ما تؤكد الدراسة.


تجييش شعبي وحشد متوالٍ

 

وترى الدراسة أيضًا أن الموقف الإثيوبي يشي بحقد متنامٍ خاصة أن إثيوبيا بدأت في عملية تجييش شعبي في حشد متوالٍ ووجدت ضالتها في سد النهضة لتقوم بالانتقام التاريخي من مصر والسودان والمسلمين عمومًا، غير أن قوة الموقف الإثيوبي راجع إلى قوى خارجية، ومنها ما هو راجع إلى جذور تاريخية.

آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا

والمراقب لقضية سد النهضة يرى أن إثيوبيا تستغل الحشد الشعبي لدعم موقفها خلال مراحل البناء المختلفة، ومثَّل شعار "صوتنا لسدنا"، الذي احتشد حوله الآلاف العام الماضي تحديدًا في شهر أغسطس 2020 بساحات وشوارع أديس أبابا لإظهار الدعم لبناء السد، أكبرَ دليلٍ على ذلك.

وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية حينها، فإن الشعب قد أسهم في أكثر من 13.6 مليار بر أي ما يوازي 3،1 دولار، وقال ديميك ميكونين، نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال حديثه في هذا الحدث، إن الإثيوبيين من جميع فئات المجتمع أسهموا بشكل كبير في بناء مشروع سد النهضة، وإن حملة التضامن تهدف إلى حشد الشعب لإكمال السد ودعم الدبلوماسية في استكمال بنائه، وفق ما ذكرت حينذاك "روسيا اليوم".

تابع مواقعنا