الأربعاء 24 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ماذا يعني فشل الملء الثاني لسد النكبة الحبشي؟

الأحد 25/يوليو/2021 - 04:06 م

وانفض غبار الملء الثاني لبحيرة السد الحبشي عن الفشل في تحقيق المستهدف منه فنيًا واستراتيجيًا، فالخطاب الذي أرسله وزير المياه الإثيوبي في الخامس من يوليو 2021 إلى نظيريه المصري والسوداني كان فحواه أنهم سوف يبدؤون الملء الثاني طبقًا للجدول على النحو التالي 6.9 مليار متر مكعب خلال شهر يوليو 2021 ثم 6.8 مليار متر مكعب خلال أغسطس 2021.

بالإضافة إلى 4،9 مليار متر مكعب من العام الماضي فيكون إجمالي ما سيتم تخزينه نهاية أغسطس 2021 هو 18،4 مليار متر مكعب، على أن تمر المياه أعلى الحاجز الأوسط بنهاية النصف الأول من أغسطس 2021، ومن الواضح أن خطاب الوزير الحبشي في ظاهره يبلغ دولتي المصب بما سيتم حتى تأخذا احتياطاتهما لهذا الأمر، لكن ما بين السطور أراد أن يقول سنملأ دون اتفاق ملزم رغم رفضكم ونهاية الملء سيتحول السد إلى قنبلة مائية متوسطة الحجم وتكفي لأن تحرصوا أنتم على سلامة السد وليس نحن.

وعلى الرغم من إعلانهم ذلك كان هناك كثير من الشك يحوم حول قدرتهم على إنجاز ما أعلنوه، فمنسوب الحاجز الأوسط للسد كان في أبريل 2021 ارتفاعه 564 مترًا واستمروا في التعلية حتى وصلوا إلى ارتفاع  572 مترًا، على الرغم من أنهم يستهدفون الوصول إلى 595 مترًا حتى يتمكنوا من حجز الكمية المستهدفة، لكنهم لم يصلوا لهذا الارتفاع.

معنى ذلك أن مياه الفيضان ستمر فوق الحاجز الأوسط قبل الوصول إلى تخزين الكمية المستهدفة، وهو ما حدث بالفعل ففي 19 يوليو 2021 اعتلت مياه الفيضان الحاجز الأوسط ما دعا الأحباش إلى سحب آلات ومعدات البناء والرفع للحاجز الأوسط من موقعها، ويعني توقف التخزين بعد أسبوعين من ابتدائه؛ الأمر الذي يفضي إلى تخزين نحو 2  مليار متر مكعب من المياه، أي أن إجمالي المياه التي تم تخزينها خلال العامين نحو 7 مليارات متر مكعب مياه، وهنا خاب ظن الأحباش، فلن تدور التربينات لتنتج الكهرباء، ولم يتحول السد إلى قنبلة مائية بل صار (بومبة) يمكن السيطرة عليها بسهولة.

وعلى الرغم من ذلك فقد تم الإعلان عن نجاح الملء الثاني للسد؛ وذلك لأسباب داخلية أو للاستهلاك المحلي، حيث الانتخابات ورفع معنويات الشعب المثقل بالحروب الأهلية، وما حدث من هزائم متتالية ومذلة للجيش الفيدرالي أمام قوات قومية التيجراي، وبدء تحرك قوميات أخرى منها بني شنقول وأروميا، وربما يتوالى انفراط العقد الحبشي الهش في قادم الأيام.

ولكن ماذا بعد؟ بفشل الملء الثاني لم يتحول السد إلى قنبلة مائية على السودان ومصر حمايته؛ حتى لا تتضررا من انهياره، وبالتالي لم يحمِ السد نفسه وهذا ما كان يأمله الأحباش.

كما أن الأحباش تصرفوا من جانب واحد في عملية الملء الثاني دون اتفاق ملزم؛ وهذا يوضح أنهم غير جادين أو غير مكترثين بتضرر مصر والسودان من ملء وتشغيل السد وربما يتعمدون ذلك. 

لم تتعاطَ إثيوبيا مع النوايا الطبية المصرية السودانية وعدم ممانعتهما من تحقيق التنمية للشعب الإثيوبي، بل تصرفت بسوء نية واضحة، كما اتسم خطاب السياسيين والصحفيين الأحباش الذين يتحدثوا عن السد بالتعاظم والعنجهية بمجرد البدء في الملء كأنما يقولون لنا لتذهبوا إلى الجحيم، ولن ننسى تصريحات وزير المياه الإثيوبي بعد انتهاء الملء الأول قوله “لقد تحول النيل الأزرق إلى بحيرة إثيوبية داخلية”.

لم يراعِ الأحباش أن مصر والسودان ظلا في حالة ضبط نفس طويلة الأمد وأصرا على حل الأمر بالتفاوض بحيث يكون الجميع مستفادًا وغير متضرر من بناء وتشغيل هذا السد الكارثي.

أما مصر والسودان كأنهما لا يريان التعنت الإثيوبي ولديهما الأمل كل الأمل أن يحن الحبشي عليهما باتفاق ملزم للملء والتشغيل، ولعلهما نسيا أو تناسيا التجربة الأليمة لدولتي الصومال وكينيا مع إثيوبيا في شأن مماثل، ولكن ربما الأقدار أعطت مصر والسودان فرصة تاريخية للتصرف بما يحفظ حقوقهما.

إن فشل الملء الثاني يعطي مصر والسودان فرصة مدتها سنة كاملة من الآن لفعل ما هو من مصلحة شعبيهما، إما بالوفاق والاتفاق وإما بالصدام والاصطدام، ولن تجد فرصة أسهل من ذلك؛ فإثيوبيا تجتاحها حروب أهلية طاحنة، وعلينا ألا ننسى وصية الفرعون المنحوتة على جدار مقياس النيل بمعبد حورس بإدفو بل غالبًا سنضطر إلى تنفيذها ولدينا بالتأكيد المقدرة على ذلك، وإنّا منتظرون.

تابع مواقعنا