الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

طلعت حرب باشا

الأحد 08/أغسطس/2021 - 08:10 م

يعتبر محمد طلعت حرب أبو الاقتصاد المصري وأحد أهم الاقتصاديين في مصر، فهو الذي حرّر الاقتصاد المصري من تبعيته للاحتلال.

وأنشأ طلعت حرب بنك مصر وكل الشركات المنبثقة منه، مثل شركة مصر للطيران، ومصر للطباعة، ومصر لحلج الأقطان، ومصر لصناعة السينما، والمصرية العقارية، ومصر للغزل والنسيج، ومصر لمصايد الأسماك، ومصر للحرير، وشركة المصنوعات المصرية، ومصر للمناجم، ومصر للجلود، ومصر لتكرير البترول، ومصر للمستحضرات الطبية، وغيرها من الشركات الكبيرة التي كانت تهدف إلى خدمة المصريين ورفع كفاءة الاقتصاد المصري وتحريرهم من التبعية الاستعمارية.

ولننظر إلى كم الشركات الكبيرة التي أنشأها محمد طلعت باشا حرب ونحن دولة تحت الاحتلال الإنجليزي الذي كان يقف في وجه كل تطور ونهضة. خرج ليبحث عن طاقة نور وأمل لرفاهية المصريين. وكان سعد باشا زغلول يناضل من أجل الاستقلال سياسيًّا وزعيمًا مصريًّا له مكانته في قلوب المصريين عبر التاريخ. وأنا شخصيًّا أعتبر طلعت حرب من الرموز المصرية التي يجب أن تكرم وأن تظل قدوة ونبراسًا في حياة المصريين دائمًا وأبدًا.

فنحن نعيش الآن وبعد عقود من وفاة طلعت حرب أزمة اقتصادية طاحنة، ولا يوجد من يحمل الروشتة للخروج من تلك الأزمة. برغم توافر الإمكانات والآليات لجذب استثمارات جديدة. ولكن للأسف أمام البيروقراطية والروتين ومافيا الفساد المستشري في ربوع الوطن ما زلنا في المربع صفر. بل ونحاول أن نهدم ونمحو ما كان قائمًا نتباهى به. وبما تركه أسلافنا ولم نسعَ إلى التطوير حسب مقتضيات العصر. فأين مصر للغزل والنسيج تلك القلعة الصناعية العظمى في حياة المصريين الآن، وغيرها من القلاع التي تتهاوى الآن من سوء الإدارة واتجاه الحكومة إلى الخصخصة وتشريد العاملين بدلًا من التطوير والتجديد.

حتى جاء الرئيس السيسي وأعاد بناء جمهورية جديدة ناهضة واعدة مزدهرة راقية، وعاد لمصر وضعها الدولي والإقليمي والعالمي بين الأمم. وفي جمهوريتنا الجديدة بعد سنوات من الجدب ننهض في كل المجالات، وتعم تلك النهضة ربوع مصر، وهي لا تعد ولا تحصى ولا وقت لذكرها لكننا نعود معه إلى المجد الذي نريده.

ولكن دعونا نأخذ ملمحًا سريعًا من حياة هذا المناضل المصري الشريف، الذي تحل ذكرى وفاته الشهر المقبل، فقد توفي في 14 سبتمبر 1941. وأتمنى من التليفزيون المصري والبرامج الليلية التي تصدعنا بما هو غث أن تفرد له الوقت الكافي لتبرز بعضًا من إنجازاته فحقًّا يستحق أن نحتفي به.

فقد ولد محمد طلعت حرب 25 نوفمبر 1867 بالقاهرة بحي الجمالية، وحفظ القرآن الكريم وبعدها التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية، وتخرج في كلية الحقوق، وعمل مترجمًا بالقضاء وانتهى مديرًا لقلم القضاء. 

ثم انتقل مديرًا لشركة كوم امبو ثم العقارية المصرية التي عمل على تمصيرها.

وقاد طلعت الرأي العام والحشد لعدم مدّ إدارة قناة السويس لامتيازها لإدارة القناة 50 عامًا آخر، حتى أنه ألّف كتابًا عن قناة السويس (مصر وقناة السويس). كما كان كاتبًا يكتب عن كل ما يهم الشأن المصري والعربي في الصحف. ودخل في معارضة شديدة ضد قاسم أمين بكتابه تحرير المرأة لدفاع طلعت حرب عن الحجاب. كما شارك في ثورة 1919.

وكان طلعت حرب ميالًا إلى الفلاحين والفقراء برغم اتهام بعض رموز الحركة الوطنية له في فترة من الفترات بميوله لطبقة الأغنياء وانضمامه إلى حزب الأمة الموالي للقصر، وعدم إيمانه بأفكار مصطفى كامل ومحمد فريد في البداية.

لذلك عندما بدأت دعوات لإنشاء بنك وطني يملك أسهمَه وإدارته المصريون لتمويل مشاريعهم ومخططاتهم، وتحريرهم من القيود الاستعمارية الاقتصادية؛ لاقت دعوته استجابة كبيرة. وبدعم د فؤاد سلطان خبير الاقتصاد تم الإعلان عن إنشاء بنك مصر بعد سنوات طويلة من الحلم حتى تحقيقه.

وقد أسهم إنشاء بنك مصر في قيام العديد من المشروعات والشركات التي وضحنا جزءًا منها سابقا. وزاد إقبال المصريين على منتجات الشركات الوطنية المصرية، وترك التعامل بالبضائع الأجنبية. مما أدى إلى إقامة المعارض لتك المنتجات وإقامة فروع أخرى لتلبية احتياجات المصريين. وقد أدى ذلك إلى تقوية الروح الوطنية في نفوس المصريين وزيادة الوعي والنهضة في كل المجالات، كما نلاحظ من أسماء الشركات سواء كانت نهضة اقتصادية وثقافية وتعليمية وسينمائية فنية وأدبية واجتماعية، وغيرها من المجالات المختلفة، والأهم التخلص من هيمنة الاقتصاد الأجنبي على حياة المصريين.

لذلك اعتبر محمد طلعت حرب أحد أعمدة نهضة مصر وتحررها.

فطلعت حرب لم يبدأ في تحقيق حلمة إلا بعد أن وضع آلام مصر الاقتصادية نصب عينيه وبعدها أخذ انطلاقته ليحقق مزيدًا من النجاحات الاقتصادية لمصر والمصريين، وغيرها من النجاحات الأخرى. حتى كانت وفاته في 13 أغسطس 1941 عن عمر يناهز 74 عامًا. رحل في صمت بعد أن عاش بعيدًا عن الأضواء، وقد نال البشوية، ومنحه السادات قلادة النيل تكريمًا لمجهوداته.

فهل نتذكر أسلافنا من الوطنيين بناة العز والمجد للمصريين، أم نتركهم في طي النسيان؟ نحن في أمسّ الحاجة إلى طلعت حرب جديد تُنبته تلك الأرض الطيبة لِيُسهم في رخاء جمهوريتنا الثانية، فمصر ولّادة ولا تنضب من المخلصين الأوفياء لتراب الوطن، ونحن على العهد وكلنا بنفس الوفاء ودماثة الأخلاق التي يتمتع بها طلعت حرب باشا رحمه الله، والذي من أقواله المأثورة عندما قدم استقالته من بنك مصر وقت أزمة الكساد الاقتصادي وأزمته مع حسين سري باشا: (ما دام في تركي حياة للبنك فلأذهب أنا.. ويعيش البنك).

 

تابع مواقعنا