الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

«كفاية كلمة»

الجمعة 13/أغسطس/2021 - 07:37 م

•  حسب منظمة الصحة العالمية فيه أكتر من 15000 شخص بيموتوا سنويًا في العالم بسبب المعاناة من «تنمر» الغير معاهم!.. ده دي الأرقام المعلنة وفي سنة 2016 كمان، وطبعًا فيه عشرات ويمكن عشرات الآلاف اللي بره الأرقام الرسمية واللي محدش يعرف عنهم حاجة خصوصًا في مجتمعاتنا اللي قلة الذوق والأدب نهج فئة مش قليلة منهم.. والبطل في كل الحدوتة الحزينة دي؟.. «الكلمة».

• الدكتور "مايكل رويزن" بيحكي عن «التنمر» في واحد من أجزاء كتابه (you being beautiful)  من خلال قصة جارته البنوتة «ريتا» اللي عاصر قصتها من 10 سنين فاتوا بحكم صداقته لوالدها.. الشاب «فلورنس» خطب «ريتا» بعد فترة حب مش بسيطة امتدت من أيام الدراسة الإبتدائية لحد بعد الجامعة.. قصة حب من الطرفين ماشية بتفاصيل حلوة وبتنتهى النهاية السعيدة زى ما أفلام السيما بتقول.. بس وعشان مفيش حلو بيكمل للآخر؛ الأخ «فلورنس» كان عنده عادة زى الزفت.. كان دايمًا على لسانه جملة واحدة بيقولها لـ «ريتا» بمناسبة ودون من وهما عيال لما بييجي يناديها: (أيتها البدينة ذات النمش).. جملة كانت ممكن تكون مقبولة نوعًا ما لو كانت فضلت في نفس الحيز الزمني اللي اتقالت فيه أول مرة وهما في إبتدائي.. أهو شوية عيال بيتريقوا على بعض وخلاص وبكره يعقلوا ويتربوا.. لكن وبسبب عدم وجود فرملة من البنت أو أسرة الولد من الأول بقت الجملة لزمة على لسانه بشكل مستفز حتى لما اتخطبوا.. و«ريتا»؟.. رد فعلها في البداية كان النرفزة العيالي الطبيعية والتخبيط في الأرض بس بتهدى بعد كده!.. لدرجة إن وقع الكلمة نفسه على ودان البنت بقى طبيعي وبقت بتتريق على نفسها وتضحك مع اللي بيضحكوا!.. ده من بواخته ماتكسفش يوم الخطوبة وهما واقفين في الجنينة قدام أكتر من 120 شخص من الأسرتين إنه يشيلها ويلف بيها ويقول بعلو صوته وبفرحة صادقة: (أخيرًا أصبحتي خطيبتي أيتها البدينة ذات النمش)!.. طب إيه يا عم الرخم هو ده وقته!.. الفكرة إن وبشهادة أغلب أصدقائه وأهله "فلورنس" كان بيحبها فعلًا وإلا لو كان شايف اللي هو بيتريق عليه ده عيوب حقيقية فيها ماكنش اختارها من الأول.. طب إيه؟.. تنمر بدافع المحبة.. فكرة إنك تفرض سيطرتك على أى شخص إنت شايف إنه أضعف منك بشكل أو بآخر وتعتدى عليه باللفظ أو بالضرب.. تكتشف كمان إن "ريتا" كانت بتخزن وبتحفظ في عقلها الباطن كل المرات اللي الكلمة اتقالت لها فيها!.. هي نفسها استغربت لما اكتشفت إنها فاكرة.. 1483 مرة!.. لأ لحظة اللي هو إيه ده!.. أيوا كان عقلها الباطن بيسجل دون ما هي تكون مركزة كل عدد المرات اللي سمعت فيها الكلمة.. أوووف.. لحد ما في مرة قررت تثور وهما في خروجة مع أصدقائهم و «فلورنس» قال لها وهي بتقرا المينيو اللي هتختار منه الأكل: (هاااا ماذا اختارت بدينتي ذات النمش).. حطت المينيو على الترابيزة بعنف وقالت: (لست بدينة يا "فلورنس" وما في وجهي ليس نمشًا).. إستقبل كلامها بسخرية كعادته وقال لها وهو بيلمس وشها بصوابعه: (لا، إنكِ بدينة للغاية وهاهو النمش يملًا كل جنبات وجهك).. زاحت إيده بعنف وضربته على كتفه: (أصمت).. "فلورنس" لا إراديًا لما حس إن منظره قدام أصحابهم بقى عرة ضربها بالقلم!.. صوت طرقعة القلم رن في المكان كله لدرجة إن الشاب اللي كان بيعزف على الجيتار ورا الترابيزة سكت والمكان كله بقى هُس هُس.. ضربها وقام مشى.. البنت كمان قامت مشيت دون ما ينزل منها ولا نقطة دموع وده في حد ذاته كان غريب لكن تأثير القلم ماكنش على وشها بس، لكن ألمه امتد لوجع في جسمها كله: ألم في المشى، صعوبة في الكلام، جفاف في الحلق والعين، فقدان القدرة على الشم، خلخلة في مفاصل الفك، صعوبة في البلع، وبسبب آخر حاجة دي بقت مضطرة إن أكلها يبقى عبارة عن بطاطس مهروسة بيدخلوها لمعدتها من خلال أنبوبة طبية متوصلة بالأنف لمدة 8 أسابيع!.. لما كشفوا عليها عرفوا إنها مصابة بمرض اسمه (متلازمة سجوجرين) بيصيب المناعة وبيخلّى خلايا الدم البيضاء اللي جوا الجسم تهاجم إنتاج الرطوبة في الجسم.. تمام برضه فين السبب وإيه علاقته باللي حصل من خطيبها؟.. اللي اكتشفه الفريق الطبي إن «ريتا» اللي كانت بتبان إنها عادي ومش متأثرة من كلام اللطخ "فلورنس" كان كل ده بيتخزن في نفسيتها يوم عن يوم لدرجة إن جسمها بقى يهاجم نفسه بنفسه عن طريق خلايا الدم البيضاء اللي بتهاجم إنتاج رطوبة الجسم!.. طبيبها المعالج قال لها: (أنتِ مهلهلة للغاية وأنا في حيرة من أمر علاجك يا عزيزتى والأمر كله نفسي وليس عضوي، توقفي عن مهاجمة نفسك).. والسبب؟.. مجرد كلمة .. لما "فلورنس" قابل أبوها وعرف منه اللي حصل لـ «ريتا» كان هيتجنن وماكنش مصدق إن الجملة الهبلة بتاعته دي تعمل كل ده وكان بيردد دايمًا: (قلتها لها مرارًا ولم يبدو أنها تأثرت!).. بتتفسخ الخطوبة و «ريتا» بتاخد وقتها عشان تتعافى 6 شهور تقريبًا.. من وقتها اتعلمت إنها تقف وتواجه أى حد يدوس لها على طرف وتقفل حدود التمادي معاها في أى حاجة تضايقها عشان فهمت إن الخسارة في النهاية هتبقى هي نفسها.. في أول يوم بتقدر تخرج فيه للشارع بتروح لـ «فلورنس» مكان شغله وهي داخلة عليه هو بيفتكر إنها جاية تصالحه وبيقرب منها فاتح دراعاته بسعادة حقيقية وبمجرد ما يقرب منها بتنزل على وشه بقلم قوى بيفوقه وبيرجع لها ثقتها في نفسها وبيوضع حد لـ "تنمره" وبتقول في وشه بمنتهى الهدوء: (لم أكن يومًا بدينة ولا ذات نمش أيها التافه).. بتخرج وهى ماشية بمنتهى الثقة والقوة وسايباه وراها وهو شايف قدامه واحدة تانية.. واحدة خسرت خطيبها بس كسبت نفسها وهو ده المكسب اللي بتهون جنبه أى خسارة.

• بتحسبها كام مرة قبل كل حرف بيخرج من لسانك لغيرك؟.. طب أنت نفسك كام مرة اتوجعت بسبب كلمة اترمت في وشك دون ما اللي قدامك يحسب تأثيرها عليك؟.. التنمر طبع سخيف موجود في عدد مش قليل من الناس اللي كلنا بنحتك بيهم ليل نهار شغلتهم الأساسية بس: التريقة عليك، تحطيم كل مجاديفك، والتقليل منك ومن أى تصرف حتى ولو كان على هواهم.. ماتسكتش على الإهانة حتى ولو كانت بهزار .. مع الوقت للأسف إهانتك بتتحول لحق مكتسب لغيرك ولو محصلش فرملة من الأول بتبقى عادة ولو اتكلمت واعترضت؛ إنت اللي هتتهاجم.. الله!.. ما إنت كنت ساكت طول عمرك!.. لما بتسكت عن الجليطة في الكلام وقلة الذوق والتسخيف منك في أى فعل الثمن اللي هتدفعه هيكون من صحتك وكرامتك!.. في نفس الوقت لما بتوقف أى حد بيحاول «يتنمر» عليك عند حده إنت كده بتفيد غيرك وبتفيده هو شخصيًا لما بتفوقه.. في أى علاقة محبة الغلّاوة والمعّزة ممكن يتقلبوا للنقيض بسبب عدم التقدير.. ماتجيش على نفسك عشان حد وكفاية مرمطة وإهانة ليها.. كان فيه سواق توك توك كاتب على ضهره جملة بتلخص الموضوع كله: (أنا آسف لنفسى لإني مبهدلها معايا).. توقفوا عن مهاجمة أنفسكم.. الكلمة قادرة تفتح قلوب أو تنهيها.. في الأيام التقيلة دى؛ اللي عنده كلمة رخمة يخليها لنفسه الناس مش ناقصة، واللي عنده كلمة حلوة لغيره يقولها ومايسيبهاش على عتبة التردد، ومايحبسهاش في السكوت.

 

 

تابع مواقعنا