ذكرى وفاة الراحل سعد الدين الشاذلي

في تاريخ مصر المعاصر أسماء رجال حُفرت أسمائهم بأحرف من نور في ذاكرة ووجدان المصريين ومنهم الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية والذى تحل ذكرى ميلاده اليوم.

ولد الفريق سعد الدين الشاذلي في الأول من أبريل عام 1922 بقرية شبراتنا التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية لأسرة متوسطة الحال فوالده كان من الأعيان؛ منذ صغره ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية المصرية ، حيث كان الطفل الصغير "سعد" يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطاً بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير. بعد حصوله علي التعليم الثانوى التحق بالكلية الحربية عام 1939 وتخرج برتبة ملازم وهو في سن 18 وأظهر مهارة فائقة وتفوق علي كثير من أقرانه أثناء دراسته بالكلية الحربية.

بعد تخرجه تخصص في سلاح المشاة وانتدب للعمل بالحرس الحديدى الذى أسسه الملك فارق لحراسته وحمايته ؛ وشارك في العديد من الحروب بداية من حرب فلسطين عام 1948 ثم الحرب العالمية الثانية ؛ سافر في بعثة تعليمية متقدمة إلي الولايات المتحدة الأمريكية وبعد رجوعه اقترح علي الرئيس عبدالناصرتأسس سلاح المظلات المصرى؛ وقد شارك بكتيبته 75 مظلات في العدوان الثلاثي ؛ ثم سافر إلي الكونغو علي رأس البعثة المصرية ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة .

أظهر الفريق الشاذلي تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967، عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة مجموع أفرادها حوالى 1500 ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي؛ ونجح بمهارة فائقة في الحفاظ علي كل قواته من خلال المناورة والدخول بهم إلي عمق صحراء النقب الفلسطينية واستطاع الهروب من طيران الكيان الاسرائيلي بالتركز بين جبلين ولمدة عدة أيام ثم قررالعودة إلي غرب القناة ووصل بقواته دون خسائر تذكر رغم صعوبة الموقف وقتها.

عين بعدها قائدا لمنطقة البحر الأحمر ثم رئيسا لهيئة أركان القوات المسلحة المصرية وبدأ منذ ذلك الوقت بوضع خطة العبور فهو "مهندس حرب أكتوبر" كما يطلق عليه ووضع خطة اسماها "المآذن العالية" وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل نقطتي ضعف هما الأولي: عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها. الثانية: هو إطالة مدة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّاً؛ ثم إن الحالة الاقتصادية ستتأثر بشدة في إسرائيل وذلك لتوقف التعليم والزراعة والصناعة؛ لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وجنود في القوات المسلحة الإسرائيلية.

وبعد نجاح عبور القوات المسلحة المصرية وتحقيق نصر كبير في يوم السادس من أكتوبر؛ حدثت مشكلة الثغرة التي تسببت في خلاف في الرأي بين الشاذلي والرئيس السادات . تقلد العديد من الأوسمة والنياشين وتم تكريمه في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال اطلاق اسمه علي عدد من المشروعات التنموية الكبرى والمحاور المرورية الهامة وكذلك تم اطلاق اسمه علي عدد من الدفعات للكليات والمعاهد العسكرية.

تُوفي الفريق سعد الدين الشاذلي يوم الخميس 10 من فبرايرعام 2011 م، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وقد شيّع جثمانه في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة لقائد وهب روحه وعبقريته العسكرية لوطنه مصر.