الخميس 02 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بين الأزهر والأوقاف والإفتاء.. سنوات من الجدل حول حكم ترقيع غشاء البكارة

الأزهر والإفتاء
دين وفتوى
الأزهر والإفتاء
الأربعاء 01/سبتمبر/2021 - 10:40 م

يشهد الوسط الديني حالة من الشد والجذب بين الأئمة والعلماء حول حكم إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة منذ ما يقارب عقدين من الزمان.

بين مجيز ومحرم ومُجرّم.. انقسم العلماء والباحثون في آرائهم حول حكم إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة، ومن الفتاوى الفردية إلى الجماعية، عاش الناس حالة من التخبط بين آراء العلماء، رغم استناد كل منهم إلى دليله، فأين استقر الحكم في النهاية؟

البداية مع عام 2003، حين أصدرت دار الإفتاء المصرية تحت إدارة الأستاذ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية حينها، فتواها رقم 1438، التي نصت على جواز إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة بغرض الستر على الفتيات.

غرقت الفتوى حينها في دائرة من الانتقادات اللاذعة، رغم توضيح دار الإفتاء المصرية أن الفتوى ليست مطلقة، وأن هناك شروطًا لجوازها.

بيّنت الإفتاء حينها أن جواز إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة مطلق في حق المغتصبة، مشروط في حق من تم التغرير بها، موضحة أن الشرط هو توبة الفتاة، وندمها على فعلتها، وعزمها على عدم العودة إلى هذا الإثم ثانية.

أكدت الديار المصرية أن علة الجواز هنا هي الستر، مشيرًة إلى حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، نافية أن في هذا الفعل تغرير بأي أحد.

كما اعتمدت الإفتاء أيضًا في إجازة عمليات ترقيع غشاء البكارة على نهي عن إشاعة الفاحشة والمجاهرة بها، مستدلةً بقوله جل وعلا: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، إضافة إلى حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَاةٌ إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ».

كما أفتت الدار حينها بإباحة إجراء الأطباء هذا النوع من العمليات الجراحية ولو بالأجر، منوهةً بأنه إذا اشتهرت السيدة بالزنا، أو حدَّت فيه فلا يجوز ذلك؛ نظرًا لانتفاء العلة. 

في هجوم على تلك الفتوى، قال الداعية السلفي الشهير أبو إسحق الحويني إن ترقيع غشاء البكارة فيه تدليس وتغرير بالمتقدم للزواج من الفتاة.

أبو إسحق الحويني 

اعتمد الحويني في ذلك على أنه لا يمكن البت في صحة ادعاء الفتاة، هل تعرضت للاغتصاب فعلًا، أم فرطت في عرضها بمرادها ورغبتها، معتبرًا أن هذا أمر مستحيل، وهو ما سيفتح بابًا للهرج والمرج في الشرف، حسب رأيه، واستنكر الحويني حينها مراعاة المفتي حقوق المرأة بالتستر على فعلتها، وتجاهله لحقوق الرجل الذي من المفترض أن يتزوجها فيما بعد.

على غرار الحويني، استنكر الداعية الإسلامي، والعالم الأزهري، إسلام النواوي، عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوى بوزارة الأوقاف المصرية، إجراء هذا النوع من العمليات، بحجة أن فيه تدليسًا وتغريرًا بالزوج، والغش محرم في الإسلام، استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».

الشيخ إسلام النووي

على طريقهم، سار الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، والمتحدث بالإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية، رافضًا ما آلت إليه فتوى دار الإفتاء المصرية، من جواز إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة، معللًا بأن مهر البكر ليس كالثيب.

الشيخ صبري عبد الرؤوف 

وأضاف عبد الرؤوف أن في رتق الغشاء تدليس وخداع للزوج، كما أنه يفتح بابا للانحراف وفساد الأخلاق، معتمدًا على أن الفتاة إن أمنت عدم كشف أمرها بإجرائها عملية جراحية لاستعادة العذرية، فإنها ستتمادى في المعصية دون خوف.

في الوقت ذاته الذي لاقت فيه الفتوى هجوم كثير من المتخصصين وغير المتخصصين، وقف بعض علماء الدين أيضًا مؤيدين إلى ما جاء في متن الفتوى، كان أبرزهم الشيخ خالد الجندي.

الشيخ خالد الجندي 

أثارت تصريحات الجندي حول عدم وجود ما يسمى بغشاء البكارة، جدلًا واسعًا بين الناس، حيث أوضح أن المراد بالبكارة عدم السبق، وليس الغشاء، مضيفًا أن الغشاء علامة مؤقتة وليست جازمة بعذرية الفتاة.

استند الجندي في تصريحه هذا على أن الله سبحانه وتعالى حليم ستار، فكيف يضع للشرف علامة، شأنها فضح وكشف ما ستره هو، مشيرًا إلى الدراسات الطبية التي تقول إن هناك قرابة 6 أنواع من غشاء البكارة غير قابلة للفض أصلًا، ما يثبت أن الغشاء ليست علامة عذرية الفتاة، حتى وإن كان موجودًا.

كما وقفت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة، والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر الشريف فرع الإسكندرية، موقف الحياد من فتوى دار الإفتاء المصرية.

الدكتورة آمنة نصير 

قالت نصير، في تصريحات لـ«القاهرة 24»، إن هذا النوع من الجراحة جائز بشرط تعرض الفتاة للاغتصاب، ورغبتها وأهلها في الستر، مستندةً إلى أن الستر أمر محبب في الشريعة الإسلامية. 

أضافت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن حكم الجواز ينصرف أيضًا إلى من تم التغرير بها، ثم تابت وأرد أهلها الستر عليها، شريطةَ ألا يهدفوا إلى الغش والخداع بفعلهم ذلك، وإلا حَرُم.

وعلى ذات المنوال، يقول الشيخ محمود الأبيدي، إمام وخطيب المسجد الجامع بمدينتي بالقاهرة، والمتحدث بالإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية، لـ«القاهرة 24»، إن فتوى دار الإفتاء المصرية جاءت مطابقة لما ورد في الشرع من نصوص وأدلة، لافتًا إلى أن الفتوى الجماعية تخضع لكثير من التدقيق والبحث قبل صدورها، كما هو الحال بدار الإفتاء المصرية. 

الشيخ محمود الأبيدي

ومن أصحاب الرأي من أفاد أولًا بعدم جواز إجراء عمليات رتق البكارة ثم تراجع عنها، أشهرهم الدكتورة سعاد صالح، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر الشريف.

الدكتورة سعاد صالح

أستاذ الفقه المقارن صرحت بعدم جواز إجراء عمليات رتق البكارة في البداية، إلا أنها تراجعت عن تصريحها بعد أن حدثها الكثير من الأطباء المعالجين لهذا النوع من الحالات، موضحين أن الفتيات تواجهن حينها خطر القتل، فضلًا عن العار الذي يلحق بأسرهم بعد ذلك.

أوضحت صالح أنها تشاورت مع أصدقائها من علماء الدين والمتخصصين، وأكدوا لها أن الستر أفضل، داعمين رأيهم بأدلة شرعية، جعلتها تحول رأيها فيما بعد، وترى جواز إجراء تلك العمليات، تعليلًا بأن هذا هو الأقل ضررًا لجميع الأطراف.

تابع مواقعنا