الأربعاء 24 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وحدي على درب القمر.. قصيدة للشاعر سيد عبد الرازق

الشاعر سيد عبد الرازق
ثقافة
الشاعر سيد عبد الرازق
الأحد 19/سبتمبر/2021 - 07:20 م

زمنٌ جريحْ

فيه استحلَّ الموتُ آهاتِ النساءْ

فيه انقضى الزهوُ الدميمُ إلى توابيتِ الفناءْ

 

وغدت قصيدتُنا الأبيَّةُ لعبةً 

يلهو بها مَلِكٌ رخيصٌ 

ثم نخَّاسٌ رخيصٌ 

ثم دَجَّالٌ رخيصٌ

لا يَمَلُّون الثراءْ 

 

في معجمي.. عينٌ وراءٌ ثم باءْ

تمضي بها الأيامُ دون توقفٍ في أي دربٍ قد تشاءْ

وأنا أسيرٌ  أُغمِضُ الأجفانَ لا أدري 

ولا تدري قصيدَتِيَ الحدَاءْ

وهنا بأوطانِ العروبةِ 

لا يمُرُّ اللَّيلُ إلَّا مثلَ عَبدٍ 

أسودِ الوجهِ الدميمِ

مكبَّلِ الصَّوتِ المعبِّرِ  والرجاءْ 

عيناه جاحظتانِ من فرطِ العناء

 

وهنا يمرُّ الصبح مكتئبًا 

ويربكُهُ البقاءْ

وهنا يمُرُّ  الحبُّ منكسِرًا 

وتأباه النساءْ

وهنا المسيحُ محاصرٌ 

ودمُ الحسينِ على أكفِّ الخائنينَ بكربَلاءْ

 

هل يستوى كرمُ النبيذِ 

وقصرُ أصحابِ المعالي

بانتشارِ الموتِ في زمن البَغَاءْ

 

يا سيدي 

هل كان هذا ما تشاءْ؟ 

- الآن دَورِي كي أقررَ ما أشاءْ  -

إني سأمضي اليومَ وحدي 

دون تاريخٍ تشوهه يدُ الطغيانِ في عين الصغارْ

دون أحلامٍ تحاول أن تعيشَ إلى النهارْ

سأعيشُ كالجرذِ البليدِ على رصيفٍ من هوانْ

تنساق أقدامي 

فتحملني إلى دربِ الإمام

 

يا أيها الشيخُ المنيرْ

أمي تجابهُ وحدَها طوفانَ نوحْ

خمسونَ قِزمًا يصنعونْ لها الضريحْ

 

يبكي الإمامُ دمًا ويرثي الكبرياءْ

ويخطُّ نحو القبرِ دربًا للبراءةِ

من تماثيلِ التخاذلِ والغوايةِ والغباءْ

وأنا أناجي الليلَ

بين يديَّ ديوانٌ من الأحزانِ

أنتظرُ القمرْ

بيديَّ مِنسأةٌ تكادُ من التآكلِ تنكسرْ

يا سيِّدَ الليلِ المسافرِ في العيونْ

يا لهفةَ الظمآنِ للعشقِ الذي مَلَكَ الجفونْ

أمي تجَابِهُ وحدَها طوفانَ نوحْ

خمسونَ قزمًا يصنَعُونَ لهَا الضَّرِيحْ

 

قد ألقمتْهم مرضعاتُ النفطِ ثديَ الاجتراءْ

بَالُوا جنودًا في مضاجعِ أمِّهن من الرَّضاعْ

وابنُ الخميلةِ في حنايا الجرحِ ضاعْ

 

وبكي القمرْ 

وتفتَّتَ الأملُ المسافر  في العيونْ

ومضي يرتِّلُ لعنةَ الأجدادِ للجسدِ الهزيلْ

 

ومضيتُ وحدي 

نحو مقبرةِ الإمامْ

يا كلَّ آهاتِ النساءِ تجمَّعِي عند الضريحْ

فهناك نُولِم حلمَنا الواهي الكسيحْ

 

يا سيدي الشيخَ / القمرْ

كل المجاذيبِ استفاقوا

لم يعد أحدٌ مريدًا

وانتهي عصرُ التصوُّفِ 

لم نعدْ يا شيخَنَا شيئًا فريدًا

إنَّنَا صِرنَا عبيدًا

لم نعدْ شيئا فريدًا

لم نعدْ شيئا مجيدًا 

لم نعد شَيئًا أكيدًا 

 

نحنُ بعضٌ مِن خَيَالِ الكَاتِبِينَ 

بقِصَّةٍ هم يرسِمونَ خطوطَها 

ونعيشُ في أحدَاثِهَا دَومًا شهودًا

 

يا شيخَنَا 

عُذرًا لأنّي قد سألتُكَ أنْ تَمُرَّ الآن 

في هذا الزمانِ المنتحرْ

 

يا سيدي الشيخَ / القمرْ

فلتنطلِقْ بينَ المذابحِ

قد ترى فيها خيولًا.. قد تصِيحْ

أمَّا أنا سأعودُ ألتزِمُ الضريحْ

وأقول يا حلمي كفاكَ

متى تموت وتستريحْ؟

 

معلومات حول سيد عبد الرازق

الشاعر سيد عبد الرازق من مواليد محافظة أسيوط، يعمل طبيبًا بيطريًا، له العديد من الأعمال الشعرية، وحصد العديد من الجوائز، منها جائزة الفيصل في الشعر، وهذه واحدة من قصائده بعنوان في معطف الكلمات.

تابع مواقعنا