الأحد 05 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وزير الثقافة الفلسطيني: التطبيع مع الاحتلال إقرار بعدم وجودنا.. وهذه رسالتي للمثقفين العرب | حوار

عاطف أبو سيف وزير
ثقافة
عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطيني
الأربعاء 10/نوفمبر/2021 - 07:38 م

الثقافة الفلسطينية موجودة أينما وُجد المثقف الفلسطيني.. وغزة لها مكانة خاصة في عمل الوزارة

 

الاحتلال سرق الأرض ويحاول طمس الهوية الفلسطينية.. والحل في التمسك بالتراث

 

 نشأتي في مخيم اللاجئين جعلتني أحلم بمدينتي الكبيرة وزادت شعوري بالفقد والخسارة 

 

 فلسطين قضية العرب الأولى.. وعلى المثقف ألا يتنازل عن دوره في النضال

 

يُمثِّل منصب وزير الثقافة الفلسطيني- الذي يشغله الدكتور عاطف أبو سيف- عبئًا كبيرًا، فبالإضافة إلى مسؤوليته عن نشر الوعي وتحقيق العدالة الثقافية بين أبناء وطنه؛ فإنه يخوض معارك أخرى مفصلية، على رأسها، المعركة حول الهوية، خاصة مع تسخير الاحتلال الإسرائيلي كل طاقاته للسطو على الهوية الفلسطينية وطمسها؛ بعد أن سلب الفلسطينيين أراضيهم.

 

القاهرة 24، أجرى حوارًا مع الدكتور عاطف أبو سيف، كشف خلاله لنا، كواليس محاولات الاحتلال سرقة هوية فلسطين، وتزييف التراث الفلسطيني لصالحه، وجهود وزارة الثقافة في مواجهة ذلك.

 

وتحدث الوزير أبو سيف أيضا، عن قطاع غزة، وكيف يتم التعامل معه على الصعيد الثقافي، ولم يفوتنا الوقوف على المشوار الإبداعي للوزير عاطف أبو سيف، وأَثَر تجاربه الذاتية على كتاباته الإبداعية، وغيرها من الأمور.. وإلى نص الحوار. 

 

صِفْ لنا المشهد الثقافي الفلسطيني؟

المشهد الثقافي الفلسطيني يتميز بحيوية عالية، وديناميكية فاعلة في كل حقول الثقافة، من آداب وفنون وتراث، وثمة إدراك كبير في الوعي العام؛ لما تشكله الثقافة من مكانة في الكفاح الوطني، وما تمثله من دلالات في الهوية الوطنية، وفي حماية الحكاية والسردية الفلسطينية، فالثقافة في فلسطين تأخذ دلالات متعددة ولها وظائف تتعدى ما يمكن أن يكون لها في سياقات أخرى؛ لذا نجد مثلًا كيف يتمسك الفلسطيني بالدبكة؛ بوصفها واحدة من أعرق ممارساته الفنية المرتبطة بعلاقته بالأرض، فالفتاة والطفل الفلسطيني سواء كان داخل فلسطين، أو في مخيمات الشتات، أو ربما يكون من الجيل الخامس للمهاجرين في أمريكا الشمالية؛ يتعلم الدبكة، ويشعر بارتباطها به بالفطرة.

 

الأمر ذاته فيما يتعلق بالفنون الشعبية المختلفة، من: الزَّجل، والعتابا، والميجنا، وظريف الطول، وغيرها؛ كما في الثوب الفلسطيني، والعادات، والتقاليد.

 

من جهة أخرى أيضًا يواصل الأدب الفلسطيني حضوره في المشهد العربي والعالمي، صحيح أن ثمة تمايز للرواية الفلسطينية على حساب الشعر لاعتبارات كثيرة تتعدى السياق الفلسطيني؛ لكن أيضًا هناك تفاعل كبير مع المنتج الأدبي الفلسطيني بكل أجناسه، أيضًا السينما الفلسطينية حققت نجاحات عالمية لافتة، على صعيد العروض والاحتفاء بها، أو على صعيد الجوائز الكبرى.

 

وبشكل عام يمكن أن نقول: إن المشهد الثقافي الفلسطيني يشهد حالة تصاعد إيجابية؛ استكمالًا لما قامت به الثقافة الوطنية تاريخيًّا منذ أكثر من قرن من الزمن، من أدوار في الحياة العامة في فلسطين.

القدس

هلَّا حدثتنا بالتفصيل عن الوسائل التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي لطمس الهوية الفلسطينية؟

بداية الصراع الحقيقي مع الصهيونية؛ حول الرواية، أقصد السرديات، فاللص الذي سرق البلاد، يريد أن يسرق كل شيء عنها، حتى حكايات جداتنا وأثوابهن، وما يطبخن وما يغنين.

 

اللصوص لا علاقة لهم بالأرض؛ لذا أفضل وسيلة، هي خلق تلك العلاقة، من خلال سرقة كل ما يربط الفلسطيني بأرضه، يبدأ هذا بتحريف أسماء الأماكن؛ حيث تصبح: يافا.. يافو، و: بيتين.. بيت إيل، و: وادي علي.. عيلي، وهلم جرا، وصولًا إلى سرقة الثوب، والمطبخ، وتزوير تاريخ المعابد الكنعانية؛ لتصبح معابد للتلمود.

 

وعدو إسرائيل الأساسي؛ هو التراث الفلسطيني، لأنه الدليل الذي يملكه الفلسطيني عن أحقيته بأرضه، ولا يملكه الغزاة؛ لذا تسعى إسرائيل جاهدة، لطمس كل معالم الهوية الفلسطينية، من تغيير شكل المكان والمخطط المكاني، إلى تحريف الأسماء وتشويه الطبيعة، وصولًا إلى سرقة الموروث الثقافي والفني.

علم فلسطين

كيف تواجه محاولة إسرائيل طمس الهوية الفلسطينية؟

لا شيء يمكن أن يغير من حقيقة الأشياء، فكل محاولات الاحتلال لتغيير هوية البلاد؛ تعثرت أمام تمسك الفلسطيني بأرضه وبحكايته عن هذه الأرض، يستطيعون أن يفعلوا ما يشاؤون، لكنهم لا يستطيعون أن يُقنعوا طفلتي يافا، أن اسمها هو اسم مدينة عائلتها، أو أن الثوب الذي كانت ترتديه جداتها منذ الحضارة الكنعانية حتى اليوم، ليس فلسطينيًا.

 

فالأساس هو تمسك الفلسطيني بهويته وبتراثه، وتعليم كل ما يتعلق بالسرديات الوطنية، للأجيال اللاحقة؛ من أجل ضمان استمرار التمسك به، الأمر الآخر، هو السياسات المضادة التي تتبعها القيادة الفلسطينية؛ من أجل وقف محاولات سرقة الموروث، وطمس الهوية، والتي تنبع أيضًا من فهمنا للدور الكبير الذي تؤديه الثقافة في حماية هويتنا الوطنية، فهي السياج الحامي لحكاية وجودنا على هذه الأرض.

 

وما الدور الذي تؤديه وزارة الثقافة تحديدا في مواجهة طمس الهوية الفلسطينية؟

أطلقنا هذا العام: برنامج تعزيز الرواية الفلسطينية، الهادف إلى تعزيز التمسك بالموروث الثقافي وإحيائه والحفاظ عليه، وإلى تطوير سردية متماسكة، في مواجهة السرديات المزورة والمشوهة التي يحاول الاحتلال تعميمها عن البلاد.

 

ويشمل هذا، الرقي بالمحتوى الرقمي الفلسطيني باللغات المختلفة، والتركيز على المنصات الكبرى، وخلق مواد سمعية وبصرية ومكتوبة، تخدم السردية الوطنية، إلى جانب ذلك، هناك برنامج آخر لحماية الصناعات الحرفية والتقليدية في القرى والأماكن النائية، مثل: صناعة القش والتطريز والخزف والفسيفساء وغير ذلك.

 

كيف يتم التعامل مع قطاع غزة على الصعيد الثقافي من قِبَل الوزارة؟

الثقافة الفلسطينية كل لا يتجزأ، وهي، بحكم القضية الفلسطينية؛ موجودة حيث وجد المثقف والمبدع الفلسطيني، وعمل الوزارة، يشمل كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني في داخل الجغرافيا، أو في الشتات وبلاد الاغتراب، ولـ غزة مكانة خاصة في عملنا؛ لما يتعرض له القطاع من حصار وعدوان مستمر، ولما تواجهه المؤسسات الثقافية هناك من تحديات مزدوجة.

 

ونحن، ومن خلال صندوق الثقافة التابع للوزارة، ومن خلال التدخل المباشر عبر موازنة الوزارة أيضًا؛ نحرص على تنظيم الفعاليات الثقافية الوطنية، مثل: يوم الثقافة الوطني، ويوم التراث الوطني، وملتقى الرواية، وبقية النشاطات العامة للوزارة في محافظات غزة، أسوة ببقية محافظات البلاد.

 

ما الذي تطلبه من المثقفين على مستوى الأفراد.. وكذلك المؤسسات الثقافية العربية لدعم القضية الفلسطينية؟

فلسطين قضية العرب الأولى، وهي الحكاية التي يريد الغزاة محوها من السجل العربي، وهرولة البعض للتطبيع مع العدو؛ يعني قبولًا بروايته المزيفة عن المنطقة التي لا تنفي الفلسطينيين فقط بل تنفيهم هم، وللأسف لا يوجد إدراك بذلك، فهناك من يعتقد أن الأمر مجرد مصافحة وعلاقات وانسجام، لا يمكن للجلاد أن يكون صديقًا ولا يمكن لك أن تسامر قاتل أخيك وتلهو معه. 

والمثقفون هم حماة الهوية، والمدافعون الحقيقيون عن الحق، وعلى المثقف العربي ألا يتنازل عن دوره في النضال؛ من أجل رفعة الشعب العربي، وخدمة قضايا أمته، وعليه؛ على فلسطين أن تكون حاضرة في فعلنا الثقافي العربي، وفي مواقفنا، المؤسسات الثقافية العربية أيضًا عليها مسؤولية كبيرة؛ بحيث لا تنجر نحو مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وتعتقد أن الأمر مجرد تعاون مع مؤسسة ثقافية في تل أبيب مثلًا؛ لأن هذه المؤسسة، موجودة في بيت جدي الذي طُرد منه، فالقصة ليست هَيِّنَة، والمثقف لا يعرف الانسحاب من المعارك الوجودية والفاصلة. 

محمود درويش

 

كيف ترى أدب المقاومة بعد جيل غسان كنفاني ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم؟

هذا جيل من العظماء يصعب مضاهاته أو محاولة إجراء المقارنة معه، جاء في سياقات مختلفة، وقدم الثورة الفلسطينية عبر كتابات متميزة، ومع هذا، يجب ألا نبخس الجيل التالي حقه، إذ أن الكتابة عن فلسطين ولفلسطين لم تتوقف، والتزام الكاتب والفنان الفلسطيني بقضيته الوطنية لم يتغير.

 

صحيح أن ثمة انزياحات في الموضوعات، وثمة نزوع مختلف- ربما يراه البعض للبحث عن الشهرة أو الترجمة أو الجوائز-، ولكن حتى هذا، كان موجودًا في كل المراحل، ولكنَّ ثمة التزام كبير من قبل الكتاب والفنانين الفلسطينيين تجاه قضية شعبهم، ولكن أيضا الحكاية الوطنية توسعت، والهَمّ الفلسطيني شهدا تحولات وهمومًا جديدة، بالطبع كل ذلك عكس نفسه في النتاجات الأدبية الفلسطينية، وترجم نفسه في الكتابة المعاصرة.

 

إلى أي حد انعكست التجارب والحياة الشخصية على إبداع الوزير والكاتب عاطف أبو سيف؟

نحن نكتب عن حياتنا أو ما نتذكره أو نتخيله منها وعنها، والفن ليس محاكاة للواقع فقط بالفهم الأرسطي؛ بل هو إعادة إنتاج له، وأنا نشأت في حي يقطنه لاجئون من يافا في المخيم لذا تشبعت بالقصص الكثيرة عن المدينة الكبيرة التي كان يجب أن أولد فيها لو لم تحدث النكبة وحملت في جيناتي الإحساس بالفقد والخسارة الذي كان يشعر به أهل المخيم، بعبارة أخرى ربيت في بئر للحكايات اسمه المخيم، في كل مكان تسمع قصة وتسمع حكاية عن زمن مختلف ومكان مختلف، ودائمًا أتخيل أنني سأموت دون أن أروي كل ما أعرف. 

عاطف أبو سيف بالشال الفلسطيني

كيف تعامل النقد مع كتابات الوزير عاطف أبو سيف الإبداعية؟

السياسة تظلم الكاتب، ولكنها خيار وعلى المرء أن يتحمل مسؤولية خياره، الناس تحكم عليك لا على كتاباتك أو بالأحرى تحكم على منصبك وموقفهم من الحكومة بشكل عام وعليك أن تتحمل وزر ذلك، ولكن كما علمتني الحياة القليلة التي عشتها فإن النص الجيد يستطيع أن يفرض نفسه، أنا عشت جل حياتي في غزة وكنت أكتب ولم أبال يومًا بالنقد أو الاحتفال أو الاحتفاء ولم أفكر يومًا في وجهة نظر الآخرين.

كان لدي قصة أريد أن أحكيها وكنت ملتزمًا بهدفي، وحين تعيش في جغرافيا مثل غزة تحت الحصار والعدوان المستمر فأنت ضحية فيما غيرك يتمتع بالسفر والحركة وبناء العلاقات العامة غير المرتبطة بجودة نصه، ولكن المثابرة يمكن لها أن تتغلب على كل واقع.

ما طقوس الكتابة عند الكاتب عاطف أبو سيف؟

الكتابة مع الوقت تصبح مثل المهنة يجب أن تقوم بها وفق نسق خاص بها، لا أعرف إذا كانت كلمة طقوس دقيقة لأن الحياة برمتها طقس، ولكن أميل للكتابة في أوقات أكثر من غيرها، ومازلت أميل للكتابة على الورقة وبخط يدي السيئ، ثم أقوم بطباعة ما كتبت بعد أسابيع، وخلال الطباعة أجري التعديلات التي أكون قد فكرت فيها طويلًا، فيما مضى كنت أفضل الكتابة في المقهى، وواصلت تلك العادة لأكثر من عقد من الزمن، الآن أفضل أن أكون وحيدًا حين اكتب، طبعًا أنا أتحدث عن كتابة الرواية.

رواية حصرم الجنة لعاطف أبو سيف

 

 

هل حقًّا نحن في زمن الرواية؟

صعب أن نقول نحن لسنا في زمن الرواية لاعتبارات عديدة، هذا لا يعني موت الشعر، ولكن هناك نزوع واضح نحو الكتابة الروائية، السؤال هل سيدوم هذا الزمن طويلًا، اظن إحدى أوجه الإجابة الصحيحة هو أن ثمة حاجة لأن يلتفت الشعراء أكثر نحو السبب الحقيقي في عدم استعادة الشعر لإمارته.

 

حياة ميتة قصص لعاطف أبو سيف

 

تابع مواقعنا