الأربعاء 08 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

هيئة الرقابة الإدارية.. أبطال معركتنا المصيرية في مواجهة الفساد

الإثنين 29/نوفمبر/2021 - 08:54 ص

منظومة الفساد التي تكونت في مصر عبر العقود الأخيرة، صارت أخطر على مصر والمصريين من أي عدو خارجي؛ لأنها تستنزف خيرات وثروات ومُقدرات البلاد، وتُخرب موسسات الدولة من الداخل، وتُبدد جهود الإصلاح والتنمية، وتنشر اليأس في نفوس الناس.

وهذا ما جعل فرحة المصريين بكل قضية فساد يقوم رجال مصر الشرفاء في هيئة الرقابة الإدارية بالإعلان عنها، والقبض على مسؤولين كبار في الدولة - خانوا الأمانة وظنوا أنهم فوق القانون وبعيدًا عن المراقبة والمحاسبة - تُعادل فرحتهم بنصر عسكري وتحرير أرض مصرية محتلة.

وقد ظهرت تلك الفرحة بوضوح عند القبض بداية على وزير الزراعة الأسبق الدكتور صلاح هلال، ونائب رئيس مجلس الدولة المستشار وائل شلبي، ومدير المشتريات بالمجلس جمال اللبان. ومرورًا بقضية  نائبة محافظ الإسكندرية الدكتورة سعاد الخولي، وسكرتير عام محافظة السويس اللواء شكري سرحان. وانتهاء في الأيام الأخيرة بقضية الفساد في مكتب وزيرة الصحة، والقبض على رئيس جامعة دمنهور الدكتور عبيد صالح بتهمة تلقي رشوة.

 ولكن هذا الفرح النابع من إدراكنا أن لا أحد في مصر اليوم - مهما كان منصبه - فوق القانون وبعيدًا عن المحاسبة، لا يمنعنا من القول بأن للفساد في بلادنا وجوه واشكال  كثيرة، منها الرشوة وسرقة المال العام، وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، والتربح من الوظيفة العامة بطرق غير قانونية، والمحاباة والمحسوبية.

ولكن أكثره وجوه واشكال الفساد التي عرفناها في العقود الأخيرة، تدميرًا للاقتصاد والمجتمع والمؤسسات، هي تولية إدارة الشأن العام وبعض المؤسسات لغير الجديرين بهذا الشرف والتكليف، وبدون معايير اختيار رقابية صارمة تجعلهم من أهل الثقة والكفاءة، وفوق مستوى الشبهات.

 لأن هذا الاختيار الخاطئ خرِّب المؤسسات من الداخل، وفتح الباب لكل أشكال الفساد، وبدد الإمكانات وفرص الإصلاح والتطوير، وأعطي فرصة لمن لا يملك موهبة ولا فكر ولا رؤية، ولا نزاهة وإخلاص «لتدوير» مؤسسات الدولة بما يخدم ذاته وأسرته ومعارفة، ويخدم "الشلة" وجماعة المصالح المرتبطة به. 

وهذا يعني أن اختيار العناصر التي هي دون المستوى المهني والشخصي في مواضع القيادة، يُفسد حاضر المصريين، ويسرق مستقبلهم، ويؤدي إلى انتشار ثقافة الفهلوة والشلالية، ويجعل الشباب الطموح الموهوب المجتهد، يُشعر باليأس وعدم جدوى الاجتهاد والعمل، فتتماس عندهم البدايات بالنهايات، وتشيع بينهم ثقافة اللامبالاة والعبثية.

وبالتالي فإن الخطوة الأولى في إصلاح مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد، هي حُسن اختيار القيادات.

مع العلم بأن إرث الفساد في قطاعات ومؤسسات ونخب الدولة المصرية، أكبر مما يمكن تصوّره، وقد تشكل عبر عقود طويلة ماضية، تم فيها إسناد الأمر  إلى عناصر دون المستوى المطلوب في النزاهة والكفاءة، حتى تحولت بعض المؤسسات إلى شبه إقطاعيات خاصة، تتحكم فيها ثقافة الشلالية، ويُديرها وفق هواه مَن يظن أنه رب المؤسسة الأعلى، وكل خيرها يجري من تحته، ليختص به نفسه والشلة وأصحاب الولاء والمصالح من حوله.

ومحاربة هذا الفساد وتفكيك تلك الشبكات العنقودية الفاسدة، معركة مصرية مصيرية يجب أن نخوضها جميعًا اليوم، وهي لا تقل أهمية عن المعركة التي نخوضها منذ سبع سنوات في مواجهة التطرف الفكري والإرهاب وإعادة بناء مؤسسات  واقتصاد الدولة وبنيتها التحتية.

وهذه المعركة المصرية المصرية تحتاج منا تقوية الأجهزة الرقابية، خاصة هيئة الرقابة الإدارية، ومنحها سلطات وحرية أكبر في الرصد والمراقبة والتقييم والمحاسبة؛ لأن هيئة الرقابية الإدارية ومعها كل أجهزة الرصد والمعلومات، هم اليوم خط مناعتنا الأول في مواجهة الفساد وكل أشكال التطرف والإرهاب.

تابع مواقعنا