السبت 20 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ياسر رزق.. إلى ربك الرجعى

الأربعاء 26/يناير/2022 - 05:46 م

لمعت عيناه ثم ارتعش، ثم انتشى بالوداع، أغمض عينيه على وطن نابض بالمحبة، وفي قلبه ألف سؤال وإجابة عن "سنوات الخماسين"، أغمضها بعد أن أيقن تماما أن الأمل باق في قلوب من أحبوه أو تعلموا منه أو نشأوا على مدرسته الصحفية الخاوية من الخواء والاستسهال والتجارة الرخيصة، وبعد أن آمن تمام الإيمان أن حب الوطن والعمل لأجله، راسخ فى وجدان من انتحبوا لأجله، ومن حملوا جثمانه إلى حيث يحظى ببقية حياة خالية من الترقب والسعى خلف المتاعب فى مهنة قاسية ملول.

ياسر رزق، خرج حاويا في قلبه ملفات وطن، يدرسها في عقله بعناية فيلسوف وضمير قاض.. يقلبها ذات اليمين وذات الشمال، وهمّ البلاد باسط يديه بينها، إلا أن القلب لم يحتمل كل هذا الحكى وكل تلكم التفاصيل فصار إلى التوقف أقرب كأنما ليريح صاحبه عناء الفكر والتجوال بين ما غشى الوطن من مؤرقات ونصب ليرقد فى سلام ومحبة هادئ الملامح كما كان، صموتا وقورا كما عاش فى سنواته الخمسين.

كأنما هو بالذات، من اختاره قلبه ليطمس حقائقه الساكنة فى دواخله وأدراج مكتبه.. "إن إلى ربك الرجعى"  يا ياسر، يا من رحلت في مرحلة فارقة بحق، في بلاط صحفى يمزقه الرحيل – رحيل العارفين - لكنه لا يبكي، وكأنما خرج لتوه من أتون الوجع بلا ذكريات، خائب الرجاء ومطأطأ الأماني، يتلفت حوله عله يجد من ريح من رحلوا قليلا قبل الوداع الكامل.

السيسي.. رئيس بدرجة إنسان جدا

ياسر رزق الذى تخرج من دراسة الإعلام وقت أن كنت أحبو بغير مجاز، ترك إرثا لا يحتمله غير من هم أهل له، إرثا من الوطنية والكتابة والالتفاف حول القضية، ترك للحق صوت وللحقيقة وجود، وللصحافة مدرسة، فكان رحيله فارقا مسربلا بالوجع لدى كل من عرفوه وعاشروه أو عملوا معه في وسط وبيئة لا يرحمان، ولا يفرطان ولا ينامان.

بين يناير الغضب ويونيو الخلاص كان ياسر رزق رابضا للحقيقة، يموج بعلمه وحكاياته وخبراته ومعاصرته للحدث والذكرى، يبدو متألقا بقلمه كعادته، لكنه الألق النهائي، والعطاء السرمدي، الذي سيذهب معه إلى عليين، راضيا عنه وبه، فـ  "سنوات الخماسين"، التي خطها بمداد من دمه وحياته، لن تكتمل بعد اليوم، إذ أضحى على الراحل أن ينظر من أعلى إلى السنوات الباقيات في عمر البشرية بينما تمر مر السحاب، تحمل له النجوى فى وطن مطمئن آمن.

الرئيس المثالي.. جدا!

ياسر رزق، كما يقول المقربون كان يحمل في جوف القلم إصدارات أخرى من كتابه، إلا أن القدر لم يمهله ليكمل سلسلة المعاصرة والتأريخ لحقب عاشت فيها البلاد مزيجا من الوطنية والخيانة وصراعا بين النور والظلمة، وتأرجحا بين صرخات الظلم وصيحات النجاة، لكن القدر قدم لياسر رزق في المقابل خلودا للاسم والعطاء، ورحيلا لن يهدأ ما استمر مداد القلم.

تابع مواقعنا