قراءة في تاريخ الحروب مع كرة القدم

مع دقة ساعة الحرب وانطلاق صافرات الإنذار وسماع دوي الانفجارات تتوقف الحياة بصورة شبه كاملة داخل الدول التي تخوضها. الاضطرابات التي تحدثها الحروب في كافة أرجاء البلاد كفيلة بأن تشل الحركة السياسية والاقتصادية والرياضة وغيرها بشكل يوحي بتوقف الحياة في هذه البلاد.

وتعد كرة القدم الساحرة المستديرة واللعبة الشعبية الأولى في العالم، وهي أحد أهم النشاطات الرياضية التي يصيبها نار الحرب.

وتأثير الحروب على كرة القدم سببه الأول في أنهما يجتمعان معًا على أن نقطة قوتهما في الشباب بم إنهم يمتلكون النشاط والحيوية والقوة البدنية التي تقتضيها الحروب وكرة القدم وخلال الحروب يتم استدعاء الشباب للجيوش للدفاع عن بلادهم مما يتسبب في عجز في العنصر البشري لهذه اللعبة التي تعتمد علي الشباب ويتحول معظم اللاعبين إلى محاربين.

مع اندلاع الحرب العالمية الاولي في بدايات القرن العشرين توقفت المسابقات الكروية لبعض الوقت حيث تم وقف النشاط بالدوري الإنجليزي والدوري الألماني من 1914 إلى 1919 بسبب الظروف الصعبة التي عاشتها هذه البلاد.

ومع بداية الحرب العالمية الثانية تم إلغاء بطولة كأس العالم عام 1942 وعام 1946 واستأنفت بعد انتهاء الحرب في البرازيل عام 1950 بعد مرور 12 عام علي اخر بطولة أقيمت في فرنسا عام 1938 وكانت قد بدأت أول بطولة لكأس العام في إيطاليا عام 1930.

وفي سياق الحديث عن العلاقة بين الحروب وكرة القدم وكما تحدثنا عن تسبب الحروب في إيقاف نشاط كرة القدم نتحدث عن حرب تسببت فيها لعبة كرة القدم عندما أقيمت مباراة بين منتخبي السلفادور والهندوراس في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1970 بالمكسيك.

وفازت هندوراس علي ملعبها في المباراة الأولي واعتدت علي جماهير السلفادور حتي وصل الأمر لفرارهم دون ممتلكاتهم وتوالت الأحداث بعد ذلك واشتدت في مباراة العودة في السلفادور التي فازت فيها وتأهلت لكأس العالم 70 إلا أن الدولتين نشرا قوتهما علي الحدود وحلقت طائرات هندوراس أجواء السلفادور وبدأت الحرب التي راح ضحيتها نحو 3000 قتيل وأكثر من 10000 جريح.

ورغم أن العلاقات لم تكن طيبة آنذاك بين البلدين واشتهار قارة أمريكا الجنوبية بالشغف الجماهيري نحو كرة القدم إلا أنه لم يتوقع أحد قيام حرب حقيقية بهذا الشكل.

ونجحت بعد ذلك منظمة الدول الأمريكية في التوصل لوقف إطلاق النار لكن استمرت الآم الحرب بين البلدين وتوقفت حركة التجارة بينهم لمدة عقود

من نجوم الكرة التي خلفتها الحروب.

اللاعب لوكا مودريتش وهو كرواتي الأصل وهو يقود خط وسط ريال مدريد حاليًا في عام 1992 كان في الثامنة من عمره هرب مع عائلته عندما استولت القوات الصربية علي أجزاء كبيرة من كرواتيا وقتلت جده وانتقل بعدها مودريتش إلى زغرب والتي تبتعد عن مسقط رأسه نحو 300 كم وانضم هناك إلى دينامو زغرب

وتمكن بسبب إعارته للكثير من الأندية لجمع الكثير من الخبرات التي أهلته ليكون أساسيا ويقود وسط ريال مدريد وقبله توتنهام.

الحروب مع كرة القدم المصرية

توقف النشاط الرياضي في مصر عقب نكسة 67، حيث كانت الكرة المصرية تخطو خطوات حثيثة نحو التطور في زمن الصعب وحصل في هذا العام النادي الإسماعيلي على دوري أبطال إفريقيا بفوزه علي فريق جلمبير.

وخلال سنوات التحضير لحرب أكتوبر توقف النشاط الرياضي حتي عاد موسم 1972 ولكن سرعان ما ألغي بعد مرور 6 أسابيع من الدوري الممتاز، بعد أزمة مروان كنفاني حارس مرمي الأهلي إمام الزمالك.

عاد موسم النشاط الرياضي مرة أخري عام 1973وهو عام الحسم في قرار حرب أكتوبر المجيدة وانطلقت مسابقة الجوري الممتاز وشدت قلعة الفلاحين نادي غزل المحلة الأسلحة أملا في إسعاد الجماهير التي لم تكن تفكر سوي في عبور القناة وتحطيم أسطورة خط بارليف وأيضا لم تترك عشقها وتشجيعها الساحرة المستديرة وحصل غزل المحلة هذا العام علي الدوري بالجيل الذهبي للفريق السيادي وعماشة وغيرهم وملأت جماهير المحلة القاهرة في فرحة عارمة لم تشهدها البلاد كانت منذ حصول الإسماعيلي علي دوري أبطال إفريقيا عام 70 وملأ شوارع القاهرة 120 ألف متفرج.

لم يتوقف تأثير الحروب علي كرة القدم علي مدار التاريخ وإلى وقت كتابة هذه السطور.

صباح الأمس بدأت عملية عسكرية أعلنها عنها فلاديمير بوتين الرئيس الروسي في مؤتمر صحفي في ساعات الصباح الأولي داخل الأراضي الأوكرانية، مساء أمس أيضا قرأنا بعض الأخبار المتداولة عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

بنقل المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا المقرر إقامتها في موسكو إلى مدينة أخرى، وفي 2014 في معركة جزيرة القرم، وكانت أيضا بين أوكرانيا وروسيا حرص الاتحاد الأوروبي لكرة القدم علي عدم مواجهة الأندية الروسية للأندية الأوكرانية.

بالطبع نتمنى أن يسود وينعم عالمنا بالأمن والأمان والسلام والاستقرار، وإن لا يكون للحروب أي طريق تصل إليه، وإذا قدرت وحدثت فليس مايهمنا في المقام الأول من اندلاعها.

هو توقف النشاط الرياضي لكرة القدم، لكن غاية اهتمامنا هي سلامة المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ نحزن على إزهاق الأرواح والدمار الذي تخلّفه نارها.