الإثنين 29 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أحمد فضل شبلول: قراءة الشعر في تراجع مستمر

أحمد فضل شبلول
ثقافة
أحمد فضل شبلول
الإثنين 21/مارس/2022 - 11:38 م

قال الكاتب أحمد فضل شبلول من يتأمل مشهد الشعر العربي والعالمي الآن، سيرى تراجعا ملحوظا لهذا المشهد إزاء تسيُّد أشكال أدبية أخرى تتقدم المشهد الأدبي الآن مثل الرواية، وهذا يترجمه فوز عدد كبير من الروائيين بجوائز عالمية كبرى مثل جائزة نوبل، ورصد جوائز أخرى كبرى للرواية على المستويين العربي والعالمي. بل لجأ عدد كبير من الشعراء العرب إلى كتابة الرواية، ربما لأنها الأكثر استجابة لمشروعاتهم الأدبية ورؤيتهم للعالم، فانتقال بعض الشعراء إلى كتابة الرواية، أو على الأقل مزاوجتهم بين الكتابتيْن، مما يُعتقد معه أن هذا الانتقال قد يفيد الرواية، وقد علق أحد الباحثين قائلا:  إنه موسم الهجرة إلى الرواية، ولكن هذا الباحث يعود فيقول: مع كل ما يقال عن الرواية وصعودها الراهن، يظل الشعر أكثر فنون القول التصاقا بهواجس الفرد وعالمه الداخلي الذي يعج بالحنين والتحدي والإحباط.

وأضاف أحمد شبلول في تصريح لـ القاهرة 24: من خلال دراسة تقرير حالة الشعر العربي الآن في الأقطار العربية كافة، نستطيع أن نستخرج بعض الإشارات منها أن الشعر العربي الراهن لم يعد الشعر منشغلا بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي انشغل بها نظيره في العقود السابقة، فانشغاله الأساس أصبح تأمل الذات في كوامنها أو في علاقاتها سواء بالوجود أو بالعالم أو بالآخر، مما أدى إلى ابتعاد الشعراء عن التفاعل مع حركة مجتمعاتهم وقضاياها الكبرى، وجعلهم ينتجون نصوصًا لا تنجح في خلق تواصل مع قارئ يبحث عن الخيط الذي يرشده لفهم النص والاستمتاع بجمالياته، فضلا عن نشأة جيل جديد منقطع مرجعيا عن شعراء القرن الماضي، وهو الجيل الذي يجرب كل أشكال الكتابة من دون عقدة إجناسية، ولا تموقع أمام الأشكال الكتابية، وهو ما يمثل اختراقا إبداعيا داخل المنظومات المغلقة للشعراء المكرسين.

وتابع شبلول: كما لاحظنا أن هناك رؤيتين متناظرتين للحداثة الشعرية تسيران نحو المستقبل في اتجاه واحد، ولكن بسرعتين مختلفتين: رؤية تقليدية تنادي بالانتصار للشعر العمودي والمحافظة عليه، وترجيح كفته بالوقوف في وجه النماذج الكتابية المتحررة من الوزن والقافية وتساوي الشطرين، ورؤية حديثة تحاول أن تستجدي التجارب الغربية والعالمية في أقصى ما يحققه التجريب في الفكر الإبداعي العالمي على الرغم من العوائق التي تقف أمام الاختراق السلس للبنيات التقليدية للثقافة العربية.

وأكد شبلول قد أثبت هذا التقرير أن قراءة الشعر في تراجع مستمر، وأن هناك تراجع في منشورات الشعر ونقده، وأن الإعلام لا يفي الدواوين الشعرية حقها. وأن الشعر ينتعش في حلقات ضيقة، حيث إنه لم يعد جماهيريا، مع انحسار "المهرجانات" الشعرية الكبيرة، ويبدو أن الجمهور فقد شغفه القديم بالقصيدة، وقد لجأ بعض الشعراء إلى النصوص الشعرية القصيرة جدا، وما يلزمه من تكثيف النصوص واختزالها في شكل لمحات وإشارات، وهو ما أسماه بعض الباحثين بـ قصيدة الومضة التي شملت قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، ولم تعد أغلب القصائد تسير نحو التصنيف والوقوف على الغرض، إذ باتت أكثر تعقيدا وأشد تشابكا، فباتت بنت التأويل وعدم التمكين، أي لا تمكن القارئ منها عبر آليات الغموض والترميز التي تبوح ولا تقول، وتلمح أكثر مما تصرح، بالإضافة إلى ما سبق تنازع الشعر العربي فنّان السرد والشعر العامي اللغة المحكية وربما استطاعا أن يسحبا البساط من تحت الحضور الطاغي الذي ظل الشعر يتمتع به لقرون سلفت، حيث لوحظ الرواج والحضور الطاغي للسرد/ الرواية باعتباره فن التفاصيل.

واستكمل شبلول كما لوحظ أن عدد النساء من الشواعر بات كبيرا إذا قيس بالفترات الشعرية السابقة، على مستوى الوطن العربي، وبظهور الأصوات الشعرية النسائية أصبح للشعر واقعا أقوى، وعلى الرغم من انتشار قصيدة النثر، وهيمنتها على المشهد الحالي، فإن كتاباتها جاءت باهتة، ولم تؤصل تيارا شعريا واضحا، بل أن معظم الشعراء الذين كتبوا قصيدة النثر، لم يخلصوا لها، إذ أنهم سريعا ما ارتدوا إلى قصيدة التفعيلة أو العمودية أو تسربوا إلى عالم السرد، بينما اعتقد أحد المتابعين أنها قوضت البناء التفعيلي، ورأى باحث آخر أنه من الخطأ الفادح تصور انفصال الإيقاع في قصيدة النثر انفصالا كاملا عن إيقاع الشعر العربي، بينما قال باحث ثالث إن ثمة من يدافع عن قصيدة النثر وكأنها بنت اليوم، متناسين حقيقة كبرى أن هذه القصيدة قد شبّت عن الطوق منذ زمن بعيد، وأن الدفاع عنها يكاد ينحصر في الأجيال الجديدة من كتابها فقط، خوفا من مصير ما، يترصدهم مع كل نص جديد يكتبونه، ولنا أن نلقي نظرة أيضا على أحوال نقد الشعر، فقد لوحظ أن المنجز النقدي هو الحلقة الأضعف، وأن الدراسات النقدية الخاصة بالشعر قليلة نسبيا حتى في الرسائل والأطاريح الأكاديمية قياسا بالدراسات السردية، وأن حال النقد الشعري يتراجع بقوة.

تابع مواقعنا