الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

المُصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين

أحمد عبد العال عمر
مقالات
أحمد عبد العال عمر
الثلاثاء 28/يونيو/2022 - 11:48 ص

إن أهمَّ مُكتسبات ثورة 25 يناير 2011، هو خروج عدد كبير من الخلايا النائمة لجماعة الإخوان المسلمين في المجتمع ومؤسسات الدولة من طور الخفاء إلى طور الظهور، وإعلانهم عن انتمائهم الفكري والتنظيمي للجماعة، وبخاصة بعد وصول الدكتور محمد مرسي إلى مَقعد رئاسة الجمهورية، وسيطرة الجماعة على مجلسَي النواب والوزراء.

 

وقد دفعهم إلى ذلك الخروج العلني، ظنُّهم أن زمن التقية والخوف الأمني قد ذهب إلى غير عودة، وأن الانتماء للجماعة لم يعد يُشكِّل تهديدًا لمصالحهم وأعمالهم، بل صار مفخرة ومجلبة للمنفعة، ووسيلة للترقي الوظيفي والاجتماعي ونيل الامتيازات المختلفة.

 

وقد مثّل هذا الظهور خدمة كبيرة للأجهزة الأمنية التي استطاعت لاحقًا تحديث قاعدة معلوماتها عن أعضاء الجماعة والمنتسبين إليها، وقياس مدى اختراق الجماعة وأعضائها للمجتمع ومؤسسات الدولة.

 

أما أهمَّ مُكتسبات ثورة 30 يونيو 2013، فهو إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبيان تهافُت خطابها ومشروعها، وتناقضهما التام مع الثوابت الوطنية والأمنية والثقافية للدولة المصرية.

 

كما تأكد للجميع بعد ثورة 30 يونيو حجم الجناية التي ارتكبها قيادات جماعة الإخوان المسلمين في حق الوطن أولًا، وفي حق منتسبيها والمتعاطفين معها ثانيًا؛ عندما لم يرضخوا لرغبة الشعب في إنهاء حكم الجماعة واسترداد ثوابت وهوية الدولة المصرية.

 


وعندما لم يعترفوا بأخطائهم التاريخية، ودلَّسوا على المنتسبين إليهم والمتعاطفين معهم، وأدخلوهم في "صدام دموي" مع الدولة من أجل خلق "حالة كربلائية زائفة" تتغذى على الكراهية ومشاعر العداء للدولة المصرية ومؤسساتها، وتضمن لهم وحدة واستمرار وجود الجماعة.

 

ورغم ذلك استطاعت مؤسسات الدولة المصرية، مدعومة برغبة وإرادة الشعب، التصدي لهم وإفشال مخططاتهم، ومواجهة حملاتهم الإعلامية، وضرب تحالفاتهم الخارجية، وتعريتهم الأخلاقية والسياسية في عيون الكثير من المنتسبين إليهم والمتعاطفين معهم.



وفي ضوء كل تلك النجاحات التي حققتها الدولة المصرية ومؤسساتها الأمنية في مواجهة سلوكيات ومخططات جماعة الإخوان المسلمين في السنوات الماضية، هناك سؤال يطرح نفسه اليوم على خلفية ما يحدث من متغيرات داخلية وإقليمية ودولية، وهو:

 

هل يمكن للشعب المصري والدولة المصرية قبول أو مناقشة فكرة المُصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين؟

 

وهو سؤال أظن أنه يدور في الخفاء هذه الأيام، ومن المُهم أن يخرج للعلن – ونحن على مشارف بداية الحوار الوطني -  من أجل البحث عن إجابة له تضمن تجاوز حالة العداء والكراهية بين الجماعة ومنتسبيها والدولة المصرية، وغلق باب أي تهديد يأتي للدولة من طرف الجماعة ومنتسبيها وإعلامها، وعبر تحالفاتها الإقليمية والدولية.

 

والإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الواقعية والوعي السياسي والتاريخي والوطني، ويجب أن تهدف لتحقيق غايات اجتماعية وإنسانية نحن في أشد الحاجة إليها.

 

كما أن هذه الإجابة يجب أن تستهدف السعي لاحتواء أعضاء للجماعة الذين لم يدخلوا في صدام مسلح مع الدولة المصرية، ولم يتآمروا عليها، وضمان عدم ملاحقتهم الأمنية، بعد اعترافهم بزيف وتهافت الأفكار والغايات التي تم التدليس عليهم بها، وجعلهم في عداء فكري وسياسي تاريخي مع الدولة المصرية ومؤسساتها.

 

وهذا يعني أن أي مُصالحة مستقبلية مع جماعة الإخوان، يجب أن تأتي بعد إجراء قيادات ومنتسبي الجماعة لمراجعات فكرية صادقة وحقيقية، وحلّ تنظيم جماعة الإخوان ذاتيًا، واستبعاد أي دور سياسي مستقبلي للجماعة، وأي حضور تنظيمي سري أو معلن مرة أخرى، مع إظهار وممارسة كل صور وسلوكيات احترام للدولة المصرية ومؤسساتها وخيارات شعبها في 30 يونيو 2011.

 

أمَّا المُصالحة التي تبتغي عودتهم من جديد كجماعة خدمية أو دعوية أو تنظيم سياسي، فهي مُصالحة لا يُمكن القبول بها؛ لأنها سوف تكون فترة كمون جديدة للجماعة، تُعيد فيها بناء نفسها وهياكلها واقتصادها وقواعدها، واستقطاب منتسبين جدد كما حدث في الماضي.

 

ولأنها مُصالحة سوف تُبدد أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو، وسوف تُعيدنا عاجلًا أو آجلًا إلى حالة الصراع التاريخي على السلطة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين نظام حكم ومؤسسات الدولة الوطنية المصرية التي تأسست على شرعية ثورة يوليو 1952؛ لنُعيد إنتاج الماضي من جديد بكل الثمن السياسي والإنساني والاجتماعي الثقيل الذي دفعناه فيه عبر السبعين عامًا الماضية.

تابع مواقعنا