السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الإتيكيت.. موضة قديمة!!!

الإثنين 25/يوليو/2022 - 11:48 م

فوجئت خلال الفترة الأخيرة وأثناء تصفحي لمنصات التواصل الاجتماعي بموجة انتقادات عاتية وغير مبررة على محتوى ما تقدمه خبيرة التجميل "أمينة شلباية" من فيديوهات مصورة عن تعليم فنون الإتيكيت إلى الحد الذي وصل بالبعض إلى الاتهامات المباشرة لها بالتكلف، بل وأثار دهشتي الرفض المجتمعي الي كان غالبا لدى البعض لهذا المحتوى الهادف. 
والحقيقة أن فنون "الاتيكيت" ليست حديثة العهد بالمجتمع المصري، فبالعودة إلى الوراء خمس وست عقود بل وأكثر  نجد أن مصر كانت تعلم الدول فنون الرقي والآداب المجتمعية، فعندما تشاهد أفلام الأبيض والأسود المصرية الجميلة  ترى صورة مجتمع متحضر، وحتى شكل الحارة القديمة كان في منتهى التحضر والرقي، فتجد المرأة المصرية الأصيلة التي ترتدي (المنديل بأوية) تقوم بتحضير الطعام بكل نظام وفخامة كانت معتادة في ذلك الوقت، وترى الأسرة البسيطة الفقيرة تأكل على طاولة منمقة وبأدوات لتناول الطعام لا نراها حاليا سوى في المطاعم الفاخرة. 

وربما بعد ظهور مطاعم الوجبات السريعة واعتيادنا على شكل ونمط الحياة السريع وظهور مواقع التواصل الاجتماعي وسيطرتها علينا إلى الحد الذي وصل فيه البعض أن يتطاول ويتعدى على من يريد؛ أصبحت بعض العادات التي تربينا عليها وتربى عليها أجدادنا غريبة ومصدرًا للسخرية والاستهزاء، ولا يقتصر هنا الأمر فقط على الشكليات وطريقة استخدامنا ( للشوكة والسكينة ) بل نالت تلك الموجة السيئة من أخلاقنا وأصبحنا متطرفين حتى في طريقة النقد اللاذع والتشفي غير المعهود بل ووصل بالبعض إلى تحويل الحوار بيننا إلى شتائم وجرائم يعاقب عليها القانون، من خلال ذلك الفضاء الإلكتروني حيث يعود ذلك إلى أننا فقدنا حتى الرقى اللفظي. 

إن الذي حدث بشأن "الإتيكيت" يدفعنا إلى تساؤل قوي وهو لماذا لا نعود للوراء وهنا أعني تماما ما أقول.. لماذا لا نعود لعصر الرقي الأخلاقي والقيم المجتمعية العظيمة التي هي بالفعل في تراثنا العريق؟ فظاهرة (التربية الحديثة) التى نلجأ إليها جميعا الآن في تنشئة أطفالنا ليست بحديثة بل قديمة، ولكن بعد الفجوة الأخلاقية التي حدثت مؤخرا بدأ البعض ينظر للغرب كي يطبق ما فقدناه من قيم تربى عليها أجدادنا وورثناها عنهم منذ قديم الأزل.

ومن هنا أؤكد أن الإتيكيت والآداب المجتمعية لتناول الطعام هي موضة قديمة، وربما يعود تاريخها إلى العهد الفرعوني الذي كان أول من اخترع الأواني الفخارية لطهو الطعام وحفظه، والأكواب من الذهب والنحاس والقصدير وغيرها من المعادن للشراب، وكذلك صنع المصري القديم الملاعق بأنواعها المختلفة والسكاكين لتقطيع الطعام منذ أكثر من 3 آلاف عام، ليبهر أجدادُنا العالم بتوثيق ذلك الإتيكيت على جدران المعابد.

إن ما حدث للمجتمع المصري مؤخرًا لهو تغير جذري للقيم المجتمعية الأصيلة التي تدهورت واختفت مع اختفاء وتدهور الفكر الراقي والتحضر الذي ورثناه جميعا بالفطرة، ولكننا بدّدناه بممارسات بغيضة على مواقع التواصل الاجتماعي.

تابع مواقعنا