الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ما حدث في مزرعة الثعابين

الجمعة 18/نوفمبر/2022 - 03:41 م

• من وقت للتاني زيي زيكم بيصيبني الإحباط بسبب وضع معين أو تأخير حاصل أو دربكة في الحسابات اللي مكنتش على البال وبسببها كتير من الخطط بتقف!.. عشان كده بيبقى مهم برضه من وقت للتاني إني أفتكر وأفكركم معايا بناس شبهنا اتحطوا في نفس الظروف دي وقدروا يعدوها يمكن ألاقي وتلاقوا معايا في قصصهم دي نقطة نور لينا إحنا كمان.

• في أوائل التسعينات كان فيه مزارع هولندي اسمه "فان كليوفيرت" كان عنده مزرعة في هولندا وبيكسب من وراها كويس جدًا.. بس ولأن مش كل الناس بترضى بالحياة النمطية المملة المعتادة حتى ولو كانت بتجيب لهم فلوس كويسة وبيحبوا دايمًا فكرة المغامرة؛ فجأة قرر "فان" يبيع مزرعته دي ويعمل مخاطرة ويسافر يشتري مزرعة جديدة في "جنوب إفريقيا" لأنه سمع إن الأراضي هناك رخيصة، مساحاتها واسعة، وتربتها خصبة وصالحة لزراعة أغلب إن مكنش كل أنواع الخضار والفاكهة، وبالتالي وبنظرة استثمارية بحتة أكيد أرباحه ومكاسبه هتبقى أضعاف اللي حققه في هولندا!

يا عم طب ما أنت مرتاح وأمورك تمام التمام في هولندا!.. لأ أنا عايز أجرب.. ماخدش وقت كتير في التفكير ونفذ فورًا.. باع كل أملاكه في بلده وسافر جنوب إفريقيا واشترى أرض كبيرة هناك.. بس للأسف "فان" لقى مفاجأة صعبة منتظراه!.. الأرض اللي اشتراها كانت مليانة تعابين وعقارب بشكل مقزز وبأعداد ضخمة.. يعني تقدر تقول وبدون مبالغة إنها كانت مزرعة ثعابين وعقارب بمعنى الكلمة!.. بالهنا والشفا يا عم "فان" ما الناس كتير ياما نصحوك وأنت اللي ركبت دماغك.. قال لك مش مهم وبدأ يفكر هيطردهم إزاى؟.. هينفع يزرع في الأرض إزاي؟.. طبعًا كل الأحلام اتدغدغت مليون حتة وحصل له شلل في تفكيره، ومبقاش عارف يعمل إيه، وندم إنه اشتري أرض بدون ما يفحصها كويس، وبدأ شبح الإفلاس يطارده

بس اللي حصل حصل، وفيه أمر واقع صعب هو موجود فيه دلوقتي.. قدامه حل من إتنين.. يا إما يحط إيده على خده ويستسلم ويستنى إنها تتحل لوحدها يا إما يحاول يغير إتجاه الصعب ده ويستغله!.. اختار الحل التاني وشغل دماغه وسأل نفسه سؤال واحد: (إيه الإستفادة اللي ممكن آخدها من الأرض في وضعها الحالي، وإزاي ممكن أحول نقطة الضعف اللي فيها لـ نقطة قوة؟).. الحقيقة إن "فان" اللي كان مصمم يلاقي حل بشوية بحث لقى الإجابة.. قال: (أنا هستخرج من الثعابين والعقارب اللي هنا أمصال ولقاحات وهبيعها!).. فكرة مجنونة بس هو مابصش لـ عدم منطقيتها وبدأ ينفذ!.. سافر هولندا تاني وقعد فترة هناك يدرس طرق الإستفادة من سموم الثعابين وتحويلها لـ أمصال طبيعية، وبعدها درس إزاى يسوق ويوزع الإنتاج المنتظر.. بعدها بكذا شهر رجع لـ جنوب أفريقيا وهو معاه العلم اللي ساعده في تحويل فكرته لـ واقع، وعمل تعديل لـ مسار مشروعه من زراعي لـ مشروع صناعي لاستخلاص الأمصال الطبيعية، وعشان تتحول أرضه لـ واحدة من أكبر الأراضي المنتجة للقاحات والأمصال الطبيعية في العالم.


• من محافظة الشرقية في دلتا مصر للولايات المتحدة الأمريكية مكانتش رحلة عالم الفضاء المصري الكبير "فاروق الباز" للعالمية سهلة، لكن على قد الصعب ده كان عنده الأمل والتحدي اللي خلّوه النهاردة واحد من أبرز علماء الفضاء في العالم.. والده ووالدته رغم بساطتهم هما السبب الأساسي في اللي وصل له "فاروق".. تشجيعهم المستمر لابنهم على الاجتهاد والمذاكرة كان له الدور الأهم في حصوله على شهادة البكالوريوس تخصص (كيمياء - جيولوجيا) في سنة 1958 من جامعة عين شمس، وبعدها أنه ياخد منحة عشان يسافر ياخد شهادة الماجستير في الجيولوجيا سنة 1961 من معهد علم المعادن في ولاية ميسوري الأمريكية، ثم إنه ياخد عضوية جمعية سيجما كاي (Sigma Xi) العلمية، ثم شهادة الدكتوراه سنة 1964 ويتخصص في الجيولوجيا الاقتصادية.

الغريب إن "فاروق الباز" وبعد ما أخد الدكتوراة بتاعته من أمريكا فوجيء لما رجع مصر إن تم تعيينه مدرس كيمياء!.. (مدرس كيمياء! مدرس كيمياء إزاي يعني!).. مالك فيه إيه بس!، مدرس كيمياء يعني موظف حكومة قد الدنيا تقبض مرتب ثابت كل أول شهر زي الباشا!.. لأ يا عم ده مش مكاني ولا الحتة بتاعتي وأكيد ممكن ألاقي فرصة أفضل.. يعني هتسيب الحاجة المضمونة وتروح لحاجة مالهاش أول من آخر!.. أيوا.. صمم إنه يرجع أمريكا تاني في ديسمبر 1965.. لما راح المرة دي ماكنش الطريق قدامه مفروش بالورود واضطر إنه يشتغل نقاش فترة من الزمن عشان يقدر يصرف على نفسه، وبعت جوابات لأكتر من 120 مكان متاح عشان يشتغل في مجال الجيولوجيا الاقتصادية!.. لحظة!.. اشتغل "نقاش"؟.. شغلانة شريفة ومحترمة وكل أصحابها على راسنا من فوق بس مالها ومال التخصص بتاعه!.. مالهاش علاقة بس أنا مش هقعد في البيت واستنى الفرج ييجي لحد عندي!.. فات أسبوع وإتنين.. شهر وإتنين.. والوضع زي ما هو بدون أى تغيير!.. بعد فترة ونتيجة لسعيه ده وكالة "ناسا" في واشنطن طلبت جيولوجيين عشان يشتغلوا فيها فقبلوه فورًا!

الحاجة العظيمة واللي تقدر من خلالها تفخر بكونك مصري وتفهم مدى موهبة وتميز الراجل ده ونظرة الغرب له حتى وهو لسه في بداية حياته إنه تم تكليفه باختيار أنسب مكان لهبوط أول رحلة بشرية للقمر "أبوللو 12"!.. وفعلًا قعد يدرس تضاريس القمر من خلال أكتر من 2200 صورة لحد ما اكتشف 16 موقع على القمر يصلحوا للهبوط على سطحه!.. "فاروق الباز" اشتغل مع رواد فضاء كتير جدًا، وأعدهم الإعداد العلمي السليم عشان يقوموا بمهمتهم على القمر، وبيسموه في "ناسا" (الملك) The King، ومؤخرًا أطلقوا اسمه على كويكب تم اكتشافه حديثًا تقديرًا لإنجازاته العلمية الفريدة.. شوف بقي اسم مصر اتردد كام مرة في وسائل الإعلام الغربية من وقت إعلان الخبر لحد دلوقتي ولبعدين كمان!.. والسبب؟.. شخص عظيم قرر إنه مايقفش مكانه ويعافر ويمسك في حلمه غصب عن عين أي ظروف أو كلام محبط.

• مفيش حد فينا طريقه في أي مرحلة من مراحله كان خالي من الصعوبات.. عدم توفيق، غدر، خذلان، أذى بدون سبب من اتجاه غير متوقع.. في نفس الوقت الناس نوعين: فيه اللي بيحاول يستغل الصعب ده ويدور حواليه ويعمل له إعادة توجيه لأنه شايف إن مش ده الوضع اللي يناسبه، وفيه اللي بيستسلم له من أول جولة وبيرفع الراية البيضا.. الحياة مش لطيفة.. لا كانت كده ولا هي كده ولا هتبقى كده.. التاريخ دايمًا بيفتكر اللي قدروا يتصالحوا مع الواقع الصعب ويروضوه، وينقلوا نفسهم من الفشل للنجاح.. وهو نفسه برضه التاريخ اللي بيمسح بأستيكة كل اللي كان في إيديهم يعملوا حاجة يغيروا بيها وضعهم وحالهم بس كسلوا.
 

تابع مواقعنا