الإثنين 29 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قانون النشر الرقمي.. قبلة الحياة للصحافة المصرية

الأربعاء 07/ديسمبر/2022 - 06:48 م

في عام 2021 اندلعت أزمة كبيرة بين شركات التقنية عابرة الحدود - خاصة جوجل وفيسبوك -، وبين الحكومة الاسترالية، وذلك على خلفية قانون التفاوض مع وسائل الإعلام الإخبارية الذي كان يناقشه مجلس النواب الاسترالي، والذي يلزم تلك الشركات بالدخول في مفاوضات مع الصحف ووسائل الإعلام الوطنية ودفع تعويضات مالية عادلة عن استخدام أخبارها وروابطها على محركات البحث ومنصاتها الإلكترونية.

وبعد أكثر من عام من التفاوض استطاعت الحكومة والصحافة الاسترالية أن تحقق نصرا كبيرا، وأجبرت شركات التقنية العابرة للحدود على سداد مئات الملايين من الدولارات للصحف ووسائل الإعلام، الأمر الذي مثل قبلة حياة للإعلام التقليدي ليس فقط في استراليا ولكن على مستوى العالم أجمع!، فالأموال التي تم التحصل عليها خاصة من جوجل وفيس بوك والتي قدرت بأكثر من ربع مليار دولار أعادت الحياة إلى الصحافة الاسترالية، سواء على صعيد إنشاء صحف جديدة، أو على صعيد توفير فرص عمل جديدة للصحفيين، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق على إنتاج محتوى إخباري ومعلوماتي عالي الجودة، لتقدم استراليا نموذجًا يستطيع أن يقتدي به العالم أجمع للتعامل مع نشر المحتوى الخبري على المنصات الرقمية، ويتحول لفرصة جديدة للإعلام التلقيدي حتى يستطيع الاستمرار في مواجهة الإعلام الرقمي. 

حيث إنه من المعروف أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد اتفاق أو معاهدة أو قانون دولي ينظم آلية عمل شبكات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم، فإنما تعمل تلك الشبكات وفقا لقوانينها وتعمل على تحقيق مصالحها وفقا لقواعدها هي فقط.

إن نجاح النموذج الاسترالي واتجاه دول أخرى إلى اتباعه ومحاولة تطبيقة خاصة المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، يجب أن يدفع الإعلام المصري لأن يعمل على الاستفادة من ذلك النموذج وتلك التجربة التي تؤسس لعصر إعلامي جديد تحتفظ فيه الصحافة بمكاناتها كمزود رئيسي للمنصات الإعلامية والمعلوماتية والإخبارية، وحتى يستطيع الإعلام التقليدي أن يستمر في المستقبل، خاصة مع الخسائر التي يتكبدها نتيجة سيطرة الإعلام الرقمي على معدل استهلاك الاخبار ومحركات البحث على مستوى الجماهير، فالنموذج الاسترالي يعد فرصة للتغلب على مشاكل الإعلام المصري والتي تدور أهم أسبابه حول الدعم الحكومي لوسائل الإعلام المصرية، وتفتح لها الأبواب أمام موارد جديدة تمكنها من الاستمرار وتفتح آفاقًا جديدة للمهن الإعلامية، وتتيح لكل مؤسسة وفقا لقوتها وأدائها أن تكون لها حصة من العوائد الإعلانية للنشر عبر المنصات الرقمية، وهو بالطبع ما سيختلف وفقا لطبيعة كل مؤسسة ومكانتها في عالم الإعلام، حيث إن أهم ما يميز القانون الاسترالي - الذي يجب الاسترشاد به - أنه لم يتدخل في تحديد مبالغ التعويضات التي تدفع للصحف ووسائل الإعلام من جانب تلك الشركات، وترك الأمر للمساومة والتفاوض بينها وبين كل صحيفة ومؤسسة إعلامية على حدة، للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين.

مستقبل الإعلام المصري يجب أن يشهد آفاقًا جديدة في فكر القائمين والمسئولين عنه، والتفكير النوعي خارج الصندوق والقوالب المعلبة هو السبيل الوحيد للتغلب على العقبات التي تواجه الإعلام المصري، فالتطور مع تقنيات العصر وأدواته هو الأداة الحقيقية للإعلام المصري، فاستحداث تجارب عفى عليها الزمن لن يحقق الريادة مرة أخرى، ولكن خلق تجربة جديدة بالأدوات الجديدة هو الطريق للمستقبل.

تابع مواقعنا