الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ياريتك سامعني

القاهرة 24
مقالات
الجمعة 20/يناير/2023 - 03:05 م

فيه أب نشر صورتين جنب بعض، وكتب تحتهم إن الفرق بين الصورتين 3 سنين ونص.. اللي هيشوف الصورتين هيلاقي مع الأب فيه طفل صغير بيشاركه فيهم، وقاعد قدامه والإتنين موجودين في كافيه.. بتقدر بسهولة تشوف فرق الـ 3 سنين ونص دول على ملامح الطفل اللي كان في الصورة الأولى طفل رضيع، وفي التانية طفل أكبر شوية.. ملامح الأب هي هي ومفيش فيها تغيير كبير.. الفكرة اللي كان عايز الأب يقولها إنه عوّد نفسه وعوّد إبنه من وهو لسه رضيع على العادة دي.. ياخده ويروح بيه في مكان عشان يتكلموا!.. يتكلم مع طفل بيرضع؟.. أيوا بالظبط كده!.. يقعد مع ابنه قصاد بعض بره البيت كل يوم في مكان مختلف ويتكلم معاه، كإنه بيتناقش مع شخص في نفس سنه وكبير وناضج.. يعمل له حركات بـ وشه عشان يضحكه.. يتكلم جد في موضوع شاغله في الشغل بتاعه.. يسأله عن أحواله ويهز رأسه لما الطفل يرد بعياط أو همهمات طفولية مالهاش معنى!.. لما الولد كبر شوية بقى الأب يسأله عن يومه في الحضانة، وعن اللي ضايقه وعن مشاكل أصحابه معاه وكل تفصيلة ممكن تكون شغلت عقله الصغير!.. الابن كان بيستقبل ده بمنتهى البهجة والسعادة وبيرد على والده بـ رغي كتير بيستقبله الأب بالتالي بـ ترحاب.. الغرض اللي كان بيسعى الأب له، ونجح فيه إنه عايز يكون فيه مساحة من الود والمحبة والصداقة بينه وبين ابنه.. يكون فيه حوار ونقاش حتى لو نقاش عيالي!.. طب ده هيفرق في إيه؟.. هيفرق جدًا في شخصية الولد لما يكبر وهيقلل أى بُعد بين الطرفين وهيخلّي الابن يطلع للمجتمع وقلبه ناشف ومحمي وضهره مسنود بصديق عمره ما هيخذله.. الأب ختم تعليقه على الصوريتن بجملة عبقرية لما قال: (كل ساعة نصرفها مع أطفالنا قد تعادل شهورًا من مستقبلهم).

 

مقالات تامر عبده أمين

(الأب وابنه والفارق بين الصورتين)

• سنة 1988 فيه زلزال عنيف ضرب دولة أرمينيا.. كانت قوته 8.2 ريختر!.. دمر البلد حرفيا، وبسببه مات أكثر من 30 ألف شخص في لمح البصر في أقل من 4 دقايق.. فيه كذا جريدة وكتاب بعد كده خرجوا وثقوا في وسط الخراب والفوضى اللي حاصلة وجابت البلد على الأرض.. منهم وكالة الأنباء الأرمينية ( Armenian News Agency ) اللي كتبت على حلقات منفصلة قصص حقيقية عن ناس الزلزال غيّر حياتهم للأبد.. منهم زوج ساب مراته في البيت بعد ما أطمئن عليها، وطلع جرى على المدرسة اللي فيها إبنهم عشان يشوف حصل له إيه.. وصل ولقى المدرسة بقت عاملة زى الفطيرة المهروسة.. خد الصدمة العنيفة دي بهيستريا وصراخ ونزل على ركبته وهو بيلطم لما تخيل مصير ابنه.. فجأة قام وافتكر إنه دايما كان يوعد ابنه وهو بيمرجحه أو وهو بيعلمه السباحة أو وهو داخل على امتحان صعب بجملة واحدة ثابتة.. (مهما كان الأمر سأكون دائمًا هناك إلى جانبك).. بص بصة على كومة الأنقاض والطوب المتكومة فوق بعضها.. قام.. جرى على الأنقاض.. قعد يحسب بالتقريب الفصل بتاع ابنه كان مكانه فين.. افتكر إنه كان في الجزء الخلفي من المبنى ناحية اليمين.. راح ناحية الحطام اللي في الحتة دي.. بإيده وبدون أدوات قعد يحفر فيه ويشيل الأنقاض!.. طبعا الموضوع كان مستحيل بالعقل والمنطق.. شوية وجه عليه أبوين تانيين لـ طفلين بيدوروا على ولادهم برضه.. شافوه وحاولوا يجروه وهما بيعيطوا وبيلطموا وبيقولوا: (لقد فات الأوان لقد ماتوا جميعا، لا فائدة مما تفعله.. ماتوا).. نطر إيده من إيديهم وجرى تاني على مكان الأنقاض وبص لهم وقال: (هل ستساعدونني؟).. طبعا ولأن كل واحد فيه اللي مكفيه سابوه وقالوا عليه مجنون.. فضل يشيل الأحجار حجر حجر.. جت المطافي.. ظابط المطافي مسك الأب وحاول يبعده عن اللي بيعمله وقال له: (سوف تشتعل النيران وسوف تحدث انفجارات في كل مكان، أنت في خطر حقيقي رجاءًا عُد إلى منزلك).. الأب نطر إيده برضه، وجرى على الأنقاض تاني وبص للظابط وقال له: (هل ستساعدونني؟).. الظابط سابه وراح يشوف وراه إيه تاني هو كمان.. الحاجة الوحيدة اللي كانت قدام عين الأب هو وعده لـ إبنه.. قعد يحفر مدة طويلة.. 8 ساعات.. بقوا 12 ساعة.. بقوا 24 ساعة.. بقوا 36 ساعة.. وفي الساعة الـ 38 شال حجرة ضخمة وظهر تجويف جوه.. نده بـ علو صوته بإسم ابنه: (آرماند).. جاله رد من ابنه بصوته بدون ما يشوفه: (أنا هنا يا أبي لقد أخبرت زملائي إنك ستأتي لأنك وعدتني مهما كان الأمر سأكون دائمًا هناك إلى جانبك وها قد فعلت يا أبي).. أبوه مد إيده، وهو بيرفع الأحجار ورا بعض بـ حماس متضاعف: (هيا يا ولدي أخرج هيا).. الولد رد: (لا يا أبي دع زملائي يخرجون أولًا لأني أعرف أنك ستخرجني مهما كان الأمر.. أعلم أنك ستكون دائما هناك إلى من أجلي).

• التربية الصح مش أوامر.. كل إنسان مشوه مطلوق علينا بتصرفاته وأفعاله المخلة كانت بدايته صيغة أمر اتقالت له ببشاعة متكررة، وعنف قاسي اتعرض له، وبسببهم بقت النتيجة كتلة متحركة من الكلاكيع بتضر نفسها قبل ما تضر غيرها والدايرة مابتخلصش!.. التربية الصح صداقة، قدوة، وتأثير سببهم اللين والمحبة مش القسوة.

تابع مواقعنا