الأحد 28 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

باقٍ حتى انتهاء الحرب.. طبيب سوداني يداوي جرحى ومصابي الاشتباكات منذ بدايتها دون توقف

الدكتور شريف عبد
أخبار
الدكتور شريف عبد الرحمن
الأحد 21/مايو/2023 - 01:20 م

وسط مئات المصابين والجرحى، داخل مستشفى الفؤاد بـ الخرطوم في السودان، يتحرك الدكتور شريف عبد الرحمن بخفة ونشاط من حالة إلى عملية جراحية، ومنها لحلقات من العمليات العاجلة تستمر لصباح اليوم التالي، يداوي أبناء وطنه منهمكًا في إسعافهم من إصابات الاشتباكات التي اشتعلت في بلاده بمنتصف شهر أبريل الماضي، بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم وبعض المدن الأخرى.. اتخذ إسعاف الناس قبلة يهتدي بها، ليداوم عمله بالمستشفى دون كلل أو ملل، في مشهد متكرر على مدار أكثر من 30 يومًا، اختار فيها المكوث بالمستشفى تاركًا أسرته وأهله، عازمًا ألا يخرج منه إلا بوقف الحرب.

في اليوم الأول من اندلاع الاشتباكات، حيث اليوم الـ25 من شهر رمضان الكريم، في تمام السابعة صباحًا، استقبل طبيب التخدير والعناية المركزة، مكالمة هاتفية تخبره بوقوع الحرب: «فينك أنت يا عم نايم والبلد حصل فيها حرب؟»، ليهرول مسرعًا لفتح التلفاز ولكن صدى أصوات الأعيرة النارية بأذنيه سبقت بصره.. مرت فترة من الصمت الممزوج بالذعر قبل أن يدق هاتف «شريف» بصباح اليوم التالي بمكالمة هاتفية من المدير الطبي بالمستشفى: دكتور شريف عندنا حوجة كبيرة والإصابات عديدة ولدينا قلة في العدد البشري بقسم العمليات والعناية المركزة وعايزينك معانا».

رصاصة حرب من جسد جريح

«على طول حملت حاجاتي وتوكلت على الله إلى المستشفى»، يقول الدكتور شريف، خلال حديثه مع القاهرة 24، ومن حينها لم يخرج من المستشفى حتى الآن، لم يرَ خلال تلك الفترة غير المرضى ومصابي الاشتباكات، تاركًا خلفه زوجته وصغيره وأسرته لأكثر من شهر، في محاولة إنسانية لإنقاذ حياة البشر، ساردًا: من أول لحظة قولت هرضي ربنا وهساعد المرضى، الموت ممكن يجي في سريرك، توكلت على الله واستحضرت القسم الطبي.. فعلينا الحفاظ على حياة الإنسان بكافة الظروف، وليس أمامنا خيار آخر، وأهلي قالولي روح شوف واجبك وربنا يستر عليك.. لم أتلقَّ منهم أي رفض لنزولي في تلك الأحداث ومباشرة عملي».

سطر شريف ورفاقه ملحمة إنسانية بالأيام الأولى من الحرب، حيث غادر أغلب الأطباء الخرطوم لشدة الاشتباكات فيها، فيما اختار آخرون المكوث بجوار أسرهم، إلا شريف و5 أطباء رجحوا كفة إنقاذ الناس تحت أي ظرف من الظروف، قائلًا: بداية الأيام كان شعور الخوف يسيطر على الكل لا نعلم ما يحدث في بلادنا، الكثير من الناس اختارت المغادرة، نحن 5 أطباء فقط مداومين نستقبل المئات من الحالات الحرجة، لم يكن معنا طاقم تمريض، ولم يكن هناك طبيب لكل تخصص، فكنا نتولى جميع المهام والتخصصات.. اختارنا البقاء حيث حاجة المريض».

«نعمل بالعمليات وسط أصوات ضرب النار والرصاص وصواريخ الطيارات، كنا نشعر بالخوف الشديد، نبقى بالعمليات حتى 8 صباحًا.. نأخذ قسط النوم ساعتين إذا لحقنا، وأغلب الأوقات لا تغمض جفوننا، ومن 11 الظهر نبدأ في القائمة الجديدة، نعالج جميع المرضى ولم نغلق بابنا في وجه مريض»، يقول الطبيب الثلاثيني، وبنبرة تتجلى فيها قلة الحيلة، يؤكد أن الإيمان بالله كان وسيلته الوحيدة للتغلب على شعوره.

صارت مشاهد الدم المفزعة وإصابات الحرب وحالات الطوارئ المشهد الرئيسي والدائم لـ «شريف»، حيث تعج المشفى بالمئات من المصابين جراء الحرب حسب ما يقول، وبلهجة سودانية: «عملنا بالعديد من الجراحات وخاصة الناتجة عن الطلقات النارية، والكسور، فحتى الآن عملت بأكثر من 150 عملية»، وعن الوضع الآن، يوضح: نستقبل الآن نحو 200 أو 300 مريض يوميًا، ونقوم بنحو من 15 عملية إلى 20 عملية، ساعات النوم زادت قليلًا لتصل إلى 4 ساعات، ومازلنا نواصل العمليات حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.. نشوف الابتسامة في عيون الناس يهون علينا التعب.

وعن سؤاله حول موعد عودته لمنزله، يرد: اليوم الفيصل بين بداية الحرب ونزولي العمل، كنت أجلس أمام شاشات التليفزيون مستاء من نفسي وأقول إن الجلوس هنا ليس دوري، فأنا صاحب خبرة يجب تقديمها للناس المحتاجين، فلم أستطع أن ألعب دور المتفرج من وراء الشاشات.. لسه مواصل عملي حتى انتهاء الحرب، ولو أمامنا شهور للأمام سأظل بعملي لأن بالنهاية أنا راضي عن نفسي، أنا والفريق الطبي بنهوّنها على بعض، خلاص اتعودنا على الضربات وصوت الطلقات النارية والطائرات».

الطاقم الطبي
الطاقم الطبي
تابع مواقعنا