الخميس 09 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أزمة الكهرباء أم أزمة التخطيط؟

الإثنين 24/يوليو/2023 - 01:48 م

يسيطر على المشهد العام حاليا حديث متواصل بشأن أزمة الكهرباء وانقطاعها المستمر في المناطق كافة، وهذا الحديث منهمك بشكل أكبر في التنكيت على الوضع أو في توجيه سهام الانتقاد إلى المسئولين عنه.

وبينما الجميع منشغل في توقيت قطع التيار وموعد اللحاق بالمصعد، قضيت بعض الوقت متسائلا عن أسباب وصولنا إلى هذا الموقف، محاولا الإجابة عن تساؤل بشأن كيف لم يصمد ما تم إنجازه من بنية تحتية ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية، في مواجهة حر يوليو!

وزارة الكهرباء أوضحت أن وضع المحطات والشبكات جيد وليس له دور في الأزمة، في حين أن وزير البترول ينفي رواية أن تخفيف الأحمال يأتي لتوفير الغاز بهدف تصديره، في حين أن أحدا من المسئولين لم يكلف خاطره، بالإجابة على تساؤلات وجودية بشأن أسباب الأزمة وموعد حلها وآليات ذلك.

يتضح مما تم تناوله ومن البيانات المتوفرة أن حدوث الأزمة الحالية لا يرجع إطلاقا إلى وجود إشكالية في قدرة توليد وتوزيع الكهرباء في الدولة بل على العكس، لدينا فنيا قدرة على توليد فائض كبير، حيث إن طاقة الشبكة الإنتاجية قادرة على استيعاب مرة ونصف الاستهلاك الحالي.

إذا.. فإن تخفيف الأحمال ناتج بشكل قطعي عن عدم توافر الغاز اللازم لتشغيل المحطات، ولكن ما الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة، وماذا حدث لإنتاج الغاز الذي وصل في مرحلة قريبة إلى تصدير الفائض منه؟ خاصة إن أخذنا في الاعتبار عدم وجود تصدير للغاز في هذه الأيام بحسب تصريحات وزير البترول.

وبالنظر للإنتاجية، يمثل حقل ظهر تقريبا 40-50٪ من إنتاج مصر من الغاز، ويظهر طبقا للتقارير الدولية أن نقص الغاز الذي أشار إليه وزير الكهرباء، سببه المباشر هو تراجع كبير في إنتاج هذا الحقل الذي انخفض بنسبة 30٪ من طاقته الأسمية لأسباب فنية.

معنى ذلك أن الحكومة لم تتفاجأ بأزمة نقص إنتاج الغاز، لكنها تعاملت مع هذه الإشكالية ربما معتمدة على أمل أن الوضع "ينستر"، إن جاز التعبير، خاصة وأن ما نشهده حاليا يشير بشكل واضح إلى غياب أي إجراء احترازي.

وفي الواقع فإن أزمة نقص الموارد هذه ليست وليدة اللحظة، بل أن المعلومة حتما معروفة حيث تحدث عنها أكثر من تقرير دولي، حيث أشار تقرير "فيتش سولوشنر" إلى أن معدلات الاستهلاك المرتفعة في الحقول الحالية بالبلاد إلى جانب قلة المشاريع الحالية، تدفع إلى نظرة مستقبلية متراجعة لإنتاج الغاز في الدولة على المدى الطويل، وتوقعت المؤسسة أن ينخفض إنتاج مصر من الغاز في العام الحالي وأعزت التراجع إلى مشكلات تسرب المياه المستمرة في حقل ظهر الضخم.

وهنا أشير إلى حديث مهم للدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي منذ عام تقريبا قال فيه نصا: ‎ليس لدينا وفرة كبيرة في الموارد الطبيعية؛ ولا يوجد لدينا وفرة في البترول؛ والتوقعات للغاز العام القادم أننا سنحتاج لتكوين مزيد من الاحتياطات.. تخطيط الطاقة مهم؛ نمر بدورات؛ كان هناك فترة نمر بعجز ثم فائض ثم عجز ثم فائض.

وفي هذا السياق، يبدو أن الحسابات الحكومية قد ألقت اعتمادية على وجود فوائض من الغاز للاستخدام المحلي، من خلال اتفاقيات وتوسعات لم تتحقق بعد، مما يعني أن ثمة رهان تخطيطي قد دفعنا إلى تجاوز تنخفاض مستوى إنتاج حقل ظُهر والاستمرار في التصدير دون وجود بوادر لحل تراجع الإنتاج والمتوقع أن ينخفض بنسبة 5%؜ ليسجل أدنى مستوياته منذ 3 سنوات.

ومع دخول موجة الحر التي تجتاح العالم، يبدو الوضع غير مرشح لحل قريب ولكنه يستدعي حديثا مهما حول إدارة موارد الدولة بشكل يسمح بالتعامل مع دورات العجز والفائض في ظل محدودية الموارد لأنه من غير المتصور والمنطقي أن نستثمر المليارات في شبكة كهرباء قادرة على توليد استهلاك البلاد من الكهرباء لنعجز عن إمدادها بالغاز!

تابع مواقعنا