اختيار واحد.. حياة واحدة
• في سنة 2020 وقبل الانفجار المروع اللي حصل في مرفأ بيروت في لبنان واللي راح ضحيته ناس كتير ما بين وفيات ومصابين كانت الشابة اللبنانية ليليان شعيتو في الشارع عشان بتختار هدية لجوزها بمناسبة عيد ميلاده!.. قصة حب "ليليان" وجوزها كانت من القصص اللي غالبا هتقراها في كتب أو روايات أكتر ما هتشوفها في الواقع، والحقيقة إن محبة "ليليان" لجوزها ودفاعها عن الارتباط بيه رغم ممناعة كتير من اللي حواليها بتثبت لك قد إيه إنها كانت شارية قلب ومحبة وقُرب الراجل ده ومستعدة تبيع الدنيا كلها في مقابل إنهم يكونوا سوا العمر كله!.. حتى في اليوم اللي بنتكلم فيه هي كانت بتلف في الشوارع أصلا بقالها فترة وسط الشمس عشان تلاقي هدية مناسبة تعبر بيها عن مدى حبها له في عيد ميلاده اللي بيتزامن مع نفس اليوم ده!.. طب ما تجيبي أي هدية والسلام يا ست الكل!.. لأ.. هدية لجوزي اللي بحبه يبقى لازم تبقى على قدر حبي له وغلاوته في قلبي يعني عادي إن يكون فيه شوية تعب مش مشكلة!.. أيوا بس الدنيا حر وإحنا في أول أغسطس وإنتي لفيتي على أكتر من 10 محلات أساسا!، وكده كده هدايا الرجالة يعني محدودة ومش محتاجة الدوخة دي كلها!.. لأ برضه.. بالمناسبة.. "ليليان" ربنا كان رزقها هي وجوزها بطفل جميل اسمه "علي" عمره شهرين قبل اليوم اللي بنحكي عنه ده، ورغم إن الولد لسه بيبي بس هي صممت تسيبه مع أبوه وتنزل عشان تجيب الهدية.. المهم حصل الانفجار اللي عمره ما هيتنسي وكانت "ليليان" للأسف من ضمن المصابين إصابة مباشرة بسببه!.. والنتيجة؟.. أضرار بالغة في فصوص دماغها الأمامية وبسببها دخلت في غيبوبة استمرت شهور وتطلبت خضوعها لـ 3 عمليات جراحية خطيرة!.. "ليليان" البنت الجميلة الرقيقة بقت مجرد جسم راقد على سرير في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت بدون حركة ولا أي إشارة!.. على الناحية التانية كان الزوج اللي هي حاربت الدنيا علشان عيونه بييجي يزورها مرة كل كام يوم ومش بيكمل زيادة عن نص دقيقة بص عليها من ورا زجاج غرفة العناية المركزة عشان البيه مش قادر يبص عليها والشاش مغطي وشها!.. بس كده؟.. لأ.. الدكاترة طلبوا منه إنه يجيب ابنهم "علي" يحطه جنبها على السرير يمكن لما تحس بوجوده ده يأثر بالإيجاب عليها ويبقى دافع إنها تفوق!.. لأ أنا ابني مش هييجي هنا.. يا سيدي دي أمه هو هيروح فين يعني!.. لأ.. يسكت على كده؟.. الزوج المحترم زهق من شكل مراته اللي كان واضح إنها مش هتقوم من رقدتها دي للأبد وطلقها ورفع قضية حضانة لابنه إنه يكون معاه هو على طول وقطع صلته بيها نهائي وقال له أشوف حياتي أنا بقى.. تصرف في قمة الحقارة والندالة.. الشيء العجيب إن السنة اللي فاتت وبعد سنتين كاملين من حركة النقص دي بدأت "ليليان" تخرج صوت من بوقها.. بس مش أي صوت لكن كانت بتقول كلمة واحدة بس هي "ماما"!.. الكلمة دي بمجرد ما أسرتها سمعوها فهموا على طول إنها تقصد ابنها "علي" على أساس إنها كانت بتحلم دايما باليوم اللي الولد هيكبر فيه ويقول لها "ماما".. بس نجيب لها "علي" منين دلوقتي والمسكينة ما تعرفش اللي الندل جوزها عمله.. موقف صعب وقاسي ومحير بس بعض الدكاترة اللي في المستشفى اتصرفوا وعملوا حل صعب شويتين.. جابوا دمية صغيرة في حجم طفل عنده شهرين اللي هو نفس السن اللي هي شافت فيه ابنها وحطوا الدمية جنبها.. والنتيجة إن "ليليان" بقت تحرك إيديها وهي نايمة وحضنت الدمية اللي فاكراها ابنها في صورة تقطع القلب لكل اللي عارفين أبعاد القصة.
• اللي بيتفرجوا على المسلسلات التركية غالبا هيكونوا شافوا مسلسل "قيامة أرطغرل".. غالبا كمان هتكون لفتت نظرهم الفنانة إسراء بيلجيتش المعروفة بدور السلطانة حليمة.. "إسراء" حبت لاعب كرة القدم التركي جوكان توري، وقرروا يتجوزوا.. قصة الحب مع قرار الجواز حصلوا بسرعة بدون ما الطرفين يدوا بعض فرصة لقراية شخصياتهم أكتر.. "جوكان" كان عنده طلب صارم وصادم.. بعد الجواز مفيش تمثيل.. أنا راجل محبش مراتي تكون ممثلة.. أيوا بس أنت عارفني وواخدني وأنا ممثلة!.. تمام بس بمجرد ما قررنا نتجوز ببلغك إن ده مش هينفع يكمل.. طب والمطلوب؟.. تسيبي التمثيل فورا!.. "إسراء" ما أخدتش وقت طويل عشان تحسم أمرها ووافقت على طلبه فورا.. والنتيجة؟.. ما كملتش دورها في المسلسل وحطت صناع العمل في ورطة اضطر بسببها المخرج إنه ينهي دورها ويغير في مجرى الأحداث مخصوص بشكل ما كانش مقنع لكل اللي شافوا العمل!.. تمام وارد حد يشوف إن اللي حصل عادي وكده كده في حياة معظمنا بنكون قدام قرارات مصيرية بتتصادم مع ظروفنا العملية وبقدر الإمكان بنحاول نتحلم نتيجة القرارات دي بشجاعة لإن محدش بياخد كل حاجة.. بس مفيش شك إن قرار "إسراء" خسرت بسببه مكانتها عند المنتجين وصناع الوسط الفني كله بس برضه مش مهم ما هي خلاص سابته.. لكن دي مش نهاية القصة.. الكابتن "جوكان" المحترم وقبل ما يفوت سنتين على جوازته من "إسراء" ظبطته وهو بيخونها!.. خيانة خيانة بدون أي شك ولا تقبل أي مواربة.. صممت على الطلاق وانفصلوا بالفعل وحدوتة طلاقهم بقت حديث الناس عن اللي باعت شغلها بسهولة عشان اللي حبته وهو خانها.. صحيح إن "إسراء" أخدت فترة عشان ترجع تاني للوقوف قدام الكاميرا وتكسب ثقة المنتجين والجمهور بس بالتأكيد فضلت القصة دي مأثرة على كل اختياراتها وقرارتها وثقتها في الناس بعد كده حتى لو هي أنكرت وقالت العكس.
• اختيار واحد غلط بتاخده في كام ثانية أو كام دقيقة أو حتى كام يوم ممكن يشقلبلك حياتك من فوق لتحت ويكلفك عمر كامل من الحزن والندم لو معاييره ما كانتش محسوبة ومتقاسة بالعقل والقلب سوا.. حتى لما بتطلب حاجة من حد اختيار الوقت المناسب اللي تقول فيه طلبك له الأثر الأهم في قبوله أو رفضه!.. مصالحتك لحد لو مفيش اختيار صح للحظة مناسبة تبلغه فيها بأسفك مش هيبقى للأسف أي معنى!.. لو فرصة مهمة عدت قدامك وما مدتش إيدك عشان تاخدها في أنسب توقيت عمرها ما هترجع هي نفسها تاني!.. الحياة دي بطولها وعرضها وسواء طولت ولا قصرت لكنها في النهاية حياة واحدة بس وارد يهدمها أو يبنيها اختيار واحد.. الأديب وليام شكسبير قال: تمهل في اختيار الحبيب، وإياك أن تتعجل في التخلي عنه.
