ما فعلته السيجارة

من الحوادث المفجعة اللي كان ليها صدى في مصر في بداية الأسبوع ده هي حادثة حصلت في مركز أطفيح جنوب الجيزة، اللي حصل إن كان فيه راجل عنده 36 سنة متجوز وعايش هو ومراته وبنته في بيتهم البسيط.. الراجل ده اتجوز بدري وصغير في السن وهو عنده 21 سنة وده اللي بيفسر إن بنته عندها حاليا 15 سنة.. فكرة إنك تتجوز بدري بتبقى مميزة في تفصيلة إنك بتشوف أولادك بيكبروا قدامك أول بأول وطبعا بيبقى الموضوع أحلى وأحلى لو كنت أب سوي ومتحمل للمسؤولية.. بس للأسف مش ده كان الوضع!

الأب كان عنده عادة سيئة وهي تدخين سجاير البانجو.. عادة يومية بقت جزء من حياته الشخصية وحياة الأم والبنت المفروضة عليهم بالعافية.. كل يوم مش أقل من سيجارتين تلاتة.. والنتيجة؟.. فلوس بتطير على طول على المزاج.. عصبية لا متناهية مع الزوجة والبنت.. حالة توهان مقرفة خلّتهم مع الوقت حاسين إنهم عايشين مع شبح مش بني آدم أساسًا.. الوضع كان بيزيد سوء يوم عن التاني والبيت مفيهوش فلوس خالص ولا أكل ولا فواتير بتتدفع!.. الزوجة كانت بتتكلم مع الراجل في نفس الموال كل يوم.. حرام عليك فلوسك اللي بتحرقها.. حرام عليك البيت مافيهوش قرش وأنا بنتك مش لاقيين حاجة ناكلها.. حرام عليك هتفضل كده لحد إمتى؟.. 

رد فعل الزوج كان متكرر ومعندوش غيره، يمسك زوجته يرقعها حتة علقة قاسية في كل مكان إيده تطوله لدجة إن الست مابقاش في حتة سليمة في جسمها، بس الغريب إن الزوجة ماكنش الضرب بيوقفها أو بيخليها تخاف.. لأ، عايز تضربني إضرب بس أنا مش هبطل كلام ولا سؤال ولا رجاء ليك إنك تفوق من التوهة اللي أنت فيها دي واللي مودياني أنا وبنتك في داهية معاك.. تمام يعني مش هتسكتي؟.. طب خُدى العلقة اليومية بتاعتك.

على الناحية التانية كانت بنتهم اللي عندها 15 سنة بتراقب كل ده في صمت، البنت اللي كان معظم جيرانها بيشهدوا بهدوءها وطيبتها وإنها شخصية بريئة ومش بيسمعولها صوت ماكنش في إيدها شيء تعمله غير إنها تتفرج على اللي بيحصل من بعيد لبعيد، طبعا كان قلة أدب والدها مع والدتها بتسيب أثر سلبي قاسي ومرعب في نفسها وتضطر للأسف تكتم في نفسها وتحوش الغضب وعدم الرضا بس دون أى رد فعل من أى نوع، والسبب؟.. مفيش غيرهم طيبتها وشخصيتها البريئة!.. لحد من حوالي 8 أيام حصلت خناقة معتادة بين الأم والأب وبعدها الأب ضرب الأم بعنف وزاد على كده إنه طردها من البيت، طب أمي هتروح فين بس؟.. مالكيش دعوة إنتي، وخدي نصيبك من الضرب لو ماكنش عاجبك، طرد الأم وضرب البنت، اللحظة دي كانت لحظة مفصلية في حياة البنت اللي قررت تنتقم!.. لحظة!.. طب والطيبة والهدوء واللُطف والبساطة والصوت اللي مش مسموع؟.. بخ خلاص مابقاش فيه.. عملت إيه؟.. الأب عنده مواعيد شِبه ثابتة لتدخين سجاير البانجو بتاعته وخلاص بقت مواعيد محفوظة للبنت.. استغلت قُرب ميعاد منهم وقفلت شبابيك البيت كلها والبلكونة وفتحت الأنبوبة على آخرها، هي كمان استغلت إن والدها حاسة الشم عنده مش قوية أو تعتبر معدومة بسبب اللي بيشربه وده اللي خدمها في الموضوع.

عملت اللي عملته وخرجت من البيت والأب ولع السيجارة بتاعته ومافاتش ثواني إلا والنار مسكت في الراجل والأنبوبة انفجرت والبيت كله بقى حتة فحمة، الشرطة استقبلت بلاغ بوجود حريق في أحد الشقق في أطفيح ولما راحوا اكتشفوا جثة الراجل وتم نقله للمستشفى لكنه كان خلاص مات، لوهلة كان ممكن البنت تفلت من اللي عملته خصوصا إن الأب مالوش أى عداوات مع أى حد لكن المباحث شكت إنه فيه شبهة جنائية وبشوية تضييق وتحقيق اكتشفوا إن البنت هي اللي ورا اللي حصل رغم إنها ماكانتش في دايرة الشك أصلًا بسبب الطيبة والهدوء اللي اتكلمنا عنهم، يعني كفاية نقول إن أصابع الاتهام كانت بتشاور على الأم الأول لكن لأ.. البنت هي المتهمة الرئيسية، في التحقيقات البنت كان عندها من الشجاعة إنها تعترف وبهدوء باللي عملته وبدون أى ذرة تأنيب ضمير وتم إيداعها في أحد دور الرعاية المتكاملة وهتقضي فيها فترة لإن سنها لسه صغير، الجملة اللي بقت شِبه ثابتة على لسان كل الجيران أو القرايب لما عرفوا تفاصيل اللي حصل هي: (بقى إنتي يطلع منك كل ده!).

• الأذية هتجيب أذية، والإهانة هتجيب إهانة، الرهان على استمرار صبر اللي قدامك لأنه طيب وأنت مصمم تهينه وتدوس عليه رهان خسران، مش الصبر بس اللي ليه حدود.. الطيبة، والمحبة، والتفويت، والتقدير ليهم حدود، جدعنة غيرك معاك لو ماقابلهاش جدعنة منك ليهم لا هتشوفهم ولا هتشوف جدعنتهم تاني، احترامي ليك لو مفيش قصاده احترام ليا هيبقى احترامي ليك له حدود، خليك مستعد تستقبل النسخة الجديدة من ناس كنت فاكر إنك ضامنهم وضامن ردود أفعالهم.. النسخة الأنضج بالنسبالهم لكن الأرخم بالنسبالك، الناس مش بتتغير، الناس بتفهم، وبتتعلم، وبتعدل مسار تعاملاتها مع الغير بناءً على اللي بيشوفوه منهم.