الأحد 28 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

صمود الأبرياء.. أطفال غزة آية الله في أرض المقدس

أطفال غزة
أخبار
أطفال غزة
الأربعاء 29/نوفمبر/2023 - 04:33 م

نالت الحرب من أطفال غزة بشكل بالغ، أصابت وقتلت منهم ما قارب نصف الضحايا، فوصل عدد الشهداء الأطفال لأكثر من 8 آلاف طفل غير الجرحى الذين قاربوا الـ 20 ألفًا وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، فكانوا هم بنوك أهداف إسرائيل، اغتالت طفولتهم، وقهرتهم ويتمتهم، ومن لم يفقد أهله فقد جزءًا من جسده، حتى من نجى منهم انقلبت حياته رأسًا على عقب، فلم تضع الحرب لهم خيارات أخرى، سوى العيش في ظروف قاسية لم يألفوها بعدما وجدوا أنفسهم في خيامٍ مكتظة بآلاف النازحين، أحلامهم حبيسة تلك الخيام بعدما تركوا حقائب دراستهم في رحلة البحث عن مأوى والصراع على البقاء.

وبالتزامن مع الاحتفال بعيد الطفل، وعلى الرغم من تلك الظروف القاسية التي ذكرنا بعضا منها، فما زالوا صامدين، قوتهم لا مثيل لها، إدارتهم لا يضاهيها إرادة، يبكون من الألم، ويمنحون أحرار العالم الأمل، ليكونوا آية من آيات الله في الأراضي المقدسة.

طفل يحمل جثمان شقيقه الشهيد

بعينين اتسعتا سعة المشهد، وملامح جادة طمست براءته، أصر طفل فلسطيني لم يتجاوز السادسة من عمره يدعى «ابن أسماء أبو عميرة»، على حمل جثمان شقيقه الذي لم يتخطَّ عمره الأيام، متوجهًا به نحو المقابر لدفنه، بوجهٍ خشبي دون أن يذرف دمعة واحدة، أو يتفوه بكلمة، عيناه فقط تحكي وتشهد على مرار المشهد، كلما اقترب منه أحد ليحمل عنه أخاه، يكتفي بالإماءة بوجهه رافضًا التخلي عن جثمان شقيقه، متمسكًا به كما هو تمسكهم بالأرض حتى دفنه.

«راح عند والدنا».. طفلة فلسطينية تواسي أخاها بعد استشهاد شقيقهما

بينما يرتشف جسدها، وتتشنف من كثرة البكاء، كانت الطفلة الفلسطينية التي لم تتخطّ الـ10 سنوات، تواسي شقيقها الأكبر في وفاة أخيهما وأبيهم، وترفعه من على جسد الصغير بعد انهياره، وتغطي الشهيد مرددة: «خلاص نال الشهادة، خلص وراح عند أبوي»، ناصحةً شقيقها بالدعاء لهما بالراحة بينما تتماسك بالكاد: «ادعيلهم خلاص»، مشهدُ أدهش جميع الموجودين في المستشفى، ليجد ألسنتهم تنطلق بـ «ما شاء الله عليكِ»، رغم هول الفاجعة.

طفل يلقن أخاه الشهادة "قول أشهد أن لا إله إلا الله علي صوتك"

بوجهه الذي طالته شظايا الصواريخ الإسرائيلية، وقف طفلٌ فلسطيني، غير مبالي بالدماء التي تغطي وجهه، وتتساقط بين حين والآخر، أمام شقيقه الملقى على أحد الأسرة بإحدى مستشفيات غزة، مضمد الرأس وثيابه البيضاء الذي تحولت للون الأحمر بفعل الدم المتساقطة منه، يلقنه الشهادة، بقوله: علي صوتك.. قول أشهد أن لا إله إلا الله، ليردد أخاه ما لقنه إياه الصغير وتصعد روحه إلى بارئها.

انتصارًا للبراءة.. أطفال غزة يتحدون القصف ويلعبون تحت المطر

14 نوفمبر الجاري ورغم الليالي الدامية، حل النهار ومعه مياه المطر، التي غسل بها الأطفال قسوة الليل القارس الذي لا يحمل معه سوى المجازر والدمار والدماء، ووقفوا تحت مياه المطر يلعبون ويتراقصون كغيرهم من أقرانهم في العالم، غير مبالين بما مر عليهم من مشاهد، ينتزعون من الحياة القاسية أي فرصة للفرحة، انتصارًا لبراءتهم وصمودًا في وجه محتل غاشم.

يدها أقوى من القصف.. طفلة تساعد المنقذين في رفع الركام عنها

يدها كانت أقوى من القصف، هكذا هي الطفلة الغزاوية، التي غطاها الركام بالكامل عدا يدها، ومن تحت الأنقاض كانت تقاوم وتعافر، مساعدةً رجال الحماية المدنية في انتشال جسدها ورفع الأحجرة عنها، وسط حالة من الزهول أصابت المنقذون، مرددين لفظة: «قوية قوية قوية إنت» لتخرج الطفلة نفسها من تحت الركام بمساعدتهم.

انتزاع الفرحة من الألم.. أطفال غزة يحولون الصاروخ للوحة تزلج

في مشهد اقتنص فيه الأطفال الفرحة من رحم الألم، وانتزعوا الفرحة من المعاناة، وداخل إحدى مدارس النازحين في شمال القطاع، استهدفها الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ إف 16، أسقط ما أسقط من ضحايا، ورغم ما حل بالأهالي، وبعد ساعات من الفاجعة، حول الأطفال الحفرة التي خلفها الصاروخ الإسرائيلي إلى لوحة تزلج، غير مبالين بالظروف القاسية التي يعيشونها والأوضاع المأساوية التي تحاصرهم.

تحول حفرة صاروخ للعبة تزلج

آية الله.. الفلسطينية ابنة الـ50 يومًا تخرج من تحت الأنقاض بعد أيام دون خدش أو بكاء

لم يكن خروج الطفلة الفلسطينية صاحبة الـ50 يومًا من تحت الأنقاض، سوى آية من آيات الله، على صمود الأطفال في غزة، وإن كانت لا تعي هي المفردات الكبيرة تلك، فبعد أيام عدة من قصف منزل أسرتها، واستشهاد ذويها، أخرج المنقذون من تحت الركام طفلة لم تبلغ شهرها الثاني، ورغم ذلك كانت عينها شاخصة ولم تبكِ أو تصرخ، في مشهد أذهل الجميع، ولم يجدوا سوى ترديد «يا الله.. يا الله»، مكبرين في وجهه الطفلة التي لا تبالي ولا تعي ما يحدث حولها.

باربي.. صمود طفلة في البحث عن لعبتها بعد خروجها من تحت الأنقاض

جميلةٌ كما هي لعبتها «باربي»، رغم وجهها الذي كساه غبار الركام، وجسدها الذي نجح المنقذون في إخراجه من تحت الركام، داخل أحد المستشفيات وقفت الطفلة الفلسطينية تبحث عن لعبتها التي نسيتها بالمنزل، «نسيت لعبتي.. باربي»، فيما يحاول الأطباء التخفيف عنها قبل فحصها، يتبادلون أطراف الحديث يسألونها وتجيب، بينما تعلو الابتسامة وجهها، «أنا نسيت اللعبة في الدار».، وبعدما حاولوا مسح آثار الركام من على جبهتها تعالت ضحكاتها كما لو كانت تعلب مع رفقائها، في شجاعة وصمود سبقا عمرها.

طفلة غزاوية تهزم إسرائيل بضحكتها رغم إصابتها وفقدان أسرتها

بعينيها البنيتين الواسعتين، وضفيرتيها الصغيرتين، وضحكتها البرئية التي ملئت وجهها، ظهرت الطفلة سيلا، وهي تهرول داخل أحد المستشفيات غير مبالية بقدمها التي جُبرت بالكامل، وبحروف غير مكتملة، تردد متلعثمة: «سيارة سيارة»، بعدما قدموا لها الألعاب لتخفيف الألم عنها، وذلك بعدما فقدت أسرتها وقدمها، وكلما قدموا لها هدية تقول «الله.. واو»، بينما تنظر للكاميرات معبرة عن بهجتها بـ «قلب مرسوم وقبلة للحياة».

وصية طفلة فلسطينية بعد تصاعد القصف على قطاع غزة

وصية هيا، لم تكن مجرد ورقة كتب عليها توزيع ممتلكاتها، وبدأتها بكلمة «مرحبًا أنا هيا وسأكتب وصيتي»، بل كانت درسًا قاسيًا بمقدار الألم الذي عانته كاتبة السطور، تعبر عن حجم ما تدرك الفتاة من أن دورها قادم لا محالة، ورغم ذلك كانت صامدة في وجه ممارسات الاحتلال، «نقودي 45 شيكل لماما 5 و5 لزينة و5 لهاشم و5 لتيتا، و5 لخالتو هبة، و5 لخالتو مريم، و5 لخالو عبود، و5 لخالتو سارة»، وكما هو الحال في تقسيم أموالها وصت بأن ألعابها لصديقاتها، "زينة وريما ومنة وأمل".

وصية الطفلة الفلسطينية هيا

الطفلة التي لم تكمل العشر سنوات، استكملت بخطها الذي يتناسب تمامًا مع عمرها، وورقتها الصغيرة المزينة بـ«خبطة» ورسومات تعبر عن حبها لمن توصي لهم بممتلكاتها غير متجاهلةً الفقراء والمساكين، بقولها: «ملابسى لبنات عمي وإذا تبقى أي شيء تبرعوا به، وأحذيتى تبرعوا بها لفقراء المساكين بعد غسلها طبعا»، بينما ترسم قلب خلف كل اسم معبرة عن الحب الكامن لهم، حتى الاكسسوارت لم تغفل توزيعها، «إكسسوار تي لبنات عمي، وسارة بنت خالتي هبه».

أصغر أسيرة بعد الإفراج عنها: وهبت مستقبلي للقضية وصامدة في مواجهة الاحتلال

من أمام إحدى المدارس، وبينما هي وسط زميلاتها، انقضت قوات الأمن الإسرائيلية، على نفوذ حماد، صاحبة الـ14 سنة، قبل عامين تقريبًا، وتم حبسها بعد الحكم عليها بـ12 عامًا، بتهمة محاولة قتل الإسرائيليين، «تهمة على الحبر لا يوجد لها أساس» كما تقول هي، وما أن تم الإفراج عنها ضمن الأسيرات، حتى أكدت على صمودها، وأن التنكيل الذي لحقها، لن يستطيع يومًا، أن يمنعها من كرهها ومواجهتها لقوات الاحتلال الإسرائيلي، بل سيكون دافعا لها في رسم مستقبلها لنصرة القضية، "بدي أصير محامية عشان أدافع عن الأسيرات اللي في سجون الاحتلال"، مستكملة حديثها للأحرار في سجون الاحتلال: كل شيء راح يرجع، بس لازم يكون عندكم أمل في رب العالمين.

الأسيرة الطفلة نفوذ حماد

احرق تل أبيب.. فرحة الأطفال بـ"صواريخ القسام"

فيما شخصت عيونهم نحو السماء، تعالت أصوات التصفيق والتهيل التي خرجت كالرصاص من أفواه أطفال غزة، وذلك بعد أن رأوا صاوريخ القسام خارجة من غزة، نحو المستوطنات الإسرائيلية، مرددين الله أكبر، فرحًا بخروج تلك القذائف إلى تل أبيب، بقولهم والابتسامة تعلو جباهمم: «احرق تل أبيب احرق الصهاينة».

آخر ما تبقى من الحي زهرتان

وفي مشهدٍ لا يختلف كثيرًا عن سابقه، وقفت فوق ركام منزلها، طفلة متمسكة بهدوئها كما تمسكها بأرضها، حاملةً بيدها وردة نجت معها من القصف، تبقت لها من منزل انهار بأكمله، تنظر للوردة وكأنهما يتبادلان أطراف الحديث، تتذكر أن طفولة داخل المنزل محاها الاحتلال الغاشم مع البيت، تشهد الطفلة في عمر الزهور الزهرة التي تحملها على ما حدث لها ولأسرتها ثم تترك لها بسمة، وهو ما رصده الصحفي المصور معتز عزايزة، الذي يبكى الألم ويعطي للجميع في فلسطين والعالم أملًا.

طفلة فلسطينية تحمل آخر ما تبقى من منزلها

ما راح نخلي اليهود يلمسوا حجر من أرضنا

غير مكترسة بقوة الاحتلال الوهمية من وجهة نظرها، يؤلمها استشهاد والدها رغم صمودها، وبلسان حال أطفال غزة، وجهت إحدى الأطفال الفلسطينيات، رسالة لاحتلال الإسرائيلي، بقولها: «هم اليهود فرحانين عشان موتوا بابا، بابا هو طلبها ونالها، مبسوط كثير هلال بالجنة»، مؤكدةً على أن الجيش الإسرائيلي دون أسلحة لا شيء، «من غير سلاحتكم مستواكم واطي.. إنتم حبنا»، ومشددةً على القضية وتسمك الأطفال بالأرض، «وحنا هنصير أقوى، وراح نصلي بالقدس، ونحاربكم لحد ما نحرر أرضنا.. هي دي أرضنا ومتمسكين بها، ما راح نخلي اليهود يلمسوا حجر منها».

تابع مواقعنا