السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قضية غير مكتملة

الجمعة 12/يناير/2024 - 04:13 م

من القصص اللي كان ليها صدى من فترة في واحدة من الدول العربية هي قصة الظابط الشاطر في شغله اللي وأثناء مروره بدورية في مكان ما ظبط بنت وولد في وقت متأخر من الليل في منطقة شِبه مهجورة راكبين عربية!.. البنت والولد ماكانوش بيعملوا شيء مُخل بالآداب لكن الفكرة في إن مجرد التواجد في عربية لوحدهم وفي الوقت ده والمنطقة دي بالإضافة للقوانين الأخلاقية الصارمة للدولة دي مع كمان إن الأخ الشاب ده كان بيشرب سجاير فيها مخدرات كلها كانت أسباب كافية للغاية للظابط إنه يقبض عليهم فورًا.

 الطبيعي اللي بيحصل في الأمور اللي زي دي إنه بيتم اقتياد الشاب للتحقيق في النيابة وتوجيه البنت للقسم والاتصال بأهلها عشان ييجوا ياخدوها.. في نفس اللحظة اللي اتمسكوا فيها البنت من خضتها ورعبها حطت بسرعة نقاب على راسها كان واضح إنها شايلاه معاها للحظة زى دي عشان تغطي راسها من الفضيحة ومابقاش باين غير عينيها.. بالفعل اتنقل الشاب للنيابة، والبنت للقسم مع الظابط.. بمجرد دخول الظابط لمكتبه ومعاه البنت لقى زميله الظابط التاني موجود وبدأ الاتنين الظباط يستجوبوا البنت ويسألوها عن بياناتها.. البنت مانطقتش حرف واحد بس واضح إن عينيها كانت مفطورة من العياط.

ساعة كاملة من الأسئلة بيقابلها ساعة كاملة من الصمت لحد ما الظابط التاني زهق وقرر يخرج ويسيب المكتب والظابط الأولاني هو اللي كمل.. قرب من البنت بزهق هو كمان وسألها بنبرة غضب إن وبعدين معاكي؟، هو إحنا هنفضل كده للصبح!.. البنت شاورتله بإيد بتترعش إنه يقرب منها فلما قرب قالتله بصوت واطي وباكي إنها أخت الظابط التاني اللي لسه خارج وإنها ماكانتش قادرة ترد عشان هيعرفها من صوتها وطلبت منه إنه يستر عليها قدام أخوها عشان لو عرف شخصيتها غير إنه هيأذيها فهو كمان هيتأذي في شغله لما يتعرف إن أخته اتظبطت في الوضع ده!.. الكلام كأنه دخل زى السكينة في قلب الظابط مش ودانه ومابقاش عارف يتصرف إزاى ويعمل إيه من الصدمة.. الفكرة إنه فعلًا عارف أن الظابط زميله راجل محترم ومايستحقش أنه يتفضح بسبب القصة دي.. البنت لما لقت الراجل بيفكر قالت له تاني بصوت واطي وهي لسه بتعيط أنها بتقسم له لو خرجت من الموقف ده أنها هتتجوز ومش هتعمل حاجة غلط تاني من أي نوع سواء صغيرة أو كبيرة.

الظابط دور الأمر في دماغه وقال بينه وبين نفسه أن كده كده الخطوة الجاية كانت أن البنت هتتسلم لأهلها فممكن يتم التغاضي عن النقطة دي ويقول أن أهلها جُم استلموها كده وكده.. ماخدش وقت كتير في التفكير وقرر ينفذ فورًا.. أخد البنت من إيديها، وخرج بيها من قسم الشرطة بعد ما تأكد أن محدش شايفه وخلاها تروح بيتهم ولا مين شاف ولا مين دري.. حتى لما رجع مكتبه تاني والظابط زميله اللي هو أخوها رجع واستغرب أن المتهمة مش موجودة سأله عنها فكان رده عليه إن والدها جه واستلمها!.

صحيح أن الظابط التاني استغرب أن ده حصل بسرعة وفي خلال نص ساعة بس بس تمام يعني هو صاحبي هيوديها فين يعني.. مرت الأيام والأسابيع و3 شهور وبعدها سأل الظابط الأولاني زميله الظابط التاني عن أخواته البنات وهل كلهم اتجوزوا ولا لسه؟، سؤال عابر طياري كده وخلاص جه في وسط دردشة عادية حب من خلالها أنه يتطمن هل البنت كانت وفية في الوعد بتاعها له ولا لأ، الظابط التاني رد باستغراب أنه معندوش أخوات بنات وكلهم على بعض أخين أولاد بس، الأولاني مسك كتفه وقال له بصدمة إزاى كده؟، يعني معندكش ولا أخت بنت؟، التاني حلف له أنه أيوا، وسأله مين اللي قال لك إني عندي أخوات بنات؟، بعد فترة من الصمت اللي كان مغلفه القهرة اضطر يحكيله اللي حصل.

طبعًا الظابط التاني فطس على نفسه من الضحك على الخدعة اللي البنت شربتها لزميله لكن زميله كان مقهور عشان حس أن حُسن نيته اتقابل بخداع واستغلال وخبث.. الظابط أخد فترة من الزمن وأخد قرار يسيء الظن بكل اللي يتعامل معاهم ويكون في منتهى القسوة رغم إن حُسن نيته وإنسانيته كانوا أصلًا هما سبب تميز شخصيته في شغله زي ما قولنا في الأول خالص!، بس ولأن في النهاية لا يصح إلا الصحيح بعد شوية وقت رجع الظابط الأولاني لنفس طبعه القديم لأنه اكتشف أن حُسن النية لا يستحق الندم خصوصًا لما يكون الدافع هو الخير، وأن الأولى بالندم واحتقار الذات هو اللي يستخف ويستغل حُسن نية غيره مش العكس.


 وسط توحش معظم القلوب وزيادة معدلات اللؤم والخُبث والاستنصاح هتفضل النية السليمة اللي بيحركها الخير، والنقاء، والطيبة هي شيء يدعوا صاحبها للفخر بيها.. الأولى بالندم واحتقار الذات ولعن النفس كل دقيقة هو الشخص اللي قرر يستخف، ويستغل، ويتخابث مع حُسن نية غيره.. حُسن النية لا يستحق الندم لإن جزاءه من رب الناس مش من الناس.

تابع مواقعنا