الأحد 28 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

التقاضي على درجتين أمام محاكم جنايات مصر

الإثنين 22/يناير/2024 - 05:39 م

أخيرا تحقق الحلم الذي كان يراود فقهاء القانون والمتقاضين منذ سنوات طويلة واصبح التقاضي على درجتين في جميع محاكم جنايات مصر، وكان الدستور المصري الجديد الصادر في عام 2014 قد نص في المادة (96) على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء وفقا للقانون وتضمنت المادة (240) من الدستور أن تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور والتي تنتهي في 17 1 / 2014  وفي اليوم الأخير من المهلة المقررة بالدستور وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل قانون الإجراءات الجنائية لتصبح درجات التقاضي أمام محكمة الجنايات لأول مرة في تاريخ القضاء المصري على درجتين قبل وصولها لمحكمة النقض بدلا من درجة واحدة.

تعديل قانون الإجراءات الجنائية

والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي الفوائد التي ستعود على المتقاضين من جراء هذا التعديل؟
الحقيقة أن هذا التعديل تأخر كثيرا فالمشرع المصري مثله مثل باقي التشريعات يتخذ من مبدأ التقاضي على درجتين كأساس للنظام القضائي والحكمة التي توخاها المشرع من إرساء هذا المبدأ هو رفع الظلم عن المتقاضين وتأكيدا لمبدأ العدالة وأن يكون الحكم النهائي هو عنوان الحقيقة ويتم تطبيق هذا المبدأ على قضايا الجنح الأقل خطورة من قضايا الجنايات فالعقوبات الخاصة بالجنح تتراوح بين الغرامة والحبس التي لا تجاوز الثلاث سنوات مع بعض الاستثناءات الأخرى أما العقوبات التي تتعلق بالجنايات فتصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد أو السجن ومع ذلك كان ينطبق مبدأ التقاضي على درجتين على الجنح دون الجنايات وبهذا التعديل أصبح المحكوم عليهم في قضايا الجنايات لهم الحق في الطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنايات أمام محكمة الجنايات الاستئنافية وهذا يحقق العديد من الفوائد للمحكوم عليهم وأهمها عنصر الوقت فمجرد صدور الحكم من محكمة الجنايات  ينفسح الطريق للمحكوم عليه وفي خلال أربعون يوما من صدور الحكم أن يطعن عليه أمام محكمة الجنايات الاستئنافية لينظر في مدة بسيطة بعكس الحال قبل التعديل كان المحكوم عليه يطعن على الحكم بطريق النقض والمعروف أن محكمة النقض هي محكمة واحدة في كافة أنحاء الجمهورية أي أن جميع المحكوم عليهم في جميع محاكم جنايات مصر يطعنون على الأحكام أمامها الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق محكمة النقض من جهة وإطالة نظر الطعن من جهة أخرى والمتهم مقيد الحرية ويمكن أن تحكم محكمة النقض بإحالة الأوراق إلى محكمة الجنايات لنظرها مرة أخرى وتقضي المحكمة ببراءة المتهم بعد أن تم تقييد حريته لمدة قد تصل إلى سنوات.

ولا يحق للمتهم المطالبة بالتعويضات عن فترة حبسة لاصطدامه بمبدأ عدم مسئولية الدولة عن أعمالها القضائية، والتقاضي على درجتين يحقق العدالة ويرفع الظلم عن المتقاضين لكون القاضي بشر يخطئ ويصيب ومن ثم عندما يكون هناك درجة أخرى من درجات التقاضي تتحقق العدالة، ويكون الحكم عنوان للحقيقة.

وهناك تساؤل آخر يطرح نفسه هل يستفيد المحكوم عليهم في ظل النظام القديم من هذا التعديل أي هل يجوز للمحكوم عليه الذي صدر ضده حكم بعقوبة جنائية قبل التعديل أن يستفيد ويطعن على الحكم أمام محكمة الجنايات الاستئنافية؟ وفقا للمادة الرابعة من القانون الجديد رقم (1) لسنة 2024 فإنه لا تسري أحكام هذا القانون إلا على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون أي أن التعديل لا يسري إلا على الحالات اللاحقة لصدور هذا التعديل.

وكما يحق للمحكوم عليه الطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنايات أمام محكمة الجنايات الاستئنافية فإنه يحق أيضا للنيابة العامة الطعن على الأحكام  الصادرة  بالبراءة  أو بالأحكام  المخففة وأخيرا هذا التعديل قد جاء متسقا لأحكام الدستور ومتسقا للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وتأكيدا لمبدأ العدالة الناجزة.

تابع مواقعنا