السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ماذا لو اختفى النحل؟

الثلاثاء 27/فبراير/2024 - 07:47 م

إن البشر لا يستطيعون الحياة لمدة أربع سنوات دون النحل.. تنسب تلك المقولة إلى العالم ألبرت آينشتاين قبل أكثر من نصف قرن، وهذا ما ينبهنا إليه كتاب لبن بلا عسل، الصادر مؤخرا بترجمة الدكتورة علا عادل.

يأتي الكتاب على شكل كوميكس، وقد حاز على جائزة أفضل كتاب مصور غير روائي، يطرح الكتاب عبر صفحاته المرسومة عدة أسئلة مهمة، مثل: ماذا لو استيقظنا في عالم بلا نحل؟ أو بالأحرى، ماذا سنفعل إذا اختفى النحل من حياتنا؟

تلقي مؤلفة الكتاب هانا هارمز تلك الأسئلة المهمة، وتحكي عبر الكتاب المدهش قصة النحل وأسراره.

كان جدي لأمي الحاج رجب - رحمه الله - واحدا من مربي النحل وأكثرهم معرفة بحال النحل وحياته في محافظة المنوفية، تعلم العديد من النحالين على يديه، وكان يقدس مهنته ويعتز بها كثيرا، واتخذ أخي الأكبر عدة خلايا نحل للتربية كهواية ولدراسته حينها في كلية العلوم، من هنا جاءت معرفتي المتواضعة بالنحل والعسل، حيث رأيت عالم النحل عن قرب وكيف يكون مجتمعه منظما ودقيقا.

لماذا إذا تلك الأهمية الكبيرة للنحل بالنسبة للبشر، بل وللكرة الأرضية بكاملها؟ يعود السبب في ذلك إلى أن النحل هو المسؤول عن الغذاء الذي يأكله البشر، حيث يلقح النحل نحو سدس النباتات المزهرة حول العالم، وحوالي أربعمئة نوع زراعي مختلف، وعلى الرغم من أن محاصيل الحبوب يتم تلقيحها بشكل أساسي بواسطة الرياح، إلا أن غالبية الفواكه والخضروات يتم تلقيحها بواسطة النحل، بالإضافة إلى العديد من النباتات التي يلقحها النحل وتعتمد عليها الحيوانات في طعامها، لذلك يلعب النحل دورا مهما وحيويا في سلسلة الغذاء كلها.

في السنوات الأخيرة، ارتفعت تحذيرات العديد من المنظمات البيئية التي تحذر من عمليات التناقص الكبيرة في أعداد النحل حول العالم بسبب الممارسات البشرية الخاطئة، بالإضافة إلى العديد من الأمراض التي تضرب مناحل النحل والتغير المناخي. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة، يهدد النشاط البشري وما ينتج عنه النحل بالانقراض، حيث تضاعف معدل تناقص أعداده بنحو 100 إلى 1000 مرة عن المعدل الطبيعي، ويواجه نحو 35% من النحل خطر الانقراض حاليا. وهذا الأمر قد يؤدي إلى مجاعات كبيرة.

النحل في مصر إلى أين؟

وفقا لبيانات مركز بحوث النحل تعد مصر من أبرز الدول المصدرة للنحل الحى، حيث تصدر أكثر من 27% من النحل الحى على مستوى العالم، بجانب تصدير العسل لمعظم دول العالم، وخلال عام 2022 صدرت مصر أكثر من 3500 طنا من العسل، ومتوسط أعداد طرود النحل الحى المصدرة إلى الدول المختلفة مليون و200 ألف طرد نحل خلال عام 2022، وفي وقت سابق حققت مشروعات تربية النحل وإنتاج العسل في مصر عائدات للدولة تصل إلى الـ 300 مليون دولار سنويا، وتتمتع مصر في إنتاجها المتميز من عسل البرسيم وعسل الموالح، فضلا عن الأنواع الأخرى التي ترتبط بمواعيد التزهير.

لكن مع كل هذه الأرقام المهمة، لا تجد الدولة الوقت الكافي لتنمية تلك الصناعة والعمل على تحسين النحالة والمربين، فلا توجد هناك إحصائية رسمية عن قاعدة بيانات قطاع النحل في مصر، على الرغم من أن وزارة الزراعة وضعت إجراءات للحصول على تراخيص للمناحل، بموجبها يحصل النحال على رخصة لمدة 3 سنوات.

كما أن ارتفاع التكاليف والمصروفات في السنوات الأخيرة جعل من عملية تربية النحل أمرا مكلفا للغاية، فلم يكن ارتفاع أسعار السكر بل وقلته في الأسواق هو العامل المؤثر الوحيد، بل صاحبه عمليات تحجير الترع والمساقي والتي تم بسببها قطع العديد من الأشجار وخصوصا الكافور، والذي يعد من المصادر المهمة التي يعتمد عليها النحل في غذائه، إذا لا بد _ في ظني وتقديري _ من إعداد خطة للنهوض بصناعة النحل والعسل، والعمل على زيادة التصدير من خلال رفع كفاءة النحل المصري والنحالة.

إن أهمية النهوض بقطاع إنتاج العسل في مصر لم يعد مرتبطا فقط بما يحققه من دخل محدود للعديد من المربين، بل بإسهامه في الاقتصاد المصري، ومن هنا تبرز الحاجة إلى حماية قطاع إنتاج العسل لما يزخر به من إمكانات واعدة بالنسبة للمجتمعات الريفية في مصر إذا ما ازدهر وحقق المطلوب منه، وهو ما يتطلب تدخل الدولة للنهوض بهذه التجارة القديمة قدم حضارة مصر.

تابع مواقعنا