السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

تفاءلوا بالخير تجدوه

الخميس 29/فبراير/2024 - 06:49 م

ربما كثرة الإحباطات وتكرارها تجعل الهمة نحو التفاؤل تتراجع لدى كثيرين، فالنفس البشرية بكل تأكيد تتأثر مهما كانت قوة عزيمتها، ولكن يظل التشاؤم بغيضا ومكروها حتى وإن دعمت كل الشواهد فكرته، وعلينا إدراك أنه دائما في عز الشدة لا يتركنا الله دون بصيص من الأمل، ليشعرنا أن هناك نور بنهاية النفق حتى وإن بدى بعيدا، والسبيل الوحيد لجعله أقرب هو التفاؤل.. لذلك أقول«تفاءلوا بالخير تجدوه» وهذا الكلام إن كان قد قال علماء الحديث إنه ضعيف ولم يثبت عن نبينا الكريم، لكن معناه يجعله مهما والعمل به ضرورة من باب فضائل الأعمال.

وهو يشير إلى أن العكس يحدث وفي حالة توقع السوء فإنه قد يأتي أيضا.

وقد رأينا أن النظريات العلمية التي تتناول التحليلات النفسية أكدت ذلك، ونجد أن علماء النفس أقروا بما يسمى قانون الجذب، وهو يفيد بأن كل توقع قد يحدث بالفعل سواء كان سلبيا أو إيجابيا، وربما معظمنا رأى هذا في حياته عمليا. 
وهنا أتناول الأمر في المطلق، ولكني أود أن أربط حديثي بمسألة الأسواق والغلاء الذي نشهده منذ سنوات، ولكنه في آخر عام وصل إلى معدلات لم تكن متوقعة على الإطلاق حتى في أسوأ الظروف، ولكنها بكل أسف حدثت، وفجأ وجدنا سعر الدولار في السوق السوداء تجاوز 70 جنيها فأحدث ذلك حالة من الاضطراب العنيف لأسعار السلع. 
في هذه اللحظة رأينا أن شائعات تم ترويجها يقول أصحابها القادم أسوأ كما اعتدنا، فمنذ فترة يلاحظ الجميع أن فكرة الاستسلام والتقبل للزيادة المتصاعدة في الأسعار أصبحت رائجة، وكلما تحدثنا مع تاجر عن غلاء سلعته يقول وخلال أيام سترتفع أكثر، ويتناقل ذلك الناس ويساعدون في ترويجه، ومن المؤكد أنه يصل إلى التجار الكبار والمنتجين والمستوردين، وبما أن الربح أصبح الهدف وفقط لديهم، فربما كلما وجدوا أن الناس مهيئة لاستقبال الزيادة حركتهم شهوة الطمع ليقوموا برفع الأسعار بشكل عشوائي، وطبقا لقانون الجذب فيحدث ما هو متوقع. 
إنه فخ كبير ونسبة من المسئولية يتحملها المواطن في المشهد بالاستعداد الدائم لفكرة زيادة الأسعار، وبالتالي تقبلها عند حدوثها، وأيضا بالإقبال على السلع ربما بشكل أكبر خوفا من الغلاء المتوقع بشكل مستمر، بدلا من فعل العكس والعزوف قدر المستطاع والاكتفاء بالسلع الأساسية.. فمن المعروف أن الكساد يجعل الأسعار تنخفض تلقائيا، وفي المقابل كلما زادت القوة الشرائية صحبتها زيادة في الأسعار خاصة في ظل هذه الحالة من الفوضى الحقيقية بالأسواق. 

وسط كل ذلك كانت هناك أصوات متزنة تبعث الأمل ولو قليلة وذلك بحسب الرؤية الصحيحة للمشهد، واليقين بأن الدولة لا يمكن أن تقف عاجزة تماما أمام ما يحدث، لأنه بكل وضوح أكبر خطر على الأمن القومي المصري، والسلم المجتمعي، وتداعياته كارثية للغاية.. وأنا من الذين رأوا ذلك وطالبت في مقالات سابقة باتخاذ إجراءات استثنائية لضبط الأسواق، لأننا بالفعل نعيش حالة غير عادية، وقد بدأت الحكومة ذلك مؤخرا، وفقط خلال أيام رأينا بمجرد الإعلان عن مشروع "رأس الحكمة" الذي سوف يوفر سيولة نقدية مباشرة قدرها 35 مليار جنيه بالإضافة إلى 11 مليار وديعة للإمارات في البنك المركزي المصري سوف تتنازل عنها.
مع اليوم التالي للإعلان عن ذلك بدأ الدولار في الهبوط بالإضافة إلى الضربات الأمنية المتكررة لمن يتاجرون فيه خارج إطار السوق المصرفي حتى انخفض سعره ونتمنى الاستمرار.
بالتزامن مع هذا أعلنت وزارة التموين عن قرار بإلزام الشركات المنتجة لسبع سلع أساسية كتابة السعر عليها وهي "السكر والأرز والمكرونة والزيوت والأجبان والألبان والفول"
مع وضع حد أقصى لأسعار جميع السلع المحلية. 
جميعها إجراءات رائعة وفي الاتجاه الصحيح لضبط الأسواق، والتخفيف عن كاهل المواطن الذي لم يعد يحتمل نهائيا، ولكنها عبارة عن خطوات على الطريق الصحيح تحتاج إلى غيرها، ولابد من الاستمرار في الرقابة الشديدة واتخاذ كافة الإجراءات لإنهاء هذه المعاناة التي طالت.

المنطق يقول والحق أيضا أن التهوين ليس صوابا، ولكن التهويل لا يمكن أن يكون حلا أبدا، ولذلك فإن الاتزان هو الأصح. 

الغريب أن رغم كل المؤشرات الإيجابية نجد بعض من عشقوا فكرة التشاؤم، وكأنه أصبح حالة مرضية ويروجون لأن انخفاض سعر الدولار هذا مؤقت، وأنه سوف يرتفع أكثر مما كان، وأن السلع بعد العيد مباشرة ستتضاعف أسعارها، ولا أعرف على أي شيء يبنون هذه التوقعات المتشائمة، التي قطعا يروجها خفافيش الظلام الذين يستفيدون من هذا المشهد وتتضاعف ثرواتهم حتى وإن كان على حساب الوطن بأكمله.

تابع مواقعنا