الأحد 28 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

دراما رمضان بين الماضي والحاضر

الخميس 21/مارس/2024 - 04:31 م

منذ سنوات عديدة وقبل ظهور الفضائيات بقنواتها الكثيرة والتي تعرض على مدار الساعة، عرفنا مصطلح الدراما الرمضانية، وكان ذلك عبارة عن تقديم مسلسل واحد يتم عرض حلقة منه كل يوم، وذلك بدون إعلانات تفقد المشاهد متعته إلى حد ما، وتجعله ينفصل عن الأحداث لقرابة 15 دقيقة كاملة مليئة بالأغاني والرقص خلال الإعلان عن أجمل مكان في الأرض أو مدينة الأحلام التي لن يدخلها أغلب من يجسلون أمام الشاشة أبدا، وغير ذلك من إعلانات تشعر المواطن العادي مثلي كأنه يشاهد تلفاز دولة أوربية من كثرة المصطلحات الانجليزية التي لا تعبر نهائيا عن هويتنا. 


كان هذا المسلسل الرمضاني الذي يعرض على القناة الأولى لا يخلو من القيمة والحكمة والرسالة الهادفة، مع الحرص على تقديم الفن الراقي والإبداع المتميز، ولم يكن من الممكن أن نسمع لفظا خادشا للحياء، أو منافيا للذوق العام مهما كان الدور، حتى وإن كان لأحد المسجلين الخطر. 


ولهذا فإن هذه الدراما مازالت تعيش إلى الآن بعد مرور كل تلك السنوات، ولا يمكن أن يمل الشخص من مشاهدتها مرات ومرات، وفي كل فرصة يتم عرض أحدها قد يكتشف المشاهد بها شيئا لم يكن قد انتبه إليه من قبل وذلك ما تفقده دراما اليوم.. حيث أنها للعرض الواحد فقط، ومهما كانت قوة المسلسل وقت عرضه الأول، فلا يمكن للمشاهد استشعار أي متعة في مشاهدته مرة أخرى، وهذا ما يجب على صناع هذه الأعمال دراسته ومعرفة أسبابه. 


فمن منا لم يشاهد مسلسل ليالي الحلمية بأجزائه أكثر من مرة ويتمنى مشاهدته في أي وقت، وأيضا رأفت الهجان وزيزينيا وأرابيسك، وباقي الأعمال التي كانت تعرض حتى خارج موسم رمضان مثل ذئاب الجبل والضوء الشارد وغيرهم. 


و الآن ومع وجود القنوات الفضائية وكثرتها أصبحت دراما رمضان أكثر غزارة، حيث يعرض أكثر من مسلسل على القناة الواحدة، ولكن بدأنا نرى منذ فترة أمرا يزداد تدريجيا بشكل مقلق لابد من الإشارة إليه، وهو شخصية البلطجي وفتاة الشارع. 


والحجة أن هذه الأعمال تعبر عن الواقع بما تحمله من بلطجة وعنف وخلاعة وانهيار لكل القيم، وذلك غير صحيح تماما وإن كانت بالفعل شريحة موجودة لكنها ليست هي صورتنا التي يجب أن نقدمها للعالم، ولا بهذا الشكل يمكن معالجتها، ويظن الممثل أو الممثلة أنه يكون مبدعا كلما أتقن أداء لهجة الغرز والنواصي والتيك توك بمصطلحاتها الغريبة، وعبر بوجهه تعبيرات لا يمكن أن نقبلها في الواقع من أحد، حتى نراها على الشاشة وفي شهر رمضان المعظم الذي جعله الله لتسمو فيه الأرواح والنفوس بالإكثار من العبادات والطاعة. 


و السؤال هنا.. ألم يعد يرى أغلب صناع الدراما في واقعنا سوى هذا التدني الذي يبدو أنه أصبح عدوى أصابت أغلب من يقومون بأدوار البطولة، وفريق عملهم في مسلسلات رمضان؟

و الأهم من ذلك.. أليس من الممكن تقديم نفس الفكرة بإضافة قيمة أعلى بها إذا كانت النية تسليط الضوء على قضايا معينة دون هذا التشوه الذي نراه الآن، وإظهار الشخص الخارج على القانون كأنه بطل شعبي خارق للعادة لا يقدر عليه أحد، ورغم كل فساده وإفساده إلا أنه رومانسي يحمل قلبا طيبا ومحبا للخير.


فهل ذلك كله يليق بالشهر المبارك وروحانياته أو حتى بتاريخنا الفني الكبير. 


لست مع الإراء التي تتهم الدراما بشكل عام فإفساد الشهر والإلهاء عن القيام بعباداته على أكمل وجه، لأن القرار بيدنا كمشاهدين، ويمكن التوفيق بين الأمرين، أو حتى المقاطعة لمن يرغب في ذلك والتفرغ التام للعبادة.. ولكن لا يمكن في جميع الأحوال قبول كل هذا الكم من الابتذال على شاشاتنا سواء في شهر رمضان أو أي وقت آخر. 


ومع هذا وبلا شك لا يمكن إنكار أن هناك تجارب جيدة يتم عرضها، وتحافظ على القيم وفي نفس الوقت لا تخلو من الإثارة والتشويق وجذب المشاهد ومنها الكوميدية الرائعة أيضا وذلك ما نتمنى تعميمه، والبعد عن تقديم اللص وتاجر المخدرات والمجرم بشكل براق كشخصية رئيسة في العمل.. لنجدهم بعد ذلك في شوارعنا بشكل أكبر.


مصر بلد الأزهر والعلماء والأدباء والمثقفين.. فأين هم من الدراما الرمضانية؟

تابع مواقعنا