الخميس 02 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

استئناف الجنايات بين التعطيل وضمان الحقوق

الجمعة 19/أبريل/2024 - 03:15 م

منذ أن تم إنشاء محاكم الجنايات في مصر وهي درجة تقاضٍ واحدة، ولا يمكن الطعن علي حكمها إلا أمام محكمة النقض، ولكن منذ أشهر قليلة وافق مجلس النواب على إجراء تعديلات تجعل التقاضي الجنائي درجتين وليس واحدة كما جرت العادة واستقر الأمر لسنوات. 

وذلك بعد صدور القانون رقم 1 لسنة 2024 بخصوص تعديل بعض مواد الإجراءات الجنائية الصادرة بالقانون رقم 150 لسنة 1950 وتعديلاته، وقد تقرر بدء العمل بتلك التعديلات إعتبارا من تاريخ اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية، وكان ذلك الأربعاء الموافق 17 يناير 2024، وبالطبع لزم إجراء تعديلات في نظام عمل الدوائر الجنائية بالمحاكم، وذلك بتخصيص دوائر مستأنفة تنظر الطعون بالاستئناف، في الأحكام الصادرة من دوائر الجنايات بالمحكمة التي أصبحت بحكم القانون المعدل محاكم أول درجة، وما يترتب عليه من تغيير في مسمى واختصاص بعض الدوائر الجنائية بالمحكمة، مع عدم الإخلال قدر الإمكان بالأوضاع المستقرة لدوائر المحكمة منذ بدء العام القضائي. 

وكالعادة ومثل كل قرار أو قانون جديد أثار ذلك حالة من الجدل في الوسط القضائي سواء على مستوى القضاة أو المحامين وحتى بين المتقاضين أنفسهم.

وقد رأت وجهة النظر المؤيدة لهذه التعديلات أنها تتيح للمتهم فرصة أكبر للتأكد أنه يخضع لمحاكمة عادلة، وفي حال وجود خطأ بحكم أول درجة فإنه يمكن تداركه. 
ولكن في المقابل هناك وجهة نظر رافضة لتلك التعديلات التي رأتها معطلة وتتعارض مع المطالبات الدائمة بالإسراع في التقاضي، لأن العدالة الناجزة هي التي تضمن استقرار المجتمع بأحكامها الرادعة، في ظل انتشار الجريمة وخاصة القتل خلال الآونة الأخيرة حيث أصبحت محاكم الجنايات لا تخلوا من نظر جريمة قتل يوميا. 

وقد صرح الأستاذ "خالد عبد الرحمن" المحامي بالنقض والمتخصص في القضايا الجنائية أنه تقدم رسميا بإعتراض على تلك التعديلات، وذلك لأن محكمة الجناياة يتم تشكيلها من قضاة كبار ذوي خبرة لا تخرج أحكامهم بشكل يستدعي مراجعتها وأن هذا يطيل من أمد المحاكمة التي يجب أن نعمل على إسراعها، لأن صاحب الحق لا بد أن يحصل عليه ليرتاح قلبه بأسرع وقت ممكن وأضاف قائلا: كيف يمكن أن يتم مساواة محاكم الجنايات بالجنح بناء على هذا التعديل وجعلها درجتين. 

وهنا لا بد من الإشارة إلى نوعية من الأحكام التي عندما تصدر وتنفذ تكون قد صبت في صالح المجتمع وأمانه بتحقيق الردع الذي هو الهدف الأساسي للعقوبة، وتلك هي عقوبة الإعدام في قضايا الدم التي يحترق قلب صاحب الحق فيها كل يوم خوفا من ضياع حق فقيده، فبدلا من أن نطمئنه.. نجعله في حالة قلق خاصة أنه عند تأييد الحكم أقرت التعديلات بوجوب عودة أوراق الدعوى لفضيلة المفتي مرة أخرى، وهو الأمر الذي لا تفسير له كون الرأي الشرعي بالفعل يتم أخذه في المرة الأولى، وهو لا يتغير لأنه يخضع لفكرة القصاص وليس لمواد القانون وثغراته. 

حالة جدلية أثارتها تلك التعديلات التي بالفعل تسببت في إطالة أمد المحاكمات، ومنح أمل للجناة بأنه من الممكن أن تكون لديهم فرصة للإفلات من حكم أول درجة، وهو ما لا يجب أن يحدث احتراما لهيبة محاكم الجنايات العريقة والتي لم تشهد خطأ طوال تاريخها الذي حققت خلاله العدالة لقرابة مئة عام، ولتكن المحاكمات الناجزة هي الهدف للحد من الجريمة وتأمين المجتمع. 

كما أنه من المهم جدا مراعاة توافر شروط المحاكمة العادلة للمتهم، وذلك يتم بالفعل حيث إن المحكمة دائما تستجيب لكافة طلبات دفاعه ما دامت تسير في إطار الدعوى، مما يجعلها تظل تنظر في بعض الأحيان لأكثر من عامين، رغم أن النيابة العامة لا تقوم بإحالة القضية إلا بعد استيفائها بشكل تام، وعندما لا ترى المحكمة ثبوت الاتهام فإنها تقضي بالبراءة، وهنا في المقابل وجب أيضا الحفاظ على الحقوق، وأهم عناصر الوصول لهذا، هو الإنجاز في تحقيق العدالة حتى يطمئن كل صاحب حق أن القانون فقط هو الطريق الوحيد للحصول عليه.

تابع مواقعنا