السبت 04 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أرض الفيروز في عيد

عبد الغني الحايس
مقالات
عبد الغني الحايس
الثلاثاء 23/أبريل/2024 - 11:04 ص

أيام قليلة تفصلنا عن الاحتفال بعيد تحرير سيناء ورفع العلم المصري فوق أرض الفيروز، مما جعلني أعود بالذاكرة إلى هزيمة 5 يونيو 67، فقد كانت الهزيمة مريرة على المصريين، وضربة قاسمة لكل الدول العربية جميعها مازلنا نعاني منها حتى الآن.

والمأساة بدأت عندما قام الرئيس عبدالناصر، بغلق المضايق في وجه إسرائيل (مضيق تيران)، وطلب بسحب قوات الأمم المتحدة، وحشد قواته فى سيناء كلها أمور اعتبرتها إسرائيل اعلان حرب.

وكان عليه أن يستعد لتلك المعركة المتوقعة، وغاب عنه أن الجيش  يعاني من قلة الأسلحة وضعف التدريبات وعدم كفاءة القادة حيث كان يطغى الولاء على الكفاءة، وخيرة جنودنا المدربة فى اليمن، والوضع الاقتصادي سىء نتيجة استنزاف ميزانيتنا فى اليمن أو في حركات التحرر فى إفريقيا والبلاد العربية، ولسيطرة النزعة القومية على عبدالناصر، ناهيك عن علاقاتة المضطربة مع بعض القادة العرب وخصوصا السعودية والغرب مع فرنسا وبريطانيا.

وحدث الهجوم المتوقع من الإسرائيليين صباح الإثنين 5 يونيو في الساعة 7.30 صباحا على كل مواقع الطيران المصري المرابض على الأرض وفي حظائره، وأتمت الطائرات الإسرائلية مهمتها بنجاح بالغ وبدون أدنى مقاومة من الجانب المصري، وفي حدود الساعة العاشرة من صباح ذات اليوم كان جيشنا قد خسر سلاح طيرانه، فقد فقدت مصر 304 طائرة من مجموع 449 طائرة وإسرائيل لم تخسر سوى 9 طائرات فقط.

وفي ذلك الوقت كان الفريق عبدالمنعم رياض قائدًا للجيوش العربية في الأردن، ورصد عن طريق الردار تحركات الطيران الإسرائيلي فأبلغ القيادة فى القاهرة قبل وقوع الهجوم بنصف ساعة، ولو كانت هناك يقظة ما وقعت الهزيمة.

ولكن المحزن أيضا أن الفريق عبدالمنعم رياض طلب من الأردن وسوريا، القيام بعملية رد سريع لضرب ممرات الطيران الإسرائيلي حتى لا يستطيع الهبوط ويفقد وقوده وتكون ضربة بالمثل ولكن تماطل الجانب الأردني، ورفض الجانب السوري طلب الفريق رياض وقعت الكارثة وتم تدمير سلاح الطيران المصري، وأصبحت قواتنا مكشوفة في مواقعها.

وزاد الأمر سوءا الانسحاب العشوائي الذي أدى الى  تمزق الجيش، وضياع أسلحته هباء وتشتت الجنود في سيناء، وتدمير الستارة المضادة للدبابات والتي كانت الآمال معلقة عليها لسحق العدو، ولعدم إبلاغهم بقرار الانسحاب من جانب المشير كانت عرضة للتدمير بقوات شارون هي الأخرى.

وبذلك تقدم الجيش الإسرائيلي حتى احتل القنطرة شرق وسيطر على سيناء وعلى المضايق وأصبح الطريق إلى القاهرة مفتوحا. 


وفي الوقت الذي كانت البيانات الرسمية في الإعلام المصري تذيع كذبا على مدار 6 أيام عن سقوط طائرات العدو، ووقوع جنوده في الأسر كنا خسرنا كل شيء، وتم احتلال شبة جزيرة سيناء بمصر والجولان بسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية بفلسطين.


وخرج عبدالناصر ليعلن للشعب تنحيه عن السلطة، وإعلان الهزيمة التي وقعت من اليوم الأول وليس بعد ستة أيام.

وصمد الشعب  وهتف هنحارب وخرج ليطلب من عبدالناصر عدم التنحي، وكانت حرب الاستنزاف الذى كبدت العدو خسائر جسيمة، ومعها يتم بناء الجيش المصري والتخلص من كل عديمى الكفاءة من القادة، وركز عبدالناصر جل اهتمامه على الجيش تدريبا وتسليحا استعدادا لمعركة استرداد الأرض.

وقد تحقق النصر فى حرب اكتوبر 1973، ومحونا عار الهزيمة وفى 25 أبريل 1982 عادت سيناء أرض القمر إلى أحضان الشعب المصري،  ورفعت رايات النصر على ارضها، وبعد توقيع معاهدة سلام بين مصر واسرائيل وبرعاية امريكية (معاهدة كامب ديفيد1979).


وخاضت الدبلوماسية المصرية معركة قانونية طويلة ومريرة، حتى استعادة طابا وهكذا عادت كامل أراضينا عزيزة الينا، ولنا العزة والفخر بكل أبائنا الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم ولم يفرطوا فى ذرة تراب واحدة.


اليوم تصنع الأجيال الجديدة نصرا  جديدا وعظيما، عندما قامت قواتنا المسلحة والشرطة المصرية مع أبناء سيناء المخلصين، بدحر الإرهاب الأسود الذى ضرب أراضيها بعد ثورة 30 يونيو، وقدموا معركة لا تقل بسالة عن معركة التحرير.


سيناء أرض طاهرة رويت بدماء الأحرار من أبنائها، فهي غالية راسخة في قلوب كل المصريين، لذا وجب عليهم أن يبدأوا معركة جديدة في التعمير والبناء، ليستكملوا طريق أبنائهم وأجدادهم وليصنعوا بعرقهم نصر اخر.


وتكاتف الجميع بدون استثناء مع الدولة المصرية  التي قامت بتخصيص ميزانية كبيرة  فاقت 700 مليار جنية لإعادة التطوير والبناء واقامة مشروعات فى كافة المجالات، فقامت بتطوير بحيرة البردويل، وتطوير ميناء العريش البحرى، وانشاء منطقة خدمات لوجيستية، وإنشاء محطات تحلية المياة، ومحطات المعالجة لمياه الصرف الصحي لاستغلالها في الزراعة، وإنشاء محطات الكهرباء، وإقامة شبكة قوية من الطرق والكباري والأنفاق، والمدارس والجامعات والمستشفيات والمدن الجديدة وإعادة التطوير  للبنية التحية للمدن، والاستفادة من مواردنا الطبيعية واستغلالا لموقعها الاستيراتيجي ليعود على مصرنا بالرخاء والشعب المصري بالرفاهية.


لذا تتحرك كل مؤسسات الدولة بخطى سريعة، لإعادة الحياة إلى أرض الفيروز في كافة النواحي والمجالات وبعد عقود من الإهمال أصبحت سيناء اليوم في عيد وكل يوم بما يحدث بها من تطوير ونهضة فى كافة المجالات، بدون استثناء هو عيد.

هكذا يكون الاحتفال بنصر يليه نصر وعاشت مصر حرة.. وتحيا مصر تحيا مصر.

تابع مواقعنا