الإثنين 17 يونيو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

هل تتأثر إيران بغياب رئيسها المفاجئ؟

الجمعة 24/مايو/2024 - 03:15 م

فوجئ العالم الأحد الماضي بخبر سقوط طائرة مروحية كان على متنها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ومعه وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان، ومسئولين آخرين في أثناء عودتهم من افتتاح بعض السدود بمشاركة رئيس أذربيجان، والتي تم إنشاؤها على الحدود بين البلدين.


وقيل في بداية الأمر أن الحادث وقع نتيجة لسوء الأحوال الجوية، وقد استغرقت عمليات البحث عن الطائرة وتحديد مكانها وقتا طويلا بسبب صعوبة المنطقة التي وقع فيها الحادث، كونها جبلية وبها غابات مع وجود الضباب الكثيف والأمطار الثلجية بحسب تقارير إعلامية مما جعل السلطات الإيرانية تستعين بدول أخرى مثل تركيا التي أرسلت طائرة مسيرة مزودة بأجهزة رؤية ليلية دقيقة.

 
احتبست الأنفاس وارتفعت دعوات الشعب الإيراني لساعات، خاصة بعد خروج المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئي، في رسالة طمأنة بأن أمور الدولة لن تتعطل، وفي نفس الوقت قال نرجو الله أن يرد الرئيس وأصحابه إلى أحضان الأمة.
 

ولكن مع الصباح تم الإعلان عن العثور على حطام الطائرة المنكوبة وتبين أن الرئيس الإيراني قد فارق الحياة ومعه جميع من كانوا برفقته. 


لاشك أن الحادث جلل والخسارة فادحة لإيران خاصة أن رئيسي الذي تولى الحكم في يونيو 2021 كان ابن الثورة الإيرانية المخلص، وأقرب الناس لمرشدها الحالي خامنئي، بل هو المرشح الأبرز لخلافته حال وفاته أو استقالته، وكذلك أيضا وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان، الذي كان من أبرز رجال النظام الإيراني، وبيده الكثير من الملفات المهمة جدا، وقد حدث ذلك في وقت حساس للغاية، وظروف غير عادية تشهدها المنطقة أبرزها حرب إسرائيل الإجرامية على قطاع غزة، والجميع يعرف أن إيران هي الداعم الأبرز والوحيد المعلن للمقاومة الفلسطينية، كما أنها تشارك في المعركة بطريق غير مباشر بواسطة حركات أخرى تابعة لها في لبنان والعراق واليمن.. وقد وصل التوتر بين إسرائيل وإيران إلى توجيه ضربات إيرانية مباشرة لدولة الاحتلال للمرة الأولى في تاريخها، مما فتح الباب للتكهنات التي لها ما يبررها جدا حول ضلوع إسرائيل في حادث إسقاط طائرة رئيسي، وأن ما حدث هو عملية اغتيال مدبرة وليست مجرد حادثة عادية.
فهل حقا دفع رئيسي ووزير خارجيته ثمن موقفهما الداعم بقوة للمقاومة الفلسطينية، أو أنه الرد على أنهما أول من قررا توجيه ضربات مباشرة لإسرائيل في تاريخها؟
ربما فكل الاحتمالات واردة. 
والسؤال الأهم هنا.. هل تتأثر إيران كدولة بفقدان رئيسها بين عشية وضحاها، وترتبك الأمور بداخلها أم أن ذلك غير محتمل حتى مع ثقل شخصية الرئيس ومكانته الهامة وحساسية التوقيت؟ 
يمكن الإجابة على هذا السؤال عندما نعرف طبيعة نظام الحكم في إيران، ومدى قوته وتماسكه، وهل هو قائم على الفرد أم يسير بشكل مؤسسي غني بالشخصيات المدربة والمؤهلة للقيام بأدوار هامة في أي لحظة حتى وإن كان منصب الرئيس. 


إيران تعيش في ظل نظام سياسي خاص منذ اندلاع الثورة الإسلامية التي بدأت في 7 يناير 1978 حتى 11 فبراير 1979 بمشاركة فئات مختلفة من الشعب، وحولتها من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية، واستبدلته بالجمهورية الإسلامية عن طريق الاستفتاء في ظل المرجع الديني آية الله الخميني، قائد الثورة وذلك بدعم العديد من المنظمات اليسارية والإسلامية والحركات الطلابية الإيرانية آن ذاك.


وهذا النظام جعل منصب المرشد هو الأعلى في البلاد وبمثابة السلطة المستمدة من الشرع، وصاحب القرار الأخير، ويتم اختياره وفق معايير محددة، بالإضافة إلى منصب رئيس الجمهورية الذي يتم انتخابه بالاقتراع الحر المباشر كل أربع سنوات ولفترتين رئاسيتين فقط.


وحدد الدستور الصلاحيات، ويتم الالتزام بها بدقة وفي حالة غياب المرشد نفسه لأي سبب هناك من يحل محله، وكذلك الرئيس والوزراء، وهو ما حدث حيث تولى محمد مخبر النائب الأول للرئيس مهامه مباشرة منذ اللحظة الأولى، وذلك بموافقة المرشد الأعلى للثورة بحسب الدستور، الذي نص أيضا على عقد انتخابات رئاسية في مدة أقصاها خمسين يوما، وقد بدأ بالفعل التحضير لها مباشرة كما تم تعيين علي باقري كني كوزير للخارجية بالإنابة لتسيير الأعمال، وقد كان نائبا سياسيا لأمير حسين الوزير الراحل.
وعندما نعلم أن هذه الشخصيات البديلة تنتمي لنفس المدرسة التي ينتمي إليها من سبقوهم، وفي ظل ضعف المعارضة الإيرانية الآن، وعدم ثقة الشارع بها، ندرك أن الانتخابات المزمع عقدها سوف تأتي برجل من أبناء الثورة التابعين لنفس التيار وهم كثيرين، ويسيرون وفق سياسة واحدة مرسومة، وإن اختلفت طريقة التطبيق قليلا، وبذلك يتضح ورغم جسامة ما حدث، إلا أنه لن يؤثر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا نقول يمكن تجاوزه بل ذلك تم بالفعل في حقيقة الأمر بعد ساعات فقط من إعلان وفاة رئيسي، وهذه الميزة في الأنظمة المتعددة التي تكون غنية بالشخصيات المجهزة جيدا لمثل هذه المهام المحددة بإطار دستوري واضح وفاعل، مما لا يحدث ارتباكا في المشهد، وحالة من التخبط تكون فيها البلاد هي الخاسر الوحيد.

تابع مواقعنا