الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمد الباز: قصة “الشيك الشهرى” من نجيب ساويرس لإبراهيم عيسي.. وكيف سيطر محمد فريد خميس على الصحف المصرية؟

القاهرة 24
ثقافة
الخميس 25/أكتوبر/2018 - 11:19 م

واصل الدكتور محمد الباز، الكاتب الصحفى، ورئيس مجلسى الإدارة والتحرير بجريدة الدستور، تفنيد المشاكل التى تواجه الإعلام المصري، وذلك ضمن سلسلة مقالات بعنوان “الإعلام المصري.. المسار والمصير”، والتى تناول فيها المشاكل في الوقت الراهن، وكيف أصبح هذا الإعلام عبئًا علي الدولة

وأكد “الباز”، خلال مقاله المنشور على جريدة الدستور اليوم الأربعاء، دور رجال الأعمال في السيطرة علي الإعلام، مؤكداً أن رجل أعمال مغمور أصدر صحيفة لكى تكون وسيلة يحمى به نفسه، كما أن رجل الأعمال محمد فريد خميس لديه نظرية مختلفة فى التعامل مع الصحافة.

وأشار “الباز”، إلى أن رجال الأعمال الذين أقدموا على امتلاك صحف وقنوات يدركون أنهم ليسوا من صناع الإعلام بل يسعون للحصول على أداة تحمى مصالحهم.

وإلى نص المقال:

يخطئ من يعتقد أننى أفتح ملف واقع الإعلام المصرى الآن لإدانة أشخاص بأعينهم، فما يعنينى أكبر من هذا بكثير، ومن حقك أن تسألنى عن حل لما يحيط بنا من خريطة إعلامية ملتبسة مدانة من كل الأطراف، لكن المنطق يقول إننا لا بد أن ننتهى من تشخيص الحال قبل أن نقف وجهًا لوجه أمام المآل.

لقد اعترفت أننا نعيش حالة إعلامية فاسدة، لكن حتى الآن لم يجرؤ أحد، ويعلق الجرس فى رقبة هؤلاء الذين أفسدوا مهنة المفروض أن تكون سندًا للدولة الوطنية الحقيقية فإذا بها تتحول إلى خنجر فى ظهرها، والمفروض أن تكون صوتًا للشعب فإذا بها تتحول إلى مصدر للشائعات والشوشرة والتشويه، للدرجة التى صنعت شعبًا تائهًا فاقدًا لبوصلته غير قادر على تحديد أولوياته.

وقد تسأل: ألا يعرف من يهتمون بشئون الإعلام فى مصر أدواءه، ويمتلكون أدويته؟

سأقول لك دع عنك النائحات المستأجرات، ستسمع كثيرًا من يبكى على حال الإعلام، ويتحدث عن ضرورة خروجه من مأزقه، لكنه لا يتحدث إلا من أرضية مصلحته فقط، حاول أن تتأمل أنت الصورة لتعرف أن هناك من يستفيد من أوضاع الإعلام الحالية ولا يريد لها أن تتغير، لسبب بسيط أن مصالحه مع الوضع القائم، ومكاسبه تتأتى من الإعوجاج المقيم.

أعرف أنك انزعجت من حديثى عن ثروات الإعلاميين، هذه الثروات التى أفسدتهم، يمكنك أن تحبس أنفاسك الآن، لأنه لا يوجد من يحصل على المال إلا إذا كان هناك من يدفع له.

وهنا نأتى إلى الضلع الثانى من أضلاع المربع الذى أفسد الإعلام فى مصر، وحتى أكون واضحًا من البداية، فهذا المربع يضم الإعلاميين ورجال الأعمال والسلطة الحاكمة والجمهور.

الآن جاء دور رجال الأعمال.

فقط أنوه إلى أننى أرسم ملامح عامة للخريطة، أقدم لكم نماذج لما جرى، فأنا لا أكتب تاريخ المهنة السرى، وهو تاريخ للأسف الشديد لا يسر ولا يشرف، بل يدين الجميع، فكلنا مذنبون، نبكى على الجثة التى قتلناها بأيدينا، ونقف نتقبل فيها العزاء بقلب بارد تمامًا.

فى منتصف التسعينيات صدرت صحيفة قاد العمل فيها مجموعة من الشباب، نجحت لأنها ضخت الدماء الحارة فى شرايين المهنة المتيبسة، ترك الناس وراءهم صحف الحكومة المتشابهة العقيمة، وصحف الأحزاب المحنطة، وجروا وراء تجربة متمردة فى الشكل والمضمون.

رئيس تحرير الجريدة كان شابًا فقيرًا، يسكن مع بعض أصدقائه فى شقة بالإيجار، لكن بعد شهور، وعندما حققت الجريدة مكاسب لم يكن أحد يتوقعها، افتعل مشكلة مع رئيس مجلس الإدارة، فقد رأى أنه السبب فى هذه المكاسب وليس معقولًا أن يتمتع رئيس مجلس الإدارة وحده بالمكاسب، وهذا حق وعدل بالطبع.

عرف رئيس مجلس الإدارة ما يريده رئيس تحريره الشاب، فأغدق عليه بعضًا من المكاسب، منحه شقة بالإيجار وسيارة حديثة، فلم يكن لائقًا أن يعود رئيس التحرير الشاب من محافظته القريبة من القاهرة حاملًا حقيبته على ظهره وراكبًا «ميكروباص».

كان رئيس التحرير الشاب يعرف تمامًا ما يريده، فلم يمانع فى التواصل مع رجال الأعمال، أحدهم سعى إليه، وعرض عليه صداقته، فلم يتردد رئيس التحرير، بل ألقى بنفسه فى أحضان الثروة.

من اللحظة الأولى أدرك رجل الأعمال أن رئيس التحرير الشاب وافق على الصداقة ليس من أجل ثقافة وشخصية رجل الأعمال ولكن من أجل خزائنه، فلم يتأخر عليه، وبدأت الشيكات تخرج بتوقيعه لاسم رئيس التحرير وليس لاسم الجريدة.

عندما تم منع تداول الصحيفة فى مصر فى مطلع العام ١٩٩٨، اتهم البعض رجل الأعمال بأنه من فعل ذلك، لكنه دافع عن نفسه، وفى حوار أجرته معه جريدة «الأهرام العربى» قال: كيف يتهموننى بإغلاق الجريدة وأنا كنت أحد المساندين لها ومولتها كثيرا؟!.

غضب رئيس التحرير الشاب، وكتب ردًا مطولًا على رجل الأعمال، وقد قرأت هذا الرد فى مكتبه قبل أن يرسله إلى مجلة الأهرام العربى، وأعجبتنى شجاعة كاتبه، الذى قال نصًا لرجل الأعمال: أتحداك إن كنت دفعت جنيهًا واحدًا للجريدة، أو ساهمت فى تمويلها.

كان رئيس التحرير صادقًا تمامًا فيما قاله، فرجل الأعمال لم يموّل جريدة رئيس التحرير الشاب، ولكنه كان يموله هو شخصيًا.

بعد شهور من هذه الواقعة وقع فى يدى الدليل على ذلك.

كان أحد المحررين الشباب فى طريقه إلى شركة رجل الأعمال، عرف ذلك رئيس التحرير الشاب، فطلب منه أن يأتيه بظرف مغلق من مكتب رجل الأعمال، ذهب المحرر إلى مكتب رجل الأعمال ليجد الظرف فى انتظاره، لكنه وجده غير مغلق، وهو فى الأسانسير فتحه، فوجد فيه شيكًا بـ٥٠ ألف جنيه باسم رئيس التحرير الرباعى.

قبل أن يصل المحرر الصغير إلى الجريدة دخل أحد مكاتب تصوير المستندات، صور الشيك واحتفظ بنسخة منه، ولما وصل إلى رئيس التحرير الشاب الذى وجد المظروف مفتوحًا، سأله بغضب: هل فتحت الظرف؟، فرد بأنهم أعطوه الظرف مفتوحًا، وأنه لا يعرف ما فيه.

بعد إغلاق الجريدة بشهور، وتفرقت السبل بمحررى الجريدة، الذين لم يهتم بهم رئيس التحرير الشاب كعادته التى اتبعها بعد ذلك، نشر المحرر الشاب صورة الشيك وروى الحكاية كلها، لكن ولأنه فعل ذلك فى جريدة صغيرة لم يلتفت له ولا لها أحد.

لقد انتبه أصحاب رءوس المال مبكرًا إلى ضرورة السيطرة على الصحف وأصحابها، وكان مفزعًا أن تركع الصحف على قدميها، وتتحدث باسم رجال الأعمال، وتنحاز إليهم.

فى نهايات العام ٢٠٠٠ صدرت جريدة «صوت الأمة»، كنت واحدًا من ٧ بدأنا فى العمل تحت رئاسة تحرير عادل حمودة.

فى هذه التجربة عرفت جيدًا كيف سيطر رأس المال ليس على صحيفتنا فقط، ولكن على كل الصحف المصرية.

كان رجل الأعمال محمد فريد خميس قد افتتح مصنعًا للبتروكيماويات فى السويس على ما أذكر، وعندما تعود إلى معالجة الصحف المصرية لهذا الخبر، ستجد عجبًا.

لدى فريد خميس قاعدة ذهبية، أعتقد أن عددًا من رجال الأعمال يعملون بها وربما إلى الآن، عرض عليه كثيرون أن يُصدر صحيفة، حدث هذا أكثر من مرة، لكنه كان يرفض، وحجته فى ذلك، أنه لو أصدر صحيفة ودفع لمن يعملون فيها الملايين، فإن صحيفة واحدة هى التى ستدافع عنه، أما لو دفع هذه الملايين نفسها للصحف المصرية جميعها فى صورة إعلانات، فإن الصحف المصرية ستكون ملكه، وستدافع عنه دون حتى أن يطلب.

لم يكن محمد فريد خميس يمنح كل الصحف إعلاناته بالطبع، فعل ذلك مع البعض فقط، وكان طبيعيًا فى اليوم التالى لافتتاح مصنع السويس أن نجد أنفسنا أمام حالتين من التناول الإعلامى.

الأولى صحف تعتبر أن مصنع محمد فريد خميس نقلة هائلة فى الصناعة المصرية، ولا مانع من بعض الإشادة برجل الأعمال الذى يسهم فى حركة الصناعة المصرية.

الثانية كانت إدانة كاملة للمصنع الذى يعتبر خطرًا كبيرًا على البيئة ومدمرًا لصحة المصريين، ولا مانع من القدح فى حق رجل الأعمال الذى يسعى إلى تراكم ثروته، حتى لو كان ذلك على حساب المصريين جميعًا.

وكان سهلًا على الجميع أن يعرف الصحف التى يدفع لها محمد فريد خميس بإعلاناته، وتلك التى يحجبها عنها.

لا أدين محمد فريد خميس بالطبع، فهو رجل أعمال، يجيد اللعب بالأوراق التى يربح بها، لكن العيب كله كان فى الصحف التى تنسج موقفها طبقًا لمن يدفع لها.

عندما تفجرت قضية رجل الأعمال حسام أبوالفتوح، بعد تسريب مقطع فيديو فاضح له، قامت عليه الصحف بحملة مسعورة، أتت عليه وعلى ما يمثله فى الحياة العامة المصرية.

قيل وقتها إن رجال جمال مبارك كانوا وراء هذا التسريب الفضائحى، لأن حسام فى إحدى جلساته طعن فى رجولة جمال مبارك، وقال للجالسين إليه: معقول «الـ…» ده عاوز يحكمنا. فتمت معاقبته على الفور، وبأقسى أنواع العقاب.

لم يكن الدافع السياسى هو ما يشغلنى، ولكن التناول الإعلامى، فقد جرت بعض الصحف وراء الفضيحة سعيًا لزيادة التوزيع، وأحجمت صحف عن تناول القضية لمصالح خاصة تربطها بحسام أبوالفتوح.

من بين هؤلاء كان عصام إسماعيل فهمى، رئيس مجلس إدارة «صوت الأمة»، كنا قد أعددنا تقريرًا موسعًا للنشر فى الصحيفة، ولأنه كان يسهر معنا لساعات متأخرة من الليل، بعد أن يغادر عادل حمودة، فقد طلبنى إلى مكتبه، وكنت وقتها سكرتير عام التحرير للجريدة.

دون مقدمات طلب منى عصام إسماعيل فهمى أن أحذف التقرير، ولما أبديت له دهشتى، فالتقرير مادة صحفية دسمة، ولا يمكن أن نتجاهل القضية، لكن ولأنه كان صريحًا تلك الصراحة التى يمكن أن يعتبرها البعض صراحة وقحة، وجدته يقول لى: لينا عند الراجل فلوس إعلانات، ولو شاركنا فى الحملة ضده، مش هنعرف نحصّلها. ولأن رأس المال هو السيد، فقد تحقق لعصام إسماعيل فهمى ما يريد.

المال دائمًا هو الحاكم فى الصحافة، وأعتقد أن رجال الأعمال الذين أقدموا على امتلاك صحف وقنوات فضائية خاصة كانوا يعرفون أنهم ليسوا من صناع الإعلام، بل سعوا إلى امتلاك ما يحميهم ويحصن مصالحهم ويجعلهم فى منعة من الحساب، وهو ما تحقق لكثيرين منهم

كل رجال الأعمال يتعاملون مع وسائل الإعلام التى يمتلكونها (صحف- مواقع- قنوات) على أنها مجرد عصا غليظة يؤدبون بها من يقترب منهم، حتى لو كان من يقترب هذا هو الدولة نفسها.

يحلو لبعض رجال الأعمال أن يصوروا أنفسهم على أنهم أصحاب رسالة إعلامية، بل إن من بينهم من يتعامل على أنه أصبح خبيرًا إعلاميًا، لمجرد أنه يمتلك صحيفة أو موقع أو قناة، لكن الواقع يقول غير ذلك تمامًا، فما أقدم رجال الأعمال على امتلاك الإعلام إلا لحماية أنفسهم والتشهير بخصومهم.

كان عادل حمودة قد بدأ فتح ملفات رجل الأعمال أحمد بهجت، صاحب قناة دريم، والمستثمر متشعب المشروعات والاهتمامات، انتظرت أن يرد بهجت على ما نشره عادل فى صوت الأمة، أن يبعث بمستندات تؤكد باطل ما كتبه الصحفى الكبير، لكنه بدلًا من ذلك سخّر قناته للانتقام من عادل.

أعد أحمد بهجت عدة فيديوهات كاريكاتورية ساخرة، جمع خلالها كل الاتهامات التى يتداولها الوسط الصحفى، وبدأ فى إذاعتها بكثافة وإلحاح ضاربًا عرض الحائط بخريطة القناة، ومتجاهلًا الجمهور الذى لا علاقة له بمشكلة بين الصحفى ورجل الأعمال، لكنه تعامل بمنطق أنه إذا كان عادل حمودة يكتب عنه فى صحيفته، فهو يمكن أن يرد عليه فى قناته.

كانت هذه الفيديوهات القصيرة منحطة إلى درجة كبيرة، وجهزنا فى صوت الأمة ما يقرب من كل صفحات العدد لفضح أحمد بهجت.

كنا ننتهى من إعداد الصحيفة مساء الخميس لتكون فى الأسواق مساء الجمعة، وهنا تدخل إبراهيم عيسى، الذى كان وقتها يقدم برنامجًا على قناة دريم اسمه «ع القهوة»، وطلب من عادل أن تتوقف الجريدة عن النشر مقابل أن يتوقف أحمد بهجت عن إذاعة الفيديوهات، وبالفعل رفعنا مواد العدد، لكن المفاجأة أن بهجت لم يتوقف عن إذاعة الفيديوهات، ورسخ فى يقين عادل حمودة أن إبراهيم عيسى كان يخدعه، أو أنه على الأقل اشترك فى لعبة لصالح أحمد بهجت.. فقد خدع أستاذه لصالح ولى نعمته الجديد.

أحمد بهجت استغل إبراهيم عيسى بطريقة أخرى تمامًا، كان إبراهيم قد خرج من جريدة الدستور مغضوبًا عليه من نظام مبارك، وكان رجل الأعمال يجمع فى قناته المشاغبين الذين من شأنهم أن يقلقوا النظام حتى يضعط بهم عليه فى الوقت المناسب، ولأن النظام كان يستجيب للضغط فقد ربح بهجت من وجود إبراهيم عيسى وحمدى قنديل ومنى الشاذلى التى تمت صياغتها بشكل جديد، والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى مرحلة لاحقة.

لقد استمعت من أحد الأصدقاء، الذى كان غارقًا حتى أذنيه فى الملف الإعلامى خلال عهد مبارك بفعل مسئوليته الرسمية، أن قصة دخول إبراهيم الفضائيات كانت أقرب ما تكون إلى النكتة، فقد كان موجودًا فى واحدة من المناسبات التى يحضرها أحمد بهجت، الذى كان يستمع إلى إبراهيم، فقال لمساعديه: الراجل ده لطيف ودمه خفيف اعملوا له برنامج عندنا.

كان المسئول الكبير يحاول التقليل من شأن إبراهيم عيسى، وتصوير الأمر على أن بهجت استلطف إبراهيم فقط فمنحه برنامجًا، قلت له: المسألة أكبر من هذا بكثير، فبهجت كان يعرف فى أى شىء سيستخدم إبراهيم، ثم إن أحدًا لا يستطيع أن ينكر على إبراهيم كفاءته وموهبته وقدراته الخارقة، حتى لو اختلف معه.

ظل المال هو المحرك الأساسى لمن يعملون فى الإعلام من رجال الأعمال.

يمكن أن تعتبر طارق نور واحدًا من رجال الميديا الكبار، هذا حقه بالطبع، لكن فى نفس الوقت هو رجل أعمال أيضًا، وأعتقد أنه ما أقدم على تأسيس قناته «القاهرة والناس» إلا من أجل إدارة أمواله وزيادة مكاسبه.

كان عبدالرحيم على يقدم برنامجه «الصندوق الأسود» على «القاهرة والناس»، وعلى هامش خلاف بين عبدالرحيم ورجل الأعمال نجيب ساويرس، أقدم الإعلامى على تخصيص حلقة عن رجل الأعمال، وكان مدخله الأساسى هو أن ساويرس لم يتبرع لصندوق «تحيا مصر»، صال عبدالرحيم وجال، وهاجم نجيب وهدده، واستعدى الدولة عليه، وفجأة تم قطع الهواء عليه.

كان التفسير الجاهز لدى عبدالرحيم على أن نجيب ساويرس هو من اتصل بطارق نور وطلب منه أن يقطع البرنامج عليه، فى مقابل أن يدفع له ما يريده، وكان عبدالرحيم يؤكد أن الصفقة تمت على جثته، وأن طارق نور قبض الثمن.

بعد ما يقرب من شهر على هذه الواقعة تواصل معى طارق نور، كان يعلق على أحد مقالاتى التى تناولته فيها، وبعد أن أنهى كلامه، قال لى: بالمناسبة قول لصاحبك إن نجيب ساويرس لا علاقة له بما حدث فى البرنامج، فما يقوله خيال كامل.

بدأ طارق نور فى سرد ما جرى، فقد بدأ عبدالرحيم فى الجزء الأول من البرنامج فى هجومه على نجيب ساويرس، وقال إنه لم يتبرع لصندوق تحيا مصر، فى الفاصل اتصل به طارق نور- كما يقول- وطلب منه أن ينهى هذا الحديث، ولا يعود إليه مرة أخرى، لكن عبدالرحيم لم يستجب لما طلبه منه طارق، وعاد للحديث مرة أخرى عن نجيب وحكاية التبرع، فقطع الهواء عليه.

تحدث معى طارق بصراحة، قال: لقد وجدت عبدالرحيم يحرجنى، فأنا رجل أعمال ولدى شركاء رجال أعمال، وأنا لم أتبرع لصندوق تحيا مصر، ولن أتبرع، كما أن من معى لا يريدون التبرع، فوجدت أنه يورطنا، فأغلقت عليه الهواء.

يمكن أن تصدمك صراحة طارق نور، لكنها الحقيقة التى لا يمكن لأحد أن يتجاهلها.

المفاجأة أن الإخوان كانوا يعرفون أن المال هو الذى يحرك الإعلاميين فى مصر، ولا زلت أحتفظ بمكالمة من أحد المقربين من خيرت الشاطر الذى قال لى نصًا «إن الباشمهندس يعرض عليك أن تكون مستشارًا إعلاميًا له مقابل ١٠ آلاف دولار فى الشهر».

كنت وقتها فى الفجر أواصل حملة شرسة على حكم الإخوان.

سألت محدثى: مقابل أى شىء هذا المبلغ الكبير؟

فرد: هو يريدك أن تصمت فقط.

أسمعته ما لا يرضيه ولا يرضى أحدًا، وواصلت حملتى الصحفية الموثقة، وهى حملة بدأت بمقال كتبته قبل أن يدخل محمد مرسى قصر الاتحادية كان عنوانه «الفاشى فى قصر الرئاسة»، وأنهيتها بمقال عنوانه «مصر نضفت» بعد أن رحل مرسى بثورة الشعب فى ٣٠ يونيو.

المفاجأة التى ألجمت لسانى أن مندوب خيرت الشاطر قال لى: »إنت هتعمل فيها شريف.. فيه ١٠ صحفيين كبار قبلوا العرض وحصلوا بالفعل على راتب أول شهر، وسترى دفاعهم عن الجماعة خلال الأيام القادمة».. وللأسف الشديد كان هذا ما جرى.

تابع مواقعنا