عن أشياء جميلة أخشى على ذاكرتي نسيانها

إنها التكنولوجيا الحمقاء بينما أندمح بالكتابة عن أشياء قديمة أعتصر ذاكرتى أفتش هنا وهناك ، أعود بالزمن لتلفاز وراديو وروايات قديمة ومخزن به فساتين قديمة، أنجح فى الوصول لنصف مقال على شاشة الهاتف ليباغتنى الإنترنت بتحميل صفحة جديدة كفعل أحمق ليختفى ما كنت أدونه ، أتردد قبل العودة للتدوين مرة أخرى عن أشياء جميلة أخشي على ذاكرتى نسيانها.

هذه المرة أصطحبك معى عزيزى القارئ ، عزيزتى القارئة ربما لنتشارك تأملاتنا وذكرياتنا سويا ولكن لهذه الصحبة شروط أولها أن تكون من مواليد الثمانينات أو السبعينات ، وأن تكون لعبت الكرة بالشارع ولو لمرة ، أو وقفت حارس مرمى ، أو قدت دراجة بالشارع، أو إمتلكت بليا بألوان مختلفة، أو صنعت لأجلك عزيزتى عروس من قماش بألوان مبهجة أو وقعتى بغرام العروسة كرومبة أو جدولت الأرض بطباشير أبيض و قفزت فوق المربعات على قدم واحدة ،أو أمسكتى يديك بأيدى الفتيات لتجتمعو بشكل دائرة وغنيتم فتحى يا وردة ، قفلى يا وردة أو حتى لعبتم الأستغماية او كهربا.

أكلت شوكوبون أو بسكوت بمبو و فرحت بعلبة كوفرتينا أو زجاجة كلونيا برائحة اللافندر مهداه ، إمتلكت كوتشي اميجو بلاصق ، أكلت مربى اللارنج ، أو كان ببيتك أو ببيت جدتك كليم أسوانى الصنع ، لعبت مع أقاربك ببيت جدتك أو تسببت بكسر زجاح بلعب الكرة داخل البيت ووبخك أبويك ،أخذت بفتوى استخدام صابون نابلسي لتنعيم الشعر، أحببت لحد الادمان كابتن ماجد ، مازنجر، سلاحف الننجا ،ماما نجوى ،فوازير نيلى وشريهان ، عمو فؤاد ، بوجى وطمطم ، سمورة وفطوطة، حكايات ألف ليله وليله، أو صرت طفلا مثقفا بمتابعتك للبرلمان الصغير أو ذكيا بحل ألغاز عروستى.

كان لديك درجا لأشرطة الكاسيت وبعضها قد خرج محتواه فلففته حول الشريط لربما أصلحته يوما ما. إبتعت شعريه ملونة بألوان ضارة بالصحة أو إبتعت دوم وحرنكش من عربة خشبية بعجلتين يدفعها رجل بجلباب صعيدى أمام مدرستك ، إبتعت كتكوتا يوما ما وحلمت بمزرعة دواجن أو دود قز وحلم مصنع الحرير الذى فى الغالب تهدم على يد أمك فى أوجه حين تخلصت من العلبة بعد أن امتلئت بالبيض وماتت الفراشة ، إبتعت طباشير الوان لتتقدم بكل فخر لتكتب به على السبورة السوداء، جمعت غطيان البيبسي أو حاولت استكمال صورة الدريكسيون المفقود. تفحصت عصاة الايس كريم بشغف شديد أملا فى الحصول على آخر هدية ، صار أحمد عبد العزيز بشاربه و قمصانه المذركشة فتى لأحلامك أو باتت شرين سيف النصر أيقونة الأناقة لكى من تسريحة شعر لاكسسوار لملابس.

أصابتك قشعريرة أو بكيت حين التقى البدرى بدار بأخته وردة ، ترقبتى حفلات كاظم الساهر وأحصيتى الدباديب المهداة له ، انتظرت ليال التليفزيون وسهرة الخميس وتاكسي السهره واخترنا لك ، امتلكت جهاز أتارى بذراعين ، شطرنح ، طاولة أو كوتشينة ، بمب فى رمضان، مسدس فى العيد.

إن تحققت بك خمسا من هذه الشروط عزيزى القارئ يشرفنى إصطحايك لمخزن الأشياء القديمة أو دعنا نوصفها بالجميلة ولكن فضلا اتركوا الهواتف المحمولة وكل ما له علاقة بإبقائك مستقبلا طيلة الوقت لأى نوع من التواصل اللاحقيقى بالخارج. نفتح الباب بالمواجهة نجد تلفاز ضخم والضخامة هنا لا تعنى عدد كبير من البوصات ولكن تعنى صندوق خلفى كبير لشاشة رمادية تصير لثوان فضية حين بدء التشغيل بضغط زر على اليمين بالاعلى يبعد تلاثة سنتيمترات عن صف مرقم لثمان قنوات ، بالطبع لا تعمل القنوات الثمانية ربما إن كنا من المحظوظين تعمل ثلاثة او أربعة منها، اسفل القنوات زران بمسار مستقيم للحركة أحدهما للتحكم بالصوت والآخر لتحكم بالالوان.

دعنا تنتقل لبوفيه خشبى عريض حفر على خشبه البارز بوكيهات من الورود ، فوقه وُضعت مزهرية زرقاء بأذنين أشبه بجره صغيرة خلت من الورود الا برسم لها فوق نتوئيها. بالوسط شمعدان من النحاس يجبرك أن تمد يديك لتتامله وتتفحص بديع اتقان صنعه ولونه الثابت ، بالجانب الآخر إستقر ردايو كبير بالحجم نوعا ما ، به فتحتين لشرائط الكاسيت بلون فضى وسماعتين سمراوتين و شريط ابيض لتغير الارسال استقرت فوقه اشارات سمراء للقنوات وخط احمر متحرك لتغيير القناة ، بالخلف حفر عليه عبارة national made in Japan

ننتقل لدولاب الملابس القديمة حيث تلتقط يداك علبة مكياج قديمة رديئة الصنع بشكل وردة ، صندوق أحمر من القطيفة باطار ذهبى فارغ ، فساتين بسيطة بأقمشة حريرية تتميز بالنعومة وتشابه التصميم مع جمال الخامة ورقى الألوان ، على اليمين مكتب خشبى كبير بستة ادراج ،اصطف اثنان عرضيا وأربعة طوليا ،بُعثرت داخلها روايات صغيرة ما بين روايات مصرية الجيب ، أدهم صبرى ، فلاش ، عم بطوط، عائلة ميكى، ما وراء الطبيعة ، المغامرون الخمسة ، سفارى ، المكتبة الخضراء ، مجلة العربى ، ملف المستقبل ، كوكتيل الفين.  إستقر فوق المكتب منبه معدنى مستدير يستند على قدمين صغيرتين كان له الفضل دوما فى إيقاظك وإيقاظ جيرانك بنجاح منقطع النظير.

على منضدة صغيرة hستقر تليفون أحمر اللون بقرص مستدير ، بخلفية المنضدة استقر مستندا على جدار جانبى نول متوسط الحجم مستطيل والنول فى هذا الزمن لمن لا يعرفه هو برواز خشيى مفرغ بداخله مسامير مثبتة يستخدم لتثبيت الخيوط وتوصيلها لصنع فن الكروشيه ، بجانب النول استقر منشار أركت يذكرك بفن الأركت و بهجة تحويل قطعة مصمتة من خشب الأبلاكاج إلى قطعة مفعمة بالحياة.

هذا ما أسعفتنى به ذاكرتى وذاكرة صديقة الطفولة الجميلة آلاء فقط أردت أن أمرره خشية النسيان.