الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وزير الأوقاف يحذر من السقوط الاقتصادي للدول

القاهرة 24
أخبار
الجمعة 22/فبراير/2019 - 02:29 م

حذر وزير الاوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، من مخاطر السقوط الاقتصادي للدول في الفترة المقبلة، خاصة مع حروب الجيل الرابع التي تحاك ضد المنطقة.

وقال المفتي في مقال له اليوم الجمعة: “سقوط الدول قد يكون من خارجها، وقد يكون من داخلها، ومخاطر السقوط من الداخل لا تقل عن مخاطر السقوط من الخارج ، بل إنها أشد وأعتى ما لم تنتبه الدول لذلك.

فالعدو الخارجي عدو ظاهر تتوحد الشعوب غالبًا في مواجهته ، وهو عدو شرس لا يستهان به في ظل حروب الجيل الرابع والجيل الخامس ، وتطور وسائل وأدوات وإدارة الحروب الحديثة ، غير أن محاولات إسقاط الدول من داخلها تظل هي الأخطر والأكثر مكرًا ودهاء , سواء أكان ذلك بفعل عوامل خارجية أم بفعل عوامل داخلية , أم بهما معًا ، وقد يكون ذلك من خلال اللعب على الانقسامات الطائفية أو المذهبية أو العرقية أو القبلية ، غير أن هذا الأمر أيضًا مكشوف إلى حد كبير ، وتنبهت كثير من الدول لمخاطره ، وأخذت حذرها منه ، وصارت تعمل على وأد هذه الفتن في مهدها .

وليس بعيدًا عن ذلك موضوع بث الأكاذيب والشائعات التي تعمل على النيل من الرموز الوطنية , وتشويه كل إنجاز , وتهويل الهنات اليسيرة وتضخيمها , مع اختلاق الأكاذيب والافتراءات التي يعملون من خلالها على بث اليأس والإحباط في نفوس الناس ، قصد إثارتهم ضد دولهم أو تثبيط حماسهم عن العمل لأجلها على أقل تقدير .

على أن ذلك كله قد يمكن التغلب عليه حال وجود اقتصاد قوي مستقر يمكن الدول من الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية من توفير حياة كريمة لمواطنيها ، أما في حالة الضعف الاقتصادي فإن الفرصة تكون أوسع أمام الأعداء المتربصين بالدول ، العاملين على إسقاطها وإدخالها في فوضى لا تنتهي .

وعليه فلا بديل من الاعتماد على الذات من خلال زيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك ، وهو ما يجمع عليه خبراء الاقتصاد , وتحث عليه تعاليم الأديان ، وهو ما نجده في قول الحق سبحانه على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) : “ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ ” , فهي دعوة إلى زيادة الإنتاج من خلال العمل الجاد الدءوب وإلى ترشيد الاستهلاك إلى أقصى درجة ممكنة , حيث قال الحق سبحانه : ” إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ” ولم يقل إلا ما تأكلون.

وفي الدعوة إلى الإنتاج يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا  يقوم حتى يغرسها فليغرسها” , وفي الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ” .

فتحسن اقتصاد الدول أو تفادي السقوط الاقتصادي يقومان على أسس أولها : زيادة الإنتاج , وليس مجرد زيادته بل الزيادة مع الإتقان والإبداع والابتكار واقتحام المجالات الأكثر حيوية والأكثر عائدًا ومردودًا اقتصاديا .

ثانيها : ترشيد الاستهلاك , ليس في مجال الطعام والشراب فحسب , بل في كل جوانب العملية الاقتصادية : في المياه , في الكهرباء , في الغاز , في كل الخامات والأدوية المستخدمة حياتيًّا.

ثالثها : وهو بيت القصيد وفاء جميع الأفراد بالتزاماتهم تجاه وطنهم , والتخلص من الروح الاتكالية من محاولة الحصول على الخدمات دون أداء ما يقابلها , أو محاولة الحصول عليها دون قيمتها الحقيقية.

ومع تأكيدنا على أهمية تكثيف برامج الحماية الاجتماعية فإنها إنما يجب أن تذهب إلى مستحقيها الحقيقيين من الفئات الأولى بالرعاية , وأن يتحلى الجميع بالقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بتعفف من لا يستحق حتى تذهب مخصصات برامج الحماية لمن يستحق.

رابعها : إدراك أن إتاحة الخدمة خدمة , وأن المشكلة الكبرى تكمن في عدم قدرة الدول على إتاحة الخدمات الأساسية لمواطنيها نتيجة التوسع في الخدمات وعدم سداد الناس ما يقابلها ويضمن استمرارها .

ولو ضربنا أنموذجا بالكهرباء مثلا , فقد مرت بنا فترات صعبة من انقطاع الكهرباء وتدهور الخدمة مما كان له أثر شديد السلبية على مفاصل الدولة الاقتصادية من جهة ونفوس المواطنين من جهة أخرى , غير أن وزارة الكهرباء لم تكن أبدًا قادرة على توفير الخدمة فضلا عن تحسينها في ظل عدم وفاء المواطنين بسداد مقابلها , وبما يمكن الوزارة وشركاتها من تطوير بنيتها التحتية , ناهيك عن مصروفات ومتطلبات التشغيل وتجديد المحطات , وإضافة محطات جديدة وتوفير الوقود اللازم لتشغيلها , أما في حالة سداد القيمة العادلة للخدمة فإن الوزارة بلا شك ستتمكن من استمرار الخدمة بل وتطويرها , وهكذا الأمر في السكة الحديد , ومترو الأنفاق , وسائر الخدمات .

أما تهرب البعض من سداد مستحقات الخدمات أو حرصه الشديد على النفع الخاص ولو على حساب النفع العام فأمر يتنافى مع كل القيم الدينية والمبادئ والنظم الاقتصادية العادلة , ويؤدي إلى تدهور الأحوال الاقتصادية للدول وربما  سقوطها اقتصاديا بمعنى يؤدي إلى السقوط العام لها .

وليس بعيدًا عن ذلك من يريدون أن يتعاملوا مع مال الوقف بيعا أو شراء أو تأجيرًا بأقل من قيمته السوقية العادلة , وهم يعلمون أنه مال الله لا يجوز الافتئات عليه أو انتقاص حقه , وهو ما دفعنا إلى اتخاذ قرار حاسم بألا نتعامل مع مال الوقف بغير القيمة العادلة في كل ما يمكننا القانون من التعامل معه بالقيمة العادلة , والتقدم بتعديل تشريعي فيما يحتاج إلى تشريع لأداء حق مال الوقف الذي هو مال الله (عز وجل) , ويفي بتحقيق شروط الواقفين , ويشجع الناس على مزيد من الوقفيات لصالح الصحة أو التعليم أو الفقراء وسائر مجالات البر.

تابع مواقعنا