الخميس 18 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لأني أحب الله

القاهرة 24
الجمعة 23/أغسطس/2019 - 07:00 م

 

  • لو رجلك خدتك فى يوم لمنطقة الأزهر والغورية فى القاهرة إحتمال بنسبة كبيرة إنك تشوف عم “أحمد” الراجل الطيب اللى فى الصورة اللى تحت ده اللى لابس طاقية خضراء وبيشتغل شيال.. بسبب إن شوارع المنطقة هناك ضيقة والدنيا زحمة فبيكون الإعتماد أكتر على الشيال البشرى بدل عربيات النقل أو عربيات اليد الحديدية.. أسهل فى الحركة وأسرع.. عم “أحمد” شغلانته إنه بيشيل على ضهره كراتين فيها بضاعة ولعب أطفال بينقلها من المحلات اللى هناك لـ شركات الشحن اللى هتنقلها للناس اللى بيشتروا.. راجل أرزقى على باب الله، وكل يوم برزقه وكل يوم بيكسب فلوس غير اليوم التانى.. عنده عادة غريبة شوية إنه ومهما كان المبلغ اللى بيكسبه بيشيل منه كل يوم جزء بسيط على جنب.. فى نهاية كل أسبوع وتحديدًا يوم الجمعة يلم المبلغ اللى حوشه ويشترى بيه كمية طعمية كتيرة جدًا وحوالى 100 رغيف عيش ويحطهم فوق صينية كبيرة ويلف بيهم على الناس اللى ماشيين فى الشارع فى الغورية يوزع عليهم عشان يفطروا!.. العادة دى بيعملها كل يوم جمعة من سنين ولحد اللحظة دى.. لما سألوه ليه بيعمل كده جاوبهم إنه بيحب ربنا وإنه عارف ومتأكد إن اللى بيروح عند ربنا مش بيضيع وبيرجع حتى لو فى صورة تانية، وإن ثروته كلها فى صحته وإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (داووا مرضاكم بالصدقة)، وبالتالي اللى بيعمله ده بيخليه يحافظ على صحته بالصدقة اللى بيطلعها.. قال كمان: (وبعدين لو جيت حسبتها هتلاقى إن اللى أنا بدفعه ده مهما كان مايجيش تمن كشف دكتور!، اللى عند ربنا مش بيروح يا باشا).
عم أحمد شيال الغورية
عم أحمد شيال الغورية

 

  • “تيرى فوكس” شاب كندي فى أواخر السبعينات من القرن اللى فات كان عنده 18 سنة.. “تيري” شخصية متدينة -(تدين بمعايير النشأة والبيئة طبعاً)- وعلاقته بـ ربنا كانت متغلفة بالحب.. الحب اللى بسببه كان مخصص وقت من كل أسبوع للخدمة المجتمعية فى منطقته.. ياخد أطفال أيتام يفسحهم.. يطلع من الفلوس اللى بيحشوها عشان يساعد شخص مشرد بيها.. يروح فى أكبر سوبر ماركت فى المدينة اللى فيها عشان يشيل أكياس من الناس ويوصلها بالعجلة بتاعته لبيتهم عشان مايتعبوش وهما شايلين!.. ماينفعش يفوت أسبوع بدون ما يعمل حاجة خير بتعدد أشكالها.. للأسف “تيري” أصيب بسرطان العظام فى رُكبته اليمنى.. قرر الأطباء بتر القدم اليمنى كلها.. أمر صعب وقاسى على شاب لسه فى بداية حياته.. لما سأل الاطباء عن سبب لجوئهم لخيار البتر قالوله إن الطب ماسابش أى فرصة قدامهم غير البتر وإن أبحاث تطوير علاج النوع ده من السرطان هتتكلف 10 مليون دولار وهو مبلغ مش متوفر من الحكومة فى وقتها.. تمت عملية البتر وركب ساق صناعية.. طبعاً وبسبب الى حصل؛ حنفية مساعدته للناس وقفت، وللأسف مفيش فى إيده بعد إصابته حاجة يعملها لحد!.. بعد فترة قصيرة من الزعل والإكتئاب الطبيعين بعد العملية بدأ “تيري” يتدرب على رجله الشمال السليمة تدريبات بدنية لمدة سنة كاملة بدون ما حد يعرف إيه سبب تدريباته دى!.. اللى حصل واللى كان فى باله إنه قرر يساعد البشرية ويعمل دور مهم فى القضاء على المرض ده.. في سنة 1980  قررّ تنظيم ماراثون رياضي يمشي فيه من شرق كندا لغربها عشان يجمع مبلغ الـ 10 ملايين دولار اللازم لتطوير علاج السرطان وعشان يقول للعالم كله عن خطر المرض ده.. اللى هو مش أنا صحتى مابقتش مساعدة إنى أعمل اللى بعمله لـ ربنا كل أسبوع خلاص يبقى هنلاقي ليها تصريفة.. سمى الرحلة دى “ماراثون الأمل” .. بدأ رحلته من أقصى شرق كندا وفضل يمشى على رجله الشمال يومياً لمدة 143  يوم.. كان عمره وقتها 19 سنة.. مرّ فيها بمدن كندية كتيرة وإتعرف علي آلاف البشر وعرفه الإعلام والناس لحد ما وصل لوسط كندا وبالتحديد مدينة (ثندر باى) وقتها حس بتعب شديد وماقدرش يكمل الرحلة اللى كل الدنيا سمعت عنها.. سبب التعب كان لأن المرض وصل لـ رئتيه.. طول الرحلة كان “تيري” رافض يعمل أى حوارات ولقاءات تليفزيونية ومركز بس فى هدفه اللى إختاره بعيد عن الشو.. بعدها بكام شهر إتوفي “تيري فوكس”.. بس بعد ما كان جمع 28 مليون دولار وبلغت التبرعات بعد وفاته نصف مليار!.. المبلغ ده كان هو نواة تطوير أبحاث علاج السرطان فى بلده.. إتعمل له تمثال من البرونز موجود فى قلب عاصمة كندا (أوتاوا).. مع الوقت التمثال بقى تماثيل كثير فى كتير من عواصم العالم.. كتب كتيرة إتكتب فيها قصة “تيري” وعن شخصيته وحياته الأسرية وعلاقته بأصحابه وأهله.. كلام من ناس كتير من كل حتة فى العالم عن شخص جميل أى واحد فينا كان يتمني يقابله ويقعد معاه ولو ساعتين تلاتة.. شخص كانت بتتكرر على لسانه وبحسب تصريحات كل اللى شافوه أو عاشروه جملة واحدة لما بيتسأل عن السبب لكل اللى بيعمله؛ جملة واحدة بس: ( لأني أحب الله)..  لحد النهاردة ورغم مرور السنين دى كلها على وفاته مازال حتى الآن من خلال الجمعيات اللى شايلة إسمه بتتلم فلوس بيتساعد بيها ناس مريضة أو مشردة.. وده ليه؟.. لأن اللى عند ربنا مش بيضيع.

 

البطل تيري فوكس وتمثاله
البطل تيري فوكس وتمثاله
  • الإنبوكس:
  • أنا “أحمد سيد”.. بدرس فى أولي كلية، وأبويا بيشتغل سواق تاكسي وإسمه “سيد” وعنده 70 سنة.. أبويا طول عمره قايم نايم بيحلم إنه يسافر يعمل عمرة.. نفسه يزور الكعبة وقبر سيدنا النبي.. لكن اللى جاي دايماً بيكون على قد اللى رايح ده لو ماكانش كمان أقل!.. أبويا أساساً إتجوز كبير فى السن، ومهنة سواقة التاكسي معادتش بتجيب زى زمان قبل أوبر وكريم.. حط على كده مصاريفي أنا أيام دروس الثانوية العامة.. حط برضه إن يكون عندك أختين بنات على وش جواز وجهازهم محتاج مبلغ يتشال على جنب كل شوية عشان لما ولاد الحلال يخبطوا على الباب يلاقوا البنات متسترة مش أبيض كده.. كل دى حاجات كانت بتخلّى حلم أبويا وأمنيته الوحيدة يبعدوا شوية بشوية ويوم عن التاني.. هو خلاص كان فقد الأمل أصلاً لدرجة إنه كان بيقول لى: (اللى باقي فى العمر مش قد اللى راح يا “أحمد”، ولو أجل ربنا جه أمانة عليك تبقى تعمل لي عمرة!).. على قد ما هو أبويا وحبيبي وسندى بس كان بيغيطني من تصرفاته اللى مابقاش حد بيعملها فى الزمن ده دلوقتي.. تصرفات كلها مبنية على الأصول والشهامة اللى للأسف مش بتتقدر.. زبونة تنسي شنطتها معاه وتنزل من العربية.. يكتشف إن فيه شنطة فى الكنبة اللى ورا.. يرجع تاني مكان ما نزل الست ويفضل واقف هناك بالنص يوم على أمل إنها تيجي تكون بتدور فى نفس المكان على شنطتها!.. يا عم طيب إنت تفكيرك هيألك كده، إيش عرّفك إنها هى كمان هتفكر بنفس الطريقة وهتيجى فى نفس الحتة اللى نزلتها عندها!.. يقول لك: (لأ، كله لـ ربنا).. يضيع من وقت رزقه عشان يرجع أمانة بتاعت ست مايعرفش عنها حاجة ولا هى تعرفه!.. وسبحان الله فعلاً تيجي الست وتاخد منه الشنطة كإنهم متفقين!.. مرة تانية يلاقي ست بسيطة بتعيط فى الشارع والناس ملمومة حواليها عشان تاهت من جوزها.. ينزل يتكلم معاها زي الناس.. مالك فيه إيه؟.. يعرفوا إنها من طنطا وكانت جاية تكشف مع جوزها بس تاهوا من بعض، وماتعرفش رقم تليفونه ولا معاها ورق يثبت شخصيتها ولا أى بتاع!.. تقول لهم بس أنا عارفة طريق بيتنا فى طنطا!.. يتطوع أبويا ويقول: (يالا بينا يا بنتي).. يالا بيكم على فين يا عم الحاج!.. يقول لك هوديها طنطا!.. يا صلاة النبي!.. ياخدها فعلاً بالتاكسي ويوصلها لـ باب بيتهم هناك ويرجع، وطبعاً مشوار زى ده من القاهرة بياكل اليوم كله رايح جاى!.. بس هو ولا بيفرق معاه، ولما ألومه أنا أو أمي أو واحدة من إخواتي يرد علينا: (الكلمة، الفعل، وحتى النفس؛ كله بيقعد عند ربنا).. خد من ده كتير بقي يا أستاذنا لحد ما كلنا فى البيت زهقنا وسيبناه براحته لفلسفته وبدون ما حد فينا يتدخل ولا يوجهه.. فى مرة وهو نايم حلم  إن فيه حرامي بيجرى وراه!.. الحرامي سايق عربية، وأبويا قدامه بالتاكسي بتاعه بيحاول يهرب منه.. وصل بالعربية بتاعته للكعبة فساب العربية بره ودخل الحرم المكي عشان يحتمى بيه!.. بيبص وراه لقى فيه عسكري ماسك الحرامي من قفاه!.. حلم كارتوني ومضحك وأنا إتريقت عليه لما حكاه لينا فى البيت الصبح.. طنش تريقتي وضحك معايا على ضحكى وقال يارب.. بعدها بيومين وهو ماشى على الطريق الدائري فيه 3 شباب راكبين عربية شيك وقفوه على الطريق وثبتوه.. كانوا عايزين يسرقوا التاكسي منه وهددوه بالمطاوى وخدوا فلوسه ورموه بره العربية فى الشارع وواحد منهم خدها منه وهرب بيها والإتنين التانيين خدوا عربيتهم وخلعوا برضه.. قعد أبويا يعيط على الرصيف.. مش عارف يرجع البيت يورينا وشه إزاى أو يقول إيه.. فضل قاعد على الأرض على الطريق الدائري 4 ساعات متواصلة بيبكي.. كان فيه دورية شرطة معدية جنبه خدوه معاهم على القسم وعمل محضر وإداهم مواصفات عربيته اللى إتسرقت.. من خلال مواصفات العربية قدروا يقبضوا على العيال اللى سرقوا العربية واللى نتيجة التحقيق أثبتت إنهم ماكنوش فى وعيهم ومبرشمين وإنها كانت لحظة هزار طايش منهم قلبت بجد ولما شاف الندم الحقيقى فى عيونهم قرر أبويا يتنازل عن المحضر عشان مايضرهمش فى مستقبلهم خصوصًا إنهم طلبة جامعيين وقال الحمدلله إن التاكسي نفسه رجع.. تانى يوم جالنا البيت أبو واحد من العيال جاب عنوان بيتنا من القسم!.. جه عشان يشكر أبويا على تصرفه، ويعرض عليه يديله فلوس فأبويا يرفض ويقول له: (أنا معملتش حاجة، وربنا يعينك على تربيته، أنا برضه عندى “أحمد” فى نفس سنه).. لكن الراجل يصمم يكافىء أبويا!.. يطلع مين يا أستاذنا الراجل ده؟.. صاحب شركة كبيرة من شركات السياحة وتنتهي الخناقة بتاعت التصميم والرفض بين الإتنين إنه يدي أبويا رحلة عمرة ببلاش هدية!.. تخيل!.. لما جه عريس يتقدم لـ “أمل” أختي الكبيرة، ورغم ظروفه اللى زى الزفت وضعف الحال بيقرر أبويا إنه يطلب منه مهلة للتفكير.. “أمل” أساساً كانت مظبطة مع العريس من قبل ما ييجي وموافقة عليه بس أبويا طلب مهلة أسبوع.. العريس بيشتغل ديلفري.. طول الأسبوع ده أبويا كان بيراقبه!.. يمشي وراه بالتاكسي بتاعه مرتين فى اليوم.. يشوفه بيقعد فين.. بيقابل مين.. يسأل عنه.. شافه لو الآذان أذن وهو فى المحل أو بيوصل أوردر بيدخل يصلي فى أقرب جامع.. أم العريس بتتعالج فى مصحة نفسية، ولازم كل يوم يمر عليها فى المصحة يقعد معاها 3 ساعات يشوف طلباتها!.. شافه بيراعي ربنا فى حاجات كتيرة، وده خلاّه ياخد قرار الموافقة فى نهاية الأسبوع.. قبل ما ييجي العريس قعدت مع أبويا، وسألته: (يعني يا بابا ماكنش ينفع نشوف عريس أحسن لـ “أمل”!، حد يرفع مستوانا شوية ويخلّى البنت تعيش عيشة حلوة).. يرد بحسم: (لأ.. هى إختارته، وأنا شايف إنه مايتعيبش).. سألته بِعند: (قول لى ميزة واحدة بس شايفها فيه؟).. رد بدون تفكير: (بيخاف ربنا.. واللى بيخاف ربنا ده لا تخاف منه ولا تخاف عليه).

الرد:

  • معيار أى فعل بنعمله  لازم يكون مبنى على أساس إنك قبل ما تعمل كذا بتكون شايف ربنا قدامك ولا لأ.. حتى معيار إختيارنا للأشخاص اللى بتدخل فى حياتنا لازم يكون مبنى على نقطة: (فلان ده بيخاف من ربنا وبيحبه ولا لأ).. لو بيحبه ويعرفه وبيراعيه؛ يبقي تسلمه عمرك وإنت مغمض.. لأن فعلاً اللى زى ده لا تخاف منه ولا تخاف عليه.. كلنا بنغلط وكلنا بنعمل فى الخفا اللى يخلينا نتكسف نبص على وشوشنا فى المراية بس أفضلنا اللى سايب باب متوارب فى علاقته بـ ربنا.. باب متغلف بالمحبة قبل الخوف.. عُمر يقيني ما نقص ولو للحظة إن كل حاجة بتتعمل سواء خير أو شر بتترد فى الدنيا والآخرة.. الإستثمار مع ربنا دايماً كسبان، ومافيهوش إحتمالية للخسارة.. وزى ما قولنا قبل كده الخير دايرة والشر دايرة.. اللى هتعمله النهاردة هيترد بكره وبكل تفاصيله.. ربنا مابينساش.. الموضوع ملوش علاقة بـ دين أو جنسية.. معادلة بسيطة: (تدى هتاخد) و فى الدنيا قبل الآخرة.. من الحقائق الحياتية الثابتة إنك مهما شفت ومهما طال الوقت بتتأكد إن جُملة ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ مش مجرد آية؛ لكن توكيد آلهى إن الخير أو الشر ومهما كان صغير أو كبير هـ يلف يلف ويرجع.

 

 

 

 

تابع مواقعنا