“السرايا الزرقاء”.. أوغاد في وادينا الطيب!
يتنمرون.. يشوهون.. يشككون.. يُصبيني ذلك الكم من الحقائق المشوهة، والاجتزاء خارج السياق، بحالة من الكآبة والحزن، الشديدين الذين أصل معها إلى العصبية أحيانًا مع أحدهم، لمجرد نقله معلومة مغلوطة، أو تبنيه وجهة نظر لزاوية منقوصة، خاصة حينما يتعلق الأمر بصلب عمله وتخصصه الصحفي، “نشر المعلومات ونقل الأخبار”.
ما تعرضنا له طيلة سنوات ماضية، من استهداف للهوية الثقافية، والاجتماعية، أنتج فكرًا سطحيًا، وتمخض عنه أجيالًا تبحث عن الوجاهة الثقافة في منشور منقول، ومعلومات محرفة، لا أصل لها ولا وجود.
ما تعرض له الفنان أحمد فلوكس، من حملة شرسة، على فيس بوك، إثر حضوره إحدى الفعاليات الخيرية، لمجرد أن انتشرت صورًا له، وهو يتجول بإحدى المدارس، طالت إنسانيته، وشخصه، وخاضت في سمعته، وأخلاقه، وتجاهل هؤلاء الأوغاد، أن الرجل يعمل سفيرًا لحملة، “عنيك في عنينا”، لمكافحة مسببات العمى، وسفير لمؤسسة صناع الخير، وأنه مشارك نشط لكل الأنشطة الخيرية، ومنها حملة “اطمن علي نفسك”، لمحاربة فيروس سي.
الرجل دُعي لحضور حفل افتتاح قرية دار السلام بمركز يوسف الصديق بالفيوم، ضمن فريق صناع الخير، وليس دفاعًا عن الرجل، ولكن كغيره من ضحايا نالهم “غول السوشيال”، ونهش دعوتهم للخير، ومشاركتهم فيه، سيئوا النية.
عن قصد أو دون، يتناقل مدمنو السوشيال ميديا ما يتوافق مع هواهم، أو يتماشي مع ذوقهم، وفكرهم، وإنسانيتهم، لكن معظمهم لا يتعقل فيما يتناقله في ظل ثقافة اللاوعي، وحرية التناول، وعشوائية النقل الجماعي، دون أن يدري أن ببضع كلمات قد يغضب إنسان أو يكتئب أو تتحول إيجابيته إلى سلبية مقيته.
“السرايا الزرقاء”، وصف دقيق يتماهى تمامًا مع واقع العالم الأفتراضي، وإسقاط تهمة الجنون على مدمني “السوشيال ميديا”، وما يحمله من أضرار اجتماعية، وصحية، وعبودية، الانفصال عن الواقع، ونشر الأفكار المتطرفة، والتعرض إلى الشائعات والحملات الموجهة، حيث إن كم الأخبار السيئة التي تُنشر عليها يجذب المستخدمين، ولكن ذلك يؤدي في النهاية إلى شيوع مناخ سلبي حافل بالتشاؤم، وانعدام الاستمتاع بالعلاقات الاجتماعية، والتواصل مع الأقارب على أرض الواقع.
عشرات المرات التي خضنا فيها سجالات، ونقاشات، طويلة مع أشخاص لمجرد تبنيهم زاوية محددة لوجهة نظر قرأوها على فيس بوك، واعتقادهم أنها الصواب، وما دونها الخطأ كله.
مستخدمون في الخفاء، يشوهون أي إنجاز، ويثبطون أي همم، لكن الشائعات مهما سببت من جراح فسوف تهزمها الحقائق بمرور الوقت، وبمزيد من الصبر.
