الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شباك الغرفة 20 بالدور السادس.. هُنا ماتت لمياء محمد طالبة الطب البيطري بجامعة القاهرة

القاهرة 24
أخبار
الإثنين 11/نوفمبر/2019 - 09:15 م

عربات أمن منتشرة، وأفراد شرطة يحملون أجهزة لا سلكية، حالة من فرط الحركة المصاحب لكل كارثة تحدث داخل المؤسسات الحكومية، “رايحة فين يا آنسة.. كارنيهك.. ممنوع الدخول لمبنى إدارة المدينة.. إحنا في حالة طوارئ.. على المنتقبة خلع نقابها أمام إحدى المشرفات بالداخل”.

في مدخل مدينة الجيزة الجامعية للطالبات، مبنى للزائرين، لا تطأه قدماك إلا وتجد فرد الأمن يأتي إليك مهرولًا ليسألك ماذا تريد؟ ومن أنت؟ ولمَ أتيت هنا؟ من فضلك امشي دلوقتي.

في منطقة آخرى في مدخل المدينة، وإن كانت تشترك مع المدخل جغرافيًا، فإنها بعيدة كل البُعد عنه إنسانيًا، فتيات يكسو وجوههن الحزن الشديد، البعض يبكي أثناء سيره، والبعض الآخر شارد الوجه متجهم.

اللون الأسود كان سيد الموقف داخل مدينة المغتربات بالجيزة، جميع الطالبات في حالة حداد سواء كن صديقات للطالبة لمياء محمد السيد، التي وافتها المنية مساء أمس، إثر سقوطها من شرفة غرفتها من الدور السادس، أثناء نشر ملابسها بعدما فقدت توازنها، أو كن حتى لا يعرفنها من قبل، الكل حزين جدًا لفراقها الذي أرجعه البعض لقصور شديد في الخدمات داخل المدينة، واصفًا موتها بـ”الظّلم”.

الطالبة لمياء محمد السيد ابراهيم
الطالبة لمياء محمد ضحية المدينة الجامعية

تحمل غرفة لمياء رقم 20، في الدور السادس من المبنى الأول بمدينة الجيزة للطالبات، كانت لمياء بمفردها في الغرفة الكبيرة التي بها 4 أسرة لأربعة طالبات، لكنها كانت الساكنة الوحيدة بالغرفة، فقد اتفقت لمياء مع صديقاتها أن تلتقيهن بعد أن تنتهي من غسل ونشر ملابسها.

وقفت لمياء على الكرسي لتصل من خلاله للمنشر، لحظات وهوت الطالبة بعدما فقدت توازنها وهي تنظر لأسفل من شرفة غرفتها، ارتطمت بالأرض في مشهد وصفته صديقاتها بالمأساوي، واستطعن التعرف بصعوبة علي وجهها المشوه الغارق في الدماء، “ده لمياء غرقانة في دمائها.. انقذوها حد يطلب إسعاف”.

ما لفت الانتباه حقًا هو شكل المنشر، حبلان بلاستيكيان يبلغ طولهما مترًا، مربوطان في الشباك من داخل الغرفة 20، الضلفتان مفتوحتان على مصراعيهما، فقط على الفتاة أن تقف على كرسي ثم تمد يدها لتطال الحبل، وهذا حال كثير من الطالبات داخل المدينة.

غرفة مواجهة لغرفة ضحية المدينة الجامعية
غرفة مواجهة لغرفة ضحية المدينة الجامعية

لا تحتوي مدينة الجيزة للطالبات على مناشر آدمية مؤمنة للفتيات، سوى بالمبنى الخامس والسادس، أما باقي المباني فالمناشر بها مثل المنشر الذي توفت على إثر النشر به لمياء محمد.

وكانت صديقات لمياء قد شهدن على مشهد وفاتها، حيث أوضحت يمنى علي، طالبة بالفرفة الثالثة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، والصديقة المقربة للمياء، تفاصيل وفاتها، مبينةً أنها علمت بخبر سقوط لمياء من شرفة غرفتها من عبارة: “دي لمياء غرقانة في دمها بقالها ساعة”.

تروي يمنى تفاصيل مشهد وفاة لمياء لـ”القاهرة24″، موضحة أن لمياء قبل وفاتها بساعات قليلة، كانت تتفق معها على كيفية تقديم العرض لمادة الميكروبيولجي داخل السكشن بالكلية على تطبيق “واتس آب”، وما هي إلا ساعات وسمعوا أن هناك فتاة سقطت من الدور السادس في تمام الساعة 12.5 صباحًا.

وأضافت يمنى: “أول ما سمعت طلعت أجري أشوف مين دي، محدش عارفاها لأنها كانت غرقانة في دمها ومشوهة، كل اللي ييجي يقول هنعمل إيه ويقف جمب التاني يتفرج عليها، ولا عملولها إسعافات أولية حتى، سابوها تنزف دم أكثر من ساعة على الأرض، أكتر حاجة قدروا عليها إنهم غطوها وقالولنا دي ماتت بدون ماتروح لأي مستشفى حتى”.

وأشارت صديقة لمياء، إلى أن أول من اكتشف الحادث، الأفارقة الموجودين بالمدينة، مبينةً أنه حينما علم أصدقاءه لمياء بالخبر “كل واحدة كان بيغمى عليها من هول المنظر”.

موقع مصرع طالبة الطب البيطري داخل المدينة الجامعية
موقع مصرع طالبة الطب البيطري داخل المدينة الجامعية

وبحسب طالبة الطب البيطري: “عندنا باب في مدينة الجيزة بيودي على مستشفى الطلبة مباشرة، خطوتين بالظبط ونكون في المستشفى، المفترض كان يشيلها حد من المدينة ويوديها المستشفى يعملها أي إسعافات هناك، الأمر مش محتاج لعربية إسعاف، ولا إنهم يسبوها غرقانة في دمها أكثر من ساعة”.

وأردفت، حينما أرادت الطالبات أن يطمئنن على لمياء، أخبروهن أن يدخلن لغرفهن لأنها في الرعاية، كما أنهن لم يعلمن عن خبر وفاتها إلا من مواقع التواصل الاجتماعي وليس من مسئولي المدينة أو الجامعة.

وأشارت يمنى، إلى أن المنشر الذي ينشرن عليه ملابسهن في المدينة، بعيد عن متناول أيدي الطالبات، فلابد أن تقف الطالبة على كرسي وتمد يدها كي تحاول أن تنشر على الحبال المعلقة بالشباك في غرفتها السكنية، فإذا نظرت الفتاة لأسفل حتمًا ستفقد التوازن.

وأوضحت، أن رئيس جامعة القاهرة أخبرهن أنه سيلغي كافة الامتحانات بكلية الطب البيطري ليهدأ من روع الطالبات بالمدينة، كما أن رئيس الجامعة والمسئولين صلوا على لمياء صلاة الجنازة وحدهم، ورفضوا صلاة الطالبات عليها، الأمر الذي جعل الطالبات تصلي عليها داخل الكلية، مضيفة: “مفيش أي طالبة اتسمح لها تصلي صلاة الجنازة عليها، فصلينا عليها صلاة الغائب في الكلية”.

وأعربت يمنى عن شدة حزنها لوفاة صديقتها لمياء، وتساءلت: “كيف كان رد فعل والدها ووالدتها حينما أخبروهما وهما في دولة البحرين بهذا الخبر قائلين بنتكم ماتت وهي لوحدها، تعالوا استلموا جثتها من التلاجة؟”.

وعلى الجانب الآخر من أرجاء كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، تجلس سارة والحزن مخيم على وجهها، وبسؤالها أوضحت أنها زميلة للمياء منذ أن كانا في الفرقة الأولى، فقد قدما بالعديد من الأنشطة سويًا.

وأضافت سارة: “كنا زمايل وأعرفها لما حوّلت من السكشن وبقيت معاها، وقدمنا سوا أنشطة كثير، دخلت معانا في مرة امتحان الشفوي وكنا 5 أفراد، وعلى الرغم من أنها جاوبت بشكل سيئ إلا أنها الوحيدة اللي بتهدي فينا لما خرجنا، هي كانت دايمًا بتكره تتكلم عن حد في غيابه، كانت في حالها تمامًا، هي متستاهلش الظلم اللي حصل لها”.

تنتمي لمياء محمد لأسرة تعيش في دولة البحرين، ولها أخ أصغر منها بسنتين، طالب بالفرقة الأولى بكلية الطب، كانت تعيش مع جدتها في محافظة بني سويف، وحصلت على الثانوية العامة من البحرين، وجاءت مصر لتحصل علي درجة البكارليوس في الطب البيطري.

وحسب إحدى العاملات بالمدينة، فإن خالة لمياء جاءت لتستلم جثتها لكن الإدارة رفضت ذلك، لأن والديها على وصول من البحرين لتسلم الجثمان من ثلاجة مستشفى الطلبة بالجيزة.

تابع مواقعنا