الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

سامح محجوب يكتب: “للكبار فقط”

القاهرة 24
ثقافة
الإثنين 16/ديسمبر/2019 - 03:36 م

التجريب، هو السبيل الوحيد للنجاة بالفن من الارتطام بالتكرار والاجترار والملل، بل لعله الفن نفسه، لا أعرف كيف يزعم إنسان أنه مبدع ولم تسوِّل له نفسه أن يخرج ولو مرة واحدة عن القضبان؟!

إن تاريخ البشرية لا يحتفظ ولن يحتفظ أبدًا بمن نزلوا بفنهم وإنسانيتهم لذائقة العوام وتمثّلات العاديين للفن، فالمهمة المقدسة للفنان، هي أن يرتفع بوعي وذائقة الناس، لترى الفن ضرورة حياة وقوة وحيدة وأخيرة للتغيير، المهمة التي تبدو للبعض صدامًا وخروجًا عن المألوف وتجديفًا ضد التيار، تمامًا مثلما فعل الممثل السوري حسين مرعي الذي ظهر عاريًا تمامًا في العرض السوري الألماني “يا كبير”، والذي استضافته أيام قرطاج المسرحية بتونس.

الأمر الذي أثار حفيظة قطاع عريض من المجتمع العربي المنافق الملتاث بنصفه الأسفل، المجتمع الذي ما زال يتعامل مع الجسد كعورة، حتى وإن كان موظفًا فنيًا في عرض مسرحي أو أي عمل فني آخر.

هذا المجتمع المنافق نفسه، شاهد ذات لحظة عربية تعيسة أجساد السجناء العراقيين عارية ومنتهكة في أبشع مشهد إنساني في سجن أبو غريب ولم ينتفض !!

هذا المجتمع المنافق شاهد الفتيات الإيزيديات يعرضن ويبعن في سوق النخاسة على أيدي عصابات داعش ولم يغضب!! هو نفسه المجتمع الذي انتفض ونفر الدم فى عروقه ضد عمل نحتي لجسد امرأة عارية على جذع شجرة نفذه فنان سوري أيضًا في دمشق.

إنه المجتمع العربي المنافق الذي يشاهد نفسه يوميًا على أكبر خشبة مسرح في التاريخ، وهو يؤدي دور الإنسان الذي لم يكنه، ما دام لم يتحرر من هواجسه الأخلاقية التي راكمتها التفسيرات السلطوية والشعبوية للدين والقيم.

الفن يا سادة، هو ملاذنا الأخير لستر عوراتنا الروحية التي داست عليها خيول الجهل والتطرف، تعروا احتجاجًا على قتل وتشريد وتجويع الملايين من السوريين والعراقيين واليمنيين، تعروا لعلكم تتطهرون من نفاقكم وجهلكم، تعروا لعلكم تدركون معنى أن يتخلص إنسان متفوق دراسيًا – كطالب الهندسة – من حياته التي بدت له باهتة وعدمية، في ظل السقوط المروع للخير والعدل والجمال.

تعروا احتجاجًا على اعتساف القيمة في التعليم والفن احتجاجًا على النظم التوتاليتارية، التي حوَّلت الإنسان إلى نمط ورقم، تعروا فقد بدأ الإنسان رهانه الأول على الحياة عاريًا.

تابع مواقعنا