صاحب أول مركب شراعي من طراز فرعوني يروي تفاصيل إنشاء سفينة “حقول الأيارو”

“الجنة والحياة الأخرة عند قدماء المصريين”، منطلق تسمية المركب الذي حمل تصميمه طرازًا فرعونيًا خالصًا بصعيد مصر باسم “حقول الأيارو”،  فحقول الحياة الأخرة عند المصريين القدماء كانت مليئة بالقمح والنخيل، يغلب عليها ألوان الأزرق والأخضر والأصفر، طُبق كل هذا بشكل عملي إلى واقع مرئي وملموس بل ومتحرك داخل منبع نفس الحضارة التي استمدت منها فكرة المركب، وهو نهر النيل.

6 أشهر كانت مدة كافية ووافية لتحويل الفكرة لواقع، مدة توجها 15 عاملًا بالعمل الدؤوب الجادي لإخراج مُنتج سياحي يستحق بالفعل أن يرتبط بنهر النيل و أن يسير بفخر في مجراه، كأول مركب في تاريخ نهر النيل يحمل طرازه ومكنوناته، بل وتم الأخذ في الاعتبار بكل مفرادت هذه الحقول لدى قدماء المصريين وعناصرها النباتية وألوانها و كل ما يمكن أن يُدلل عنها بعد تجريدها والخروج بأعمال فنية متنوعة، حتى أن كل المنتجات المصرية على ظهر المركب سواء كانت منسوجات، أو أعمال خزفية وفخارية، أو أعمال زجاجية، كانت يدوية الصنع ذات طراز مصري رفيع المستوى.

“يجب أن يُحترم نهرنا الخالد و أن تُبجل حضارته، وأن أضعهم نصب عيني طيلة فترة الـتأسيس والإنشاء، ويجب أن تُحترم كل مُفردات الشخصية المصرية الحديثة التي توارثت في مكنوناتها الخفية و الظاهرة، مدلولات عميقة لا تخفى عن الأعيُن المتأملة و المُحللة”، أسامة بشرى صاحب فكرة حقول الأيارو مضيفًا.

المسؤلية التي اُلقيت على عاتق أسامة بشرى، المرشد السياحي، الزمته باالانتهاء من هذا العمل في مدة زمنية مُحددة لا يمكن بأي حال تجاوزها، ولم يكن هذا التحدي الأكبر على الإطلاق بالنسبة له، بل كان التحدي الحقيقي هو ماذا يُمكن أن يُمثل إضافة حقيقية بما أن صاحب فكرة المركب لا يميل لتكرار أفكاره أو أفكار الأخرين؟

اكتشف بشرى بعد التفكر الكثير أنه ليس هناك مُنتج سياحي على ضفاف نهرنا الخالد استطاع أن يحترم شخصيته و يُلم بمكنونات و تفاصيل حضارتنا التي قامت على ضفافه، بل وجنح الكثيرون إلى مسارات و تفاصيل فنية لا تمُت بصلة إلى المُنتج الذي يتم تقديمه و هو ببساطة المُنتج المصري بكل ثرائه و تفريعاته.

وأردف المرشد السياحي، أن حقول الأيارو هي مركب ذهبية شراعية تسير من الأقصر لأسوان والعكس، لذلك صمم بشرى على أن تبنى المركب على أساس ثقافي مصري بحت،  فليس هناك جزء في هذه المركب ليس يدوي الصنع، وهذا هو لب فكرته، فهي أول سفينة في مصر تكن مصممة بهذا الطراز تحترم كل تفاصيل الحضارة المصرية الفرعونية.

وبيّن: “اشتغل على المركب طقم مكون من 15 فردًا، كنت أنا المرشد المدير بتاعهم، فأنا قمت بدورين وهما مرشد سياحي للسياح، ومن جهة أخرى أتولى الإدارة، وكان العنصر الأساسي للمركب هو احترام كل تفاصيل الفن المصري القديم من جهة، ومن جهة أخرى الاعتماد على كل الأيادي المصرية الأصيلة فيما يخص العمالة والتصميمات والإخراج وحتى المنتجات الموجودة على ظهر المركب من أطباق وكوبيات وفرش وسجاجيد”.

ما ساعد المرشد السياحي على تنفيذ فكرته هو معرفته منذ اليوم الأول بما يريد أن يصل إليه بالتفصيل وأيضًا بنتائج فكرته التي بناها “طوبة طوبة”، ولذلك اعتمد على مجهوده اليومي في كل منطقة يزورها ليشتري منها خامات ومنسوجات وأعمال خزفية، فقد أشرف أسامة على مشروعين من قبل ولكنه لا يعتبرهما مشروعين لأن أفكارهما كانت غير مكتملة، على عكس مركب حقول الأيارو التي كانت مكتملة منذ أول يوم عمل بها.

منذ أن عمل أسامة بشرى بالإرشاد السياحي من 25 عامًا، وهو يحلم أسامة أن يصنع منتجًا مصريًا خالصًا، لأن أغلب المراكب السياحية ليس لها علاقة بالنيل، فمنها ما هو كلاسيكي أو حديث أو عربي خالص، لذلك بلورّ المرشد السياحي فكرة المركب ذي الطراز المصري الفرعوني ليقدم للمرة الأولى في تاريخ النيل منتجًا فريدًا ليس به أخطاء.

ولد بشرى بمحافظة الأسكندرية وعاش بالقاهرة، ثم عاش في محافظة الأقصر لسنوات عديدة، لم يتخرج المرشد السياحي من أي كلية، بل يرى أن الشهادة الجامعية ليست معيارًا لنجاح أي شخص، وقرر أن يعتمد على مجهوده في فهم الموضوعات المختلفة فيما حوله.

أحب أسامة مجال الإرشاد السياحي ودخله كهواية، وليس من منظور مادي اقتصادي، وعن خطواته القادمة فأوضح: “أنا لسه أضع أخر لمسات في مركب الأيارو حتى تكون جاهزة للسياح يوم 28/12، ولذلك فأنا لم أفكر في خطوات قادمة بعد، مع العلم أنه قد عُرض عليّ مشروعات عديدة حاليًا ولكني أفكر فيما يمكن فعله بهذه المشروعات بحيث تظل في سياق الجملة المصرية مع وجود تغير بسيط حتى لا نكرر الأفكار”.