الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

سيد صادق يصرخ مع العباس السكري: بعض الفنانين مش لاقيين الفتات وحالهم يقطّع القلب

القاهرة 24
فن
السبت 22/فبراير/2020 - 02:00 م

تدق عقارب الساعة لتعلن العاشرة من صباح كل يوم، يفتح باب “المحل”، ويتم ترتيب البضاعة استفتاحا باليوم الجديد، في هذا التوقيت يدخل الفنان الكبير أو “الحاج” سيد صادق، مكتبه، ليبدأ يومه من وسط القاهرة بأحد الشوارع المتفرعة من “شاملبيون”، شاشة التلفزيون أمامه، وريموت التلفزيون والتكييف فى يده، وبجواره “الشيشة” التى يتناولها من حين لآخر، وفوق المكتب فنجان “قهوة”، يحتسي رشفة منه، ويتبعه بنفس دخان، ويبدأ في مراجعة الحسابات ومتابعة البضاعة الوارد والصادر منها، حتى يرفع أذان الظهر، فيخرج يصلي مع أهل المنطقة، ثم يعود لاستكمال عمله في هدوء وصمت، حتى يؤذن لصلاة العصر فيؤديها ويجلس بعدها فى مكتبه قرابة الساعة وينصرف.

سيد صادق

هكذا يقضى الفنان الكبير سيد صادق نصف يومه في السنوات الأخيرة منذ استبعاده عن التمثيل، فلا يعقل أن يمضي رجل أكثر من نصف عمره يعمل فى مهنة “الفن” بإخلاص وجهد وعرق، ثم يتجاهله صناع هذه المهنة نتيجة هذا الإخلاص وهذا الجهد وهذا العرق.. سيد صادق يريد أن يعود للكاميرا حبا في الفن لا المال، فالرجل لم يجن ثروة من الفن مطلقا، رغم أنه أفنى أكثر من نصف حياته في السينما والمسرح والتليفزيون يعمل بحب وجهد وإخلاص.

سيد صادق

وإذا كان سيد صادق يقضي نصف يومه في عمله التجاري، فإنه يقضي بقية يومه مع القليل من أصدقائه، على رأسهم المخرج الكبير مجدي أبو عميرة، والفنان عبد العزيز مخيون، وأحيانا يذهب إلى النادي لممارسة هوايته “السباحة”، وبعدها يعود لمنزله ليشاهد التلفزيون وما يعرض على الشاشة، والجلوس بجوار أحفاده، فلديه 7 أحفاد، من أبنائه (بنتين وولد)، يحبهم جميعا، لكنه متعلق بحفيدته “درة” آخر العنقود، وتشغل حيزا كبيرا من وقته.

سيد صادق و العباس السكرى

التقيت بالفنان الكبير فى “محله” ليحكي عن فنه وموهبته وصنعته وحرفته، وكيف كان؟، وإلى أين صار؟، سألته كيف استهواك التمثيل؟.. فقال :”أنت تأخذنى الآن لعام 1963 حيث الأحلام الحلوة والماضي الجميل، والطالب سيد صادق الذي يرى الممثلين فيفرح، فمنذ كنت طالبا وأنا أعشق الفن، وأفكر فيه، لكني بدأت فعليا عام 1979، وقبل هذا التوقيت عملت في بعض مسرحيات توفيق الحكيم التي كانت تقدم على مسارح شارع عماد الدين، منها “الشحاتين” بطولة أمين الهنيدى، وأخذت مساحة جيدة، وكانت من تأليف الإذاعي أحمد سعيد ووضع لها الموسيقى محمد عبد الوهاب، حتى إننى تفاجأت ذات مرة بدخول عبد الحليم حافظ إلى قاعة العرض، وكنت وقتها ما زلت في بداياتي الأولى”.

سيد صادق

معرفش أتسول واطرق أبواب المنتجين

 

يستكمل “الحاج” سيد حكايته :”أتذكر عندما بدأت حصلت على تشجيع الفنان الكبير الرائع محمد رضا، وهو للحق تبناني فنيًا، كان مثل والدي، وذات مرة قدمت فزورة بالتلفزيون وجسدت من خلالها شخصية عبد الفتاح القصري، فهاتفني المعلم محمد رضا وأشاد بي، وقال لي كنت هايل يا واد، انت طلعت معلم معلم، ومن بعدها انطلقت، وكانت الانطلاقة الأكبر عندما شاركت في مسرحية “عيون” مع الأستاذ الكبير فؤاد المهندس، ويضيف :”بعد عملي المسرحي بدأت أظهر في السينما والتلفزيون، وأحيانا تضاريس الإنسان تفرض عليه لونا معينا، فتم وضعي في دور “المجرم” وهذه النوعية من الأدوار بتعّلق في ذهن الجمهور بشكل كبير، وفي إحدى المرات كنت ضيفا بندوة فقالت لي إحدى السيدات “أنت مجرم لذيذ، بتعمل الشر بس إحنا بنحبك”، هذه الجملة طمأنتني وأكدت لي أن الناس يصدقوني وعندما أجسد الشخصية أتقنها، فمثلا شخصية الحاج “علي” في مسلسل “الحقيقة والسراب” من أقرب الشخصيات إلى قلبي لأنها جمعت بين الخير والشر، وبكيت في المشهد الأخير الذي جمعني مع فيفي عبده وأنا أشاهده مع زوجتى، من فرط إحساسي بالمشهد”.

عايز اشتغل لرفع روحى المعنوية

 

من حُسن حظ سيد صادق أن لديه صنعة يمارسها مع احترافه التمثيل، سألته عن صنعته وتجارته وكيف مارسها، فرد قائلا: “التجارة صنعة، ورومان البلي أشكال وأنواع، وبدأت العمل فيه قبل دخولي المجال الفني، ولم أنقطع عن ممارسته أثناء التمثيل، ولدي مجموعة من الشباب يعملون معي منذ البداية، وهو ما سهل علّى الأمور، كانوا صغارا عندما فتحت المحل، الآن أصبحوا معلمين في الصنعة ويفهمون كل شيء، وهو ما جعلنى أوازن بين عملي الفني والتجاري”.

سيد صادق و العباس السكرى

سيد صادق الفنان الكبير الذى قدم أعمالا تجاوزت الـ 230 عملا فنيا، لم نره مدعوًا في مهرجان أو حصل على تكريم هو وكثيرين من أبناء جيله، ورغم ذلك غير معترض إطلاقا، ويقول: “فى ناس يستحقون التكريم أكثر مني، أسماء عظيمة قاعدة فى البيت ولم تُكرم، وبيصعبوا عليّ، أنا لما بشوف كده بقول الحمد لله على اللى أنا فيه، بحمد ربنا”، ويستكمل الطيب سيد صادق :”كرموا الناس اللي كانت بتمثل قبل مني وأحسن مني، كرموهم قبل فوات الأوان، أنا الحمد لله عايش حياتي وبمشي على رجلي وأحضر إلى مكتبي، ويمكن لسة محدش اكتشفني كممثل إلى الآن، وأناشد المسؤولين يبحثوا عن الفنانين اللي تركينهم ومش لاقيين الفتات، بسمع كلام يقطع القلب على حالهم، الجيل اللي قبلينا منهم كتير وقع في فخ الفقر والعوز، لكن هذا الجيل لديه وعي أكثر منا، وأنا في انتظار حد يفتكرني ويقول هاتوا سيد صادق، والحمد لله ظهوري في التلفزيون من خلال أعمالي كتير الأيام دي، حيث تعرض أعمال لي بكثرة على الفضائيات”، ويضيف :”أنا لي ربنا، يمكن أرجع أقف قدام الكاميرا من تاني، يمكن حد يفتكرني، ومكدبش عليك صعبان علي إني بعيد عن الوسط، لأني مش من النوع اللي بيخبط على البيبان، أنا مستعد للتمثيل في أي وقت وعندي رغبة، لكن مقدرش أتسول وأخبط على البيبان، أنا بقالي 4 سنين بتعاقب، أنا عملت إيه وحش عشان ما اشتغلش، ليه كل ده، وبتفاجىء بحب الناس كلما مشيت في الشارع، الناس تشاور علىّ وتقول الأستاذ سيد صادق اهو، وده أعظم تكريم”.

أنقذت حياة على الحجار من الموت ومحمود ياسين خد عربيتى وعطاها لشهيرة

 

وعن نوادره مع النجوم يحكي سيد صادق: “الملك فريد شوقي كان مسميني شُكمان، لما عرف إني بشتغل في قطع الغيار، وكل ما يشوفني كان يقولي يا شكمان ايه الوداعة دي، ويقعد يقول نكت قديمة وجديدة، واحنا كنا حواليه، كان ملك بمعنى الكلمة في الفن والإنسانية، أما الزعيم عادل إمام فهو شخصية جميلة جدا، ولما تقرب منه تحبه أكثر، وهو ناجح لأنه بيحب كل الناس اللي بتشتغل معاه، وعملت معه مشهد في فيلم التجربة الدنماركية، تكلفته الإنتاجية وقتها 2 مليون جنيه، وهو المشهد الخاص بالفرح والمجاميع، واتصرف عليه كتير وصورناه في 3 أيام، ومن النوادر أيضا كنت بصور مع النجم محمود ياسين، ولسة جايب عربية مرسيدس لقيته ركبها وراح بيها البيت، فقلت له فين العربية يا أستاذ، قال لي بصراحة يا سيد انهاردة عيد ميلاد شهيرة وهديها العربية دي هدية، ودفع تمنها بالكامل اللي أنا قلت عليه وقتها”، يضحك سيد صادق ويقول: “أنا أنقذت حياة علي الحجار، كنا بنصور فيلم الفتى الشرير في المقطم أنا وعلي الحجار ونور الشريف، وفي مشهد العربية واقفة على حافة وكانت هتقع لولا شديت الفتيس وكان بداخلها علي الحجار ونجا من موت محقق”.

ويختم الفنان الكبير حديثه قائلا :”أنا نفسي أشتغل معنويا، والحمد لله أنا متصالح مع نفسي جدا، ومعنديش حاجة أخجل منها، وأكتر حاجة بخاف منها المرض، لأنه يذل، وشفت بعيني الفنان رياض القصبجي في الستينات وهو تعبان، والحمد لله على نعمة الصحة وحب الناس”.

تابع مواقعنا